الوقت- ألغيت الاجتماعات والحوارات الوطنية في السودان منذ يوم السبت الماضي 15 أبريل/نيسان، بسبب الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع، ومع الهجوم المفاجئ لقوات الدعم السريع بقيادة "محمد حمدان" الملقب بـ "حميدتي" على قواعد الجيش، اندلعت صراعات داخلية في هذا البلد.
والآن وبعد أسبوعين من هذه الأزمة، تم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الخامس بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع، لكن الاشتباكات والاتهامات المتبادلة بين العسكريين مستمرة.
بما أن أوضاع النزاعات في هذا البلد قد أصبحت أكثر تعقيدًا، وفي ظل اللامبالاة الإقليمية والعالمية تجاه انتشار الأزمة في السودان، تشير التقارير والتحليلات الإعلامية إلى خيبة أمل المتابعين للتطورات في الخرطوم ومدن أخرى في هذا البلد.
أكسيوس: النزاعات في السودان تؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية
أعلن موقع "أكسيوس" الأمريكي أن الصراع في السودان سيزيد من حدة الأزمة الإنسانية في هذا البلد والدول المجاورة، وهي البلدان التي يحتمل أن تستضيف موجةً من اللاجئين الفارين من النزاعات.
كما يشير تقرير الموقع إلى أن برنامج الأمم المتحدة للأزمات يعاني من نقص حاد في التمويل، وأن أقل من 14٪ من الطلبات والمطالب الإنسانية للأمم المتحدة الخاصة بالسودان وتشاد يتم تمويلها.
وتابع أكسيوس: "24.8٪ فقط من الاستجابة لمطالب جنوب السودان، لديها التمويل اللازم في المنظمات الدولية. وتقول منظمات الإغاثة إن هذا المبلغ من التمويل لم يكن كافياً قبل اندلاع الحرب في السودان، والآن مع استمرار الصراع وازدياد الاحتياجات الإنسانية في عموم البلاد، لن تكون المساعدات لدول الجوار كافيةً".
قبل بدء الحرب في السودان، قدرت الأمم المتحدة أن 15.8 مليون شخص (ثلث سكان البلاد) سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام، بسبب الصراع وتغير المناخ وتفشي الأمراض وضعف الاقتصاد، لكن الآن أصبح هذا الوضع عامًا.
ميديام: الحرب في السودان وامتداد الصراعات الدولية إلى إفريقيا
في التحليل الذي كتبه لموقع "ميديام" الإخباري، حلل "أليكسي ماليان" الأبعاد الدولية لحرب السودان وتلاعب القوة فيها، واعتبر هذه الصراعات استمرارًا للسياسة الغربية والأمريكية لإخراج روسيا من موقع اللاعب الجيوسياسي الرائد على الساحة العالمية.
وكتب قائلاً: على الرغم من كل المكونات الداخلية لهذه الحرب، فإن تحليلي هو أن أزمة السودان هي إحدى حلقات سلسلة الأحداث الدولية الجديدة.
وأشار ماليان أيضًا إلى أنه بينما يتركز اهتمام العالم على العمليات العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، ظهرت تقارير عن اشتباكات عسكرية في السودان؛ وهي دولة كانت حتى وقت قريب واحدةً من أكبر الدول في إفريقيا بأغنى احتياطيات من الذهب والنفط. حيث بدأت هناك حرب أهلية حقيقية باستخدام الطائرات والمدافع والدبابات، ما أدى حتى الآن إلى سقوط ضحايا مدنيين وعسكريين.
فورين أفيرز: السودان يغرق في الفوضى وجهود واشنطن فاترة
كتبت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية يوم الخميس 27 أبريل في تقرير لها، أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين لم يبذلوا سوى جهود فاترة لوقف الصراع الدائر في السودان.
وذكرت المجلة أن ما يحدث في السودان "معركة نارية بين مجرمين والعالم يهرب من هذا الواقع. والهروب هو أول رد فعل محتمل على حرب مروعة، تنطوي في الواقع على استخدام أثقل أسلحة البلاد في شوارع العاصمة".
وأشارت فورين أفيرز إلى أن "الهجرة الخارجية من السودان تعكس أيضًا واقعًا أكثر قتامةً"، وأضافت: إن الولايات المتحدة ونظراءها العرب والأوروبيين الذين سارعوا لإنقاذ مواطنيهم، لم يبذلوا سوى جهود ناقصة ومتأخرة لوقف الحرب ومساعدة السودانيين. وكانت المحاولة الوحيدة من قبل الولايات المتحدة والسعودية هي وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، والتي سرعان ما انهارت".
وتابع تقرير هذه المجلة الأمريكية: "واشنطن والرياض، إلى جانب الإمارات وبريطانيا، هي الحكومات الأربع التي دعمت المفاوضات مع الجانبين، لإعادة السودان إلى الحكم المدني بعد انقلاب عام 2021 الذي قام به عبد الفتاح البرهان وحميدتي. لذلك، فإن فشل هذا التحالف الرباعي في كبح جماح قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، هو ما تسبب في مواجهة دامية بين الاثنين".
نيويورك تايمز: واشنطن سبب العنف في السودان
كتبت جاكلين بيرنز، الكاتبة الأمريكية والمستشارة السابقة للمبعوث الأمريكي الخاص في السودان، في مقال في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية: "لقد ركزت واشنطن بشدة على التنازلات وتقاسم السلطة بين الجماعات المسلحة في السودان لتحقيق اتفاق سلام موقع؛ والعنف في السودان هو ذنبنا".
وتابعت: "التوترات التي تصاعدت قبل أشهر بين الزعيمين العسكريين اللواء عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، أخيرًا وصلت إلى نقطة الانفجار في مواجهة الضغوط والمطالبات بمهلة لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، وأدت إلى الأزمة الحالية".
بي بي سي: انتصار أحد الجنرالين في الحرب غير مرجح
بحثت قناة "بي بي سي" الإنكليزية(الجمعة 28 نيسان / أبريل) مع المحللين، آفاق التطورات المستقبلية في السودان والسيناريوهات المحتملة لإنهاء هذه الأزمة الداخلية.
وكتبت بي بي سي: السيناريو الأول هو انتصار عسكري سريع لأحد الجانبين وهو أمر مستبعد الحدوث، لأن كلا الجانبين لهما مزايا مختلفة في إدارة الصراع.
تستخدم قوات الدعم السريع أسلوب "حرب العصابات المتنقلة"، وبالتالي تتكيف مع التغيرات في الميدان قبل منافسيها التقليديين؛ وهذه السمات جعلت أداء قوات الدعم السريع أفضل من أداء قوات الجيش في المعارك الحالية بوسط مدينة الخرطوم.
ووفقًا لتقرير هذه الشبكة، فإن السيناريو الثاني الذي يعتبره المحللون محتملاً هو "صراع طويل الأمد". حيث يعتقدون أن هناك طرقًا عديدةً لتصعيد هذا الصراع، ولا تفيد أي من هذه الطرق أهل السودان.
وقال مهند هاشم، مراسل بي بي سي السوداني، إن "هذا الصراع يحمل كل الدلائل والقدرات ليصبح حربًا أهليةً طويلة الأمد، وهذا جعل من الصعب السيطرة عليه".
واعتبر محللو بي بي سي أن السيناريو الثالث هو "توقيع اتفاقية سلام بين الأطراف المتصارعة"، وأشاروا إلى أن السياسيين يحاولون إقناع الجنرالين بالموافقة على تمديد وقف إطلاق النار، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحديث عن بداية محادثات السلام، فلا أحد يأمل أن تبدأ قريبًا.
ويتفق الجميع على أن هذه الاتفاقية (بدء محادثات السلام)، لن تتحقق إلا بعد ضغوط سياسية واقتصادية من أطراف أجنبية مثل مصر والإمارات والسعودية.
الميادين: الحرب الأهلية في السودان ستستمر
كما نقل موقع شبكة "الميادين" عن "وليد عبد الحي"، أستاذ الدراسات المستقبلية، قوله: لن ينتهي الصراع في السودان قريباً. ومن مؤشرات صحة هذا التوقع، اندفاع الدول لإجلاء رعاياها ومغادرة معظم البعثات الدبلوماسية من هذا البلد. لقد تم اختيار مغادرة السودان على جميع البدائل الأخرى، بما في ذلك الانتقال إلى أماكن أكثر أمانًا، لأن هذه الأزمة لا تنتهي.
وأضاف عبد الحي: المؤشر الثاني لإطالة أمد هذا الصراع، هو تسلل قوات الدعم السريع إلى الأحياء وتركيزها على المدن، وتجنب النزاعات خارج المدن إلا في حالات محدودة. وهذا يعني أن عمليات الهدم وإغلاق الطرق وإغلاق المدارس والمستشفيات، ستطيل الأزمة وتقلل من إمكانية حل النزاعات على الأرض، وتعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد.
وحول إمكانية التدخل الدولي، قال وليد عبد الحي: "إن احتمالات التدخل الإقليمي أكبر من النفوذ الدولي، لأن الولايات المتحدة في موقف صعب ولن تسمح لنفسها بالغرق في مستنقع جديد، وخاصةً في الوضع الراهن حيث أصبح الوضع على حدود روسيا والمنافسة مع الصين أكثر حساسيةً، كما ضعف وجود الأمريكيين في العراق وسوريا".
الأناضول: السودان يواجه سيناريو حرب طويلة
كتبت وكالة أنباء "الأناضول" في تقرير عن التطورات المستقبلية في السودان: بعد عدة أيام من القتال العنيف في الخرطوم، عاصمة السودان، لم يشر أي من طرفي النزاع إلى أنه سينهي المعركة لصالحه، وهذا مؤشر خطير على حقيقة أنه من المرجح أن تستمر الحرب لفترة طويلة، ما يهدد بسقوط المزيد من الضحايا، وخاصةً المدنيين.
وبالنظر إلی موازين القوى بين الجيش السوداني بقيادة "عبد الفتاح البرهان" وقوات الرد السريع بقيادة "محمد حمدان دقلو" المعروف بـ "حميدتي"، فإننا نقترب من تكرار سيناريو الحروب الطويلة في اليمن وسوريا وليبيا.