الوقت- تتعامل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية مع المعتقلين الفلسطينيين بطريقة مروعة للغاية، حيث يعذب السجانون الإسرائيليون المعتقلين جسديّاً ونفسيّاً، دون أي محاسبة قانونية.ويلجأ المعتقلون الفلسطينيون إلى الوسيلة الوحيدة لمقاومة هذه الطريقة في التعامل؛ ألا وهي الإضراب عن الطعام. حيث قد أصبح الإضراب عن الطعام جزءاً ثابتاً من حياة المعتقلين الفلسطينيين داخل السجون، ما يدل على مدى يأس هؤلاء الأسرى، فهم يرفضون الطعام، ويفضلون الموت على المعاملة المشينة التي يتعرضون لها، مثل البقاء في العزل الانفرادي لفترات طويلة، والتفتيش العاري المهين، والحرمان من النوم، والضرب المبرح، وتعتقل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مئات الأسرى الفلسطينيين اعتقالاً إداريّاً؛ أي دون أي تهم ضدهم، ودون معرفة الأسباب التي أدت إلى اعتقالهم. ويُحرم هؤلاء المعتقلون من أبسط حقوقهم الأساسية، مثل الزيارات العائلية، أو حتى البدء بإجراءات قانونية رسمية لرفض اعتقالهم.وبالنسبة لهؤلاء المعتقلين، فالإضراب عن الطعام هو الوسيلة الوحيدة لمقاومة هذه الظروف.
"إسرائيل" تغتال الأسير خضر عدنان
أكدت مصادر متطابقة من نادي الأسير الفلسطيني ووزارة الأسرى والمحررين، أن إدارة سجون الاحتلال اغتالت القيادي في الجهاد الإسلامي خضر عدنان (44 عاماً) بعد 86 يوماً على إضرابه عن الطعام عن سبق الإصرار، رافضة نقله إلى مستشفى مدني حيث استشهد في زنزانته، مضيفةً إن هناك احتمالاً بأنها أخضعته لتغذية قسرية أدت لاستشهاده.وقالت المتحدثة الإعلامية باسم نادي الأسير أماني سراحنة لـ"العربي الجديد"، إن الأسير خضر عدنان الذي اعتُقل في الخامس من فبراير/شباط الماضي، تعرض لعملية اغتيال ممنهجة من قبل أجهزة الاحتلال، وكان من الواضح من كل التفاصيل التي مرت على مدار الفترة الماضية، أن الاحتلال الإسرائيلي كان لديه قرار باغتياله".وأوضحت سراحنة أن "كل المستشفيات الإسرائيلية المدنية رفضت استقبال خضر عدنان حتى بعدما ساء وضعه الصحي، حيث احتجز الشهيد عدنان على مدار الفترة الماضية في زنزانة في (عيادة سجن الرملة)".وأضافت: "على مدار إضراب الشيخ عدنان رفض الاحتلال السماح لعائلته بأن تزوره رغم ما وصل إليه من مرحلة بالغة الخطورة، وتمكنت زوجته من رؤيته فقط عبر شاشة الفيديو (كونفرنس) خلال جلسات المحاكم التي عقدت له، وآخر مرة كانت يوم الأحد الماضي، وقال الشيخ عدنان لزوجته من زنزانته حينها في سجن الرملة: "أنا بموت". بينما كانت تتابعه على الشاشة من محكمة معسكر (عوفر) المقامة على أراضي محافظة رام الله والبيرة، علماً أنّه أُغمي عليه أكثر من مرة خلال المحكمة".الشهيد الاسير خضر عدنان ، مواليد الرابع والعشرين من آذار/مارس 1978(44 عامًا) من بلدة عرابة قضاء جنين، متزوج وأب لتسعة أبناء، أصغرهم يبلغ من العمر سنة ونصف السنة وأكبرهم (14 عامًا) وهو قيادي في حركة الجهاد الإسلامي وكان اعتقل 12 مرة في السجون الإسرائيلية.وأمضى الشهيد ما مجموعه نحو ثماني سنوات، معظمها رهن الاعتقال الإداري وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية.في عام 2005 خاض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام لمدة 12 يومًا، نتيجة وضعه في عزل سجن "كفار يونا"، ولم يوقف إضرابه إلا بعد أن رضخت إدارة السجن لمطلبه المتمثل بنقله إلى أقسام الأسرى العادية.وفي عام 2015، شكل إضراب خضر عدنان عن الطعام لمدة 56 يومًا، بدأه في 8 مايو/ أيار 2015، ضغطًا على السلطات الإسرائيلية للإفراج عنه والتعهد بعدم اعتقاله إداريًا، وتم لاحقًا الإفراج عنه، إلا أنه تمت معاودة اعتقاله، وخاض إضرابًا في عام 2018 لمدة 59 يومًا، قبل أن ينتزع حريته وفي عام 2021 خاض إضرابًا مماثلًا لـ 25 يومًا.وخلال فترات اعتقاله، تعرض خضر عدنان لتحقيقات قاسية في عدة مراكز تحقيق "إسرائيلية" من أبرزها الجلمة وكان يتم عزله باستمرار ويتعرض للتعذيب.وخلال فترات إضرابه عن الطعام كان كثيرًا ما يتلقى التهديدات بالقتل تارةً وبإجباره على التغذية القسرية تارةً أخرى، وكان ذلك حتى في آخر أيام إضرابه الأخير قبل أن يرحل شهيدًا.وبارتقاء الشهيد خضر عدنان، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 237 شهيداً منذ عام 1967.
وصية الشيخ خضر عدنان
نشر نادي الأسير الفلسطيني وصية الشيخ خضر عدنان التي كتبها في اليوم الـ58 لإضرابه عن الطعام، أي في الثاني من إبريل/نيسان، من زنزانته في سجن الرملة. وجاء فيها:
"أما وقد اقتربت النفس من الشهادة فحق علينا أنّ نكتب وصيتنا. الحمد لله رب العالمين أنّ وفقني للإضراب عن الطعام للحرية (...) أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجتي وشعبي".وتابع عدنان في وصيته: "إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي، وادفنوني قرب والدي، واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان، دعواتكم له ولوالديه والمسلمين بالرحمات واجعلوه قبراً بسيطاً، واطلبوا من الله لي المغفرة والرحمة".وقال موجهاً حديثه لعائلته: "أم عبد الرحمن والأولاد معالي وبيسان وعبد الرحمن ومحمد وعلي وحمزة ومريم وعمر وزينب سامحوني، وإخوتي أبو عدنان وأبو أنس وأم نور وكل الأخوال والأعمام والأقارب سامحوني على أي تقصير في جنبكم وأنا أغادر هذه الحياة الدنيا، ولكن تأكدوا من أنني ما شُغلت عنكم بإذن الله إلا للواجب".وختم بالقول: "يا شعبنا الأبيّ، أبعث لك هذه الوصية تحية ومحبة، وكلي ثقة برحمته تعالى ونصره وتمكينه، هذه أرض الله ولنا فيها وعد منه إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا؛ فمهما فعل المحتلون وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم وغيهم فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب. دعواتكم أن يتقبلني الله شهيداً مخلصاً لوجهه الكريم".
رد المقاومة على اغتيال خضر عدنان
قالت حركة حماس، إن الغرفة المشتركة قدمت غرفة العمليات المشتركة وفصائل المقاومة في قطاع غزة لوحة وحدة وطنية ميدانية مشرفة في هذه الجولة ضد الاحتلال. وحيت الحركة على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، في تصريح له الأربعاء، لغرفة العمليات المشتركة “التي خاضت هذه المعركة رداً على جريمة الاحتلال باغتيال الشيخ الأسير خضر عدنان، ونحيي جماهير شعبنا الفلسطيني التي شكلت الدعم والإسناد لهذا الفعل المقاوم النبيل”.وشدد قاسم على أن “حماس عملت في كل المسارات العسكرية والسياسية والإعلامية لتدفيع الاحتلال ثمن جريمته، وستظل تشكل دعماً وإسناداً لأسرانا الابطال، ودرعاً وسيفاً لشعبنا الفلسطيني في كل أماكن تواجده”.من جانبها، قالت حركة الجهاد الإسلامي، إن سرايا القدس والمقاومة الباسلة ابدعت في ردها على جريمة اغتيال الشيخ القائد خضر عدنان الذي سطر ملحمة بطولة منقطعة النظير، وأثبت مقاتلونا الشجعان وفاءهم والتزامهم بالدفاع عن أبناء شعبهم.وأضافت الحركة على لسان المتحدث باسمها طارق عز الدين في بيان له صباح الأربعاء، ” سيظل الشيخ خضر عدنان عنواناً للنهج الحر المقاوم الذي يأبى الخنوع والاستسلام، وسيظل اسمه راية وعلماً لكل السائرين في طريق الحرية”.وأكد عز الدين، “لقد انتهت جولة من جولات المواجهة لكن مسيرة المقاومة متواصلة ولن تتوقف وشيئًا فشيئًا يقترب فجر الحرية والنصر بإذن الله.وتابع: “نعاهد شعبنا وأمتنا ألا تضل بوصلتنا الطريق، ونعاهد شهداءنا وأسرانا وجرحانا أن تبقى سيرتهم ومسيرتهم أمانة نحملها ولا نفرط فيها، وأن نواصل العمل لأجل الأسرى وحريتهم.
دلالات رد المقاومة
إن رد المقاومة الفلسطينية على استشهاد الأسير الشيخ خضر عدنان داخل سجون الاحتلال يحمل عدة مدلولات مهمة وإن من أهم الدلالات أن قضية الأسرى على رأس أولويات المقاومة والشعب الفلسطيني، واستمرار الجرائم بحق الأسرى كفيل بتفجير معارك كبرى بين المقاومة والاحتلال، وقد ثبتت المقاومة أنها مستعدة للدخول في مواجهات عسكرية مع الاحتلال للدفاع عن الأسرى في سجون الاحتلال إضافة إلى ذلك فإن التنسيق الفصائلي العالي مربك للاحتلال وبدا واضحًا أن الاحتلال حاول أن يجعل المعركة مع فصيل فلسطيني بعينه، ضمن سياسة التفرد، وقد صدم من حالة الرد المنسق عليه. وهنا لابد من الإشارة الى أن الاحتلال متخوف من تطور الأحداث وتصاعدها، وقد كان حذراً في استهدافاته بألا تؤدي لتوسيع معادلة القصف المتبادل، ويأتي خوف الاحتلال من توسع التصعيد خشية دخول جبهات أخرى على الخط وتعقد المواجهة وتطورها لتصبح مواجهة متعددة الجبهات، ومن المتوقع أن ماحدث خلال الايام الماضية سوف يزيد من الانتقادات الداخلية لحكومة نتنياهو، وستتواصل الاحتجاجات والتظاهرات ضد الحكومة في دولة الاحتلال خلال الأيام المقبلة، أما بخصوص الردود على اغتيال الشهيد الشيخ خضر عدنان، فلن تتوقف، وهي مرشحة للتصاعد بشكل كبير في الضفة المحتلة الاسابيع والاشهر المقبلة، وهو ما سيكون له تأثير كبير على الاحتلال.وبخصوص القبة الحديدية الإسرائيلية، قال يتضح إن وحدات السايبر والحرب الالكترونية أثبتت قدرتهم العالية في التأثير على مسار المعارك بين المقاومة والاحتلال بعدما وجهوا ضربات عدة له وخاصة استهداف القبة الحديدية وقطع الكهرباء عن بعض المناطق وغيرها من الهجمات . في السياق نفسه إن المواجهة العسكرية المدروسة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل التي جاءت ردًا على اغتيال الأسير الشيخ خضر عدنان، كانت أقل من معركة مفتوحة وأكثر من رد، رسخت فيها المقاومة معادلة جديدة، وعلى الاحتلال الاسرائيلي أن يعلم أن وراء الأسرى مقاومة لا ولن تتركهم فريسة إلى مزايدات بن غفير وحكومة نتنياهو المأزومة".
معادلة جديدة عنوانها "حياة الأسرى وكرامتهم"
إن هذه المواجهة جاءت بمعادلة عنوانها "حياة الأسرى وكرامتهم من كرامة الشعب الفلسطيني وأن على الاحتلال أن يفكر ألف مرة قبل المساس بأي أسير فلسطيني ، وأن إقرار الاحتلال بتراجع أداء منظومة "القبة الحديدية" وفشلها في اعتراض الكثير من الصواريخ التي أطلقت قد يفرمل اندفاعه نحو تصعيد واسع يفضي إلى مواجهة شاملة.فتواضع أداء "القبة"، "ما يعني أن مواجهة شاملة ستعرض الجبهة الداخلية الإسرائيلية لمخاطر كبيرة . ولا يخفى على احد أن الجولة أثبتت أن قضية الأسرى كما القدس والأقصى واللاجئين، وهي صواعق التفجير التي على الاحتلال أن يأخذها بعين الاعتبار، وهي ضمن القضايا الوطنية الكبرى، فالمقاومة تعلي من قيمة حرية الإنسان كما حرية الأرض والمقدسات، ومستعدة للتضحية من أجلهم جميعًا، واستطاعت المقاومة أن تقدم نموذجًا وطنيًا في العمل الموحد في مواجهة الاحتلال الذي يعاني من التفكك الداخلي.وبالاشارة إلى غرفة العمليات المشتركة يمكن القول إنها حافظت على قواعد اشتباك تتناسب مع طبيعة الميدان، وفرضت على الاحتلال حسابات أمنية وعسكرية أثبتت تراجع "نظرية الردع" التي كان يتبجح بها على مدار سنوات.فتنويع وتطوير المقاومة لأسلحتها العسكرية والاستخبارية عزز من فرص استقطاب خبرات وعقول عربية وإقليمية في مواجهة الاحتلال إضافة إلى ذلك فإن الحالة السياسية المتناقضة داخل حكومة الاحتلال، بالإضافة إلى الصراع مع المعارضة، عمل على تعقيد حسابات الاحتلال وخوفه من الذهاب إلى مواجهة مفتوحة، يدرك أنها لن تردع المقاومة وستسقط الحكومة الحالية.
المقاومة في جنين تتوعد الكيان الصهيوني بالرد على اغتيال الشيخ خضر عدنان
نظَّمت فصائل المقاومة في محافظة جنين حفلاً تأبينياً لكوكبة من الشهداء، يوم الجمعة في ساحة نادي مخيم جنين.وخصص الحفل لتأبين عدد من الشهداء، وعلى رأسهم الشهيد الشيخ خضر عدنان والشهيد نضال خازم والشهيد يوسف شريم، والشهيد لؤي الصغير والشهيد عمر عوادين.وشهد الحفل حضور مقاومين من كتيبة جنين – سرايا القدس، وقوى المقاومة وحشد غفير من عوائل الشهداء والأسرى والقيادات والشخصيات الوطنية والإسلامية، حيث تم رفع صور شهداء جنين الذي ارتقوا مؤخراً.وخلال كلمة كتيبة جنين – سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، قال المتحدث، "إن الاحتلال لن ينعم بالأمن والأمان على أرضنا لو كلفنا ذلك أرواحنا، وأن كتائب ومجموعات سرايا القدس على امتداد الضفة الغربية ستبقى للاحتلال بالمرصاد".وتوعد المتحدث الاحتلال بالرد على جريمة اغتيال الشيخ القائد خضر عدنان، وأن المقاومة لن تسكت عن حقها في الرد على جرائم الاحتلال، وسنرى الحسرة والندامة في عيون العدو والفرحة في عيون شعبنا انتقاماً لقائدنا الشيخ خضر عدنان.وأكد المتحدث على "مواصلة درب الشهيد الشيخ خضر عدنان، الذي عمده بأمعائه الخاوية على مدى سنين طويلة، مجدداً العهد والبيعة لحركة الجهاد الإسلامي وأمينها العام زياد النخالة، وعوائل شهدائنا، وأن سلاحنا سيبقى مشرعاً، وجهادنا مستمر في كل الساحات."
في الختام إن أخطر ما يواجه "إسرائيل"، والتهديد الحقيقي الذي يواجه كيان الاحتلال يكمن في مسألتين، الأولى محور المقاومة الذي يحاصر "إسرائيل" من كل الاتجاهات ويشكل بأساً شديداً عليها، والثانية، مقاومة مستمرة متصاعدة قادرة على رفع التكلفة تشكل الضمان الوحيد لكنس الاحتلال والتي تؤدي إلى عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على دفع تكلفة البقاء في مواجهة المقاومة بصورة غير مسبوقة ، وهذا يتجسد فيما نشاهده من ذوي الجنود الإسرائيليين القتلى من غضب وتحقير للمسؤولين السياسيين والعسكريين بعد كل عملية يسقط فيها قتلى من جنود الاحتلال جراء العمليات التي تضرب العمق الإسرائيلي.