الوقت- يوم الاثنين الماضي صرح «استيف ورن» المتحدث باسم ما يسمی بالائتلاف الدولي ضد داعش، أن العراق وافق علی نزول 200 عسكري أمريكي، للعمل داخل العراق علی محاربة التنظيم الإرهابي، هذه الإدعاءات و رغم أن الحكومة العراقية لم تعلن عن تأيدها او نفيها حتی الساعة، تعتبر متناقضة مع سياسات العراق السابقة التي كانت من خلالها أعلنت رفضها السماح بدخول اي قوة أجنبية. ومن أجل مناقشة ما صرح به «ورن» اجری موقع الوقت حوارا مع 3 من الخبراء السياسيين والعسكريين العراقيين في هذا الصدد.
وفي هذا السياق قال العميد «ضياء الوكيل» الخبير في شؤون الأمن القومي العراقي، «بالرغم من أن "استيف ورن" أعلن موافقة العراق علی نزول هذه القوات، لكن الحكومة العراقية لم تعلن اي شيء حول هذا الموضوع ولم يصدر منها حتی الان اي بيان حكومي، حول أن هل الحكومة العراقية وافقت ام لم توافق علی ذلك. الحكومة العراقية موقفها واضح وهي تصرح دائما بانها لم تحتاج الی قوات علی الارض. هي فقط تحتاج الی معلومات استخبارية ودعم لوجستي لمحاربة داعش. هناك مستشارين عسكريين امريكيين في العراق يقدمون الإستشارة للجيش العراقي ويدربون العشائر في غرب العراق في قاعدة الحبانية وقاعدة البغدادي، وهناك 6 طائرات أمريكية لحماية هذه القوات، فماذا يمكن أن يقدم 200 جندي آمريكي آخر، في حين أن هناك 3 آلاف مستشار عسكري امريكي في العراق».
وحول سحب القوات التركيه من العراق، اكد "الوكيل"، أن «تركيا لحد الان لم تسحب قواتها من العراق وآخر تصريح صدر من قبل هذه الدولة يقول آنها ستسحب 10 الیات فقط، بينما هناك حوالی 35 الیه عسكرية تركية دخلت الی معسكر زيلكان في بعشيقة، وإذا ما اضطرت تركيا الی سحب قواتها من العراق فهو ليس اجابة لطلب أمريكا، انما سيكون ذلك بسبب الرفض الشعبي العراقي الذي رفض العدوان التركي. هذا التوغل التركي لم يحترم علاقات حسن الجوار بين العراق وتركيا، وجاء ليس بطلب من الحكومة العراقية، وحكومة بغداد لجأت الی مجلس الامن الدولي من أجل الضغط علی الحكومة العراقية لسحب قواتها. الجيش العراقي والحشد الشعبي المقاوم والعشائر يكفُونَ لمقاومة وهزيمة منطق التفكير والارهاب الذي جاء به داعش».
وفي نفس السياق أكد الدكتور «اسامة السعيدي» استاذ كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين، أن «العراق عمليا موقع علی اتفاقية أمنية منذ 2008 مع الجانب الامريكي. العراق واقع تحت الفصل السابع في قرارات دولية صادره منذ سقوط الموصل وبالتالی هذا الفصل او القرار الدولي خوّل الولايات المتحدة الامريكية أن تدخل العراق لمكافحة تنظيم داعش. هذا يجعل الإرادة السياسية العراقية، إرادة مقيّدة وغير حرة من أن ترفض أو تمتنع عن استقبال قوات او قطاعات أجنبية. هذا الموضوع ايضا احرج الجانب العراقي ورئيس الوزراء العراقي في اكثر من مناسبة، يعرف الجميع أنه واقع تحت الضغط الجماهيري والشعبي الذي هو رافض لأي قوات تواجد أجنبية علی أرض العراق. وبما أن القوات الامريكية التي من المقرر أن تدخل العراق هي قوات اسناد او مستشارين، وليست بصيغة قوات قتالیة، لكن رغم ذلك فان الموافقة علی دخول هذه القوات سيكون بمعنی أن العراق لا يملك السيادة الكاملة علی أرضه!.
وفي رده علی سؤال لموقع الوقت حول أنه كيف تركت أمريكا العراق في بداية الامر وحيدا تجاه داعش ولم تعمل بتعهداتها علی أساس الموافقة الامنية الموقعه مع بغداد، لكن الیوم تريد ادخال قوات الی العراق بذريعة هذه الموافقة، فاجاب "السعيدي": الولايات المتحدة كانت لديها حساباتها لكي تبقي داعش لاطول فترة ممكنة لجني المزيد من المكاسب السياسية والامنية وليس فقط علی مستوی العراق، بل حتی علی مستوی المنطقة. علی الصعيد الداخلي نجحت في قلب المعادلة بعد اجراء الانتخابات العراقية وازاحة «المالكي» والتفت حتی علی قائمة دولة القانون.
واضاف: وكذلك علی الصعيد الاقليمي والدولي نجحت (أمريكا) في استصدار قرارات دولية جعلت بموجبها ليس العراق لوحده تحت الفصل السابع وانما حتی سوريا. مجمع تصنيع السلاح الامريكي بعد ظهور داعش بدأ يعمل باكبر طاقاته وبدأت عقود تسليح وصفقات تعقد مع السعودية وقطر بعد تنامي أخطار تنظيم داعش. لذلك فان هذه المصالح تجعل الولايات المتحدة أن تبقي تنظيم داعش الی اطول فترة ممكنة، لانجاز صفقات التسليح مع الدول العربية بعشرات المليارات من الدولارات. لكن في المقابل فان التدخل الروسي المباغت في سوريا ضد تنظيم داعش، خلط اوراق و مخططات أمريكا للاستفادة من بقاء داعش في المنطقة. ولهذا فقد اقتنعت واشنطن الیوم ان عمر داعش بعد التدخل الروسي اوشك علی الانتهاء، ولذك فاننا نری الدول التي ساهمت في خلق داعش مثل السعودية، بدأت تنادي بانهاء تنظيم داعش.
وحول مؤامرة دخول القوات التركية داخل الاراضي العراقية، قال "السعيدي"، أن أنقرة بعد ما كانت تحت رحمة مطرقة الضغوطات والتهديدات الروسية، اثر اسقاط الطائرة الروسية، قررت لتزج بقواتها داخل العراق، لتحرف الانظار عن حادثة الطائرة الروسية، وتقلل الضغوط الروسية علیها.
وكذلك حول ما صرح به «استيف ورن» حول نیة أمریكا إرسال 200 جندي الی العراق، قال «مناف جلال» الكاتب والمحلل السياسي العراقي لموقع الوقت؛ «قبل أقل من اسبوع كنا مع دولة رئيس وزراء العراق وتحدثنا بهذا الموضوع بالذات وكان الحديث حول ان هذه القوات تقوم بقضايا خاصة وأنه هناك ضغطا امريكيا لعودة القوات الامريكية الی العراق، یمكن رؤيته من خلال تصريات القادة الامريكان وما يتقدم به المسؤولين في الإدارة الامريكية. وبعد ما سكت «بايدن» عن مشروعه المتضمن تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، بدءنا نلاحظ عودة جديدة لهذه الضغوطات الامريكية علی العراق لكن هذه المرة بسيناريو جديد. هذا السيناريو يتحدث عن أن الامن او تحرير الاراضي العراقية من يد قوات داعش لا يمكن أن يتم إلا بوجود قوات برية أمريكية علی أرض العراق. وبالتالي فان هذه الامور تدل بوضوح علی رغبة حقيقية لعودة هذه القوات الامريكية باي طريقة كانت سواء من الابواب الرئيسية او الابواب الخلفية. أمريكا تحاول عبر مختلف الطرق ومن ضمنه ما يسمی بالتـحالف الإسلامي، لتدخل العراق عبر القوات التركية و ذلك لممارسة الضغوطات علی الحكومة العراقية لكي توافق علی مجيء قوات برية أمريكية الی العراق من جديد».
واضاف جلال: أمريكا تريد القول بان العراق لا يمكن أن يحافظ علی أمنه الداخلي وسيادته إلا من خلال وجود قوات برية أمريكية داخل الأراضي العراقية تمتلك الحصانة الكاملة داخل العراق، لكن هذه المطالبات الامريكية تواجه رفضا شعبیا وايضا رفضا من قبل المكونات السياسية العراقية.
ونوه "مناف جلال" الی أن مجیء القوات الروسية الی سوريا غير معادلات واشنطن، حيث كانت واشنطن تدعي أنه لا يمكن القضاء علی تنظيم داعش بفترة قصيرة والانتصار علی داعش يحتاج الی أمد طويل!، كما يجب أن لا ننكر الانتصارات الكبيرة التي حققتها قواتنا المسلحة وقوات الحشد الشعبي التي استطاعت أن تكسر نظرية التحالف الدولي والادارة الامريكية التي كانت تتحدث عن أن المعركة مع الدواعش ربما تحتاج الی سنين من القتال. وانهی "جلال" حديثه مع الوقت، قائلا: التحالف الدولي لم يقدم اي شیء يذكر الی العراق بل كان علی العكس من ذلك قد استهدف في الكثير من الاحيان القوات العراقية بدل أن يستهدف عناصر داعش، وبرر تصرفاته هذه، بانها، ضربات خاطئة او ما يطلق علیها باستهداف القوات الصديقة بشكل غير مقصود.