الوقت- أكّدت وسائل إعلام صهيونيّة، تغيّب سفيرَي حليفَي الكيان من المطّبعين الجدد الإمارات والبحرين عن إفطار رمضانيّ، استضافته وزارة الخارجيّة للدبلوماسيّين من دول العالم الإسلامي في تل أبيب. وقال موقع صحيفة تايمز أوف إسرائيل التابع للكيان، إنه على خلفية المؤشرات على وجود إحباط لدى شركاء الكيان الصهيونيّ من العرب أخيرًا، استضافت وزارة الخارجية التابعة للكيان وجبة إفطار، لدبلوماسيين من الدول الإسلامية يعملون في الكيان المحتل مساء يوم الأحد 2 أبريل/ نيسان 2023، والإفطار الرمضاني الذي حضره وزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين، انضم إليه سفيرا تركيا ومصر، ورئيس مكتب الاتصال المغربيّ في تل أبيب، وتغيّب سفيرا البحرين، والإمارات العربية المتحدة، اللذان أرسلا دبلوماسيّين بمستوى أقل لتمثيلهما، كما لم يحضر سفير الأردن أيضًا.
وأشار إلى أن حكومات الإمارات، والبحرين، والمغرب التي طبّعت مع الكيان في العام 2020، ضمن ما تسمّى اتفاقيات إبراهام، كشفت مؤشرات منذ الأيام الأولى لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي أدّت اليمين قبل ثلاثة أشهر – والتي تضمّ شركاء يمنيّين متطرفين – على أنها تحاول تهدئة عمليّات التطبيع، بل تتجنّب الاجتماعات رفيعة المستوى، فلم يُدعَ أيّ مسؤولين صهاينة كبار لزيارات رسميّة إلى الدول الثلاث، ولم ترسل هذه الدول ممثلين رفيعي المستوى إلى الكيان.
وأضاف إنه علاوة على ذلك، أُجلت قمة النقب الإسرائيلية العربية الثانية إلى ما بعد شهر رمضان، والتي كان من المفترض بداية أن تعقد في «المغرب» الشّهر الماضي، رغم أن وزير الخارجيّة الصهيونيّ «كوهين» حاول تأكيد قوّة العلاقات مع الدول المطبّعة في خطاب ألقاه على مأدبة الإفطار، وقال «إنّ أعظم إنجاز لإسرائيل في السّنوات الأخيرة، هو توقيع اتفاقيات إبراهيم، التي تثبت أنّه يمكننا العمل معًا لصالح شعوبنا وتحسين حياة الملايين في المنطقة – على حدّ زعمه.
ولفت إلى أن هذه الاتفاقيّات أحدثت تغييرًا في العلاقة مع الحكومات وليس أقل من ذلك، مع شعوب الشرق الأوسط، وأن التجارة والسياحة التي توسطت فيها الولايات المتحدة آخذة بالنمو مع الموقّعين على الاتفاقيات، ما يسمح للكثيرين بالتمتع بثمار السلام التاريخي. وأكدت الصحيفة أن التوسع في اتفاقيّات التطبيع لم يحرز تقدمًا كبيرًا، رغم أن نتنياهو أكد مرارًا أنه يأمل في إبرام اتفاق تطبيع كبير مع المملكة العربية السعوديّة، وهو ما أصبح بعيد المنال، بعد أن اختارت المملكة تجديد العلاقات الدبلوماسيّة مع إيران، وهي تعمل على تجديد العلاقات مع سوريا أيضًا.
وعلى صعيد متصل، يرى العديد من السياسيين أن الاتفاق الاخير بين طهران والرياض كان له تأثير ملموس على علاقات بعض الدول العربية مع اسرائيل. يذكر أن المملكة العربية السعودية وإيران اتفقتا على استئناف العلاقات الثنائية، وإعادة فتح السفارتين والبعثات الدبلوماسية خلال مدة أقصاها شهران، حسب ما نقلته وسائل إعلام سعودية وإيرانية رسمية. وذكرت العديد من المصادر الاخبارية، أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني التقى وزير الدولة السعودي مستشار الأمن الوطني مساعد بن محمد العيبان في العاصمة الصينية بكين، حيث تم التوصل إلى الاتفاق.
ولفتت تلك المصادر إلى أنه صدر بيان مشترك جاء فيه أن وزيري خارجية البلدين سيلتقيان لتنفيذ هذا القرار واتخاذ الترتيبات اللازمة لتبادل السفراء. وحول هذا السياق، عبرت وسائل إعلام إسرئيلية عن القلق الإسرائيلي من التقارب الإيراني السعودي، وتقول إنّ "الاتفاق ضربة للصراع الإسرائيلي ضد النووي الإيراني، لا يمكن الحد منها". ونقلت قناة "كان" الإسرائيلية، عن مصدر سياسي كبير، قوله إنّ "يائير لابيد، زعيم المعارضة، مسؤول عن التقارب بين السعودية وايران".
وأشار إلى أن "السعودية تشعر بوجود ضعف أميركي وإسرائيلي. لذلك، توجهت الى آفاق أخرى". أمّا روعي كايس، معلّق الشؤون العربية في قناة "كان"، فقال إنه "لا يجب الاستخفاف به (التقارب السعودي الإيراني). ومن جانب آخر، لا يجب الدخول في حالة هيستريا"، مضيفاً إنّه "يجب الانتظار لمعرفة إذا كان هذا الاتفاق سينفَّذ، وكيف سينفَّذ". وبعد ذلك، تساءل: "هل ستفتحان السفارات بعد شهرين؟ سيكون من المثير رؤية ذلك". إلّا أنّ النقطة الأكثر اهتماماً، والتي يجب التركيز عليها، وفق كايس، هي "الوساطة الصينية"، مشدداً على ضرورة متابعتها.
حالة القلق نفسها، عبّرت عنها كارميلا مناشيه، المحللة في الشؤون العسكرية، حيث قالت: "أنا أعتقد أن ذلك يٌقلق كثيراً إسرائيل. وأنا اسأل أين كانت الاستخبارات، وهل علمت، لأننا نحن لم نعلم بذلك". وفي حديثها إلى وسائل إعلام إسرائيلية، سألت: "ماذا علمنا، وماذا فعلنا، وكيف تعاملوا مع الأمر إذا كانوا يعلمون؟". من جهته، قال الضابط الكبير السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، رونن منليس، إنّ الاتفاق السعودي الإيراني "ضربة للصراع الإسرائيلي ضد النووي الإيراني، ولا يمكن الحد منها".
وبدورها قالت معلقة الشؤون السياسية في "القناة الـ12"، دانا فايس، إنّ "نتنياهو أمضى طوال فترات توليه منصبه، محارباً ايران، وخرج ضد الاتفاق النووي، ونحن نتذكر خطابه في الكونغرس، لكننا الآن نوجد في وضع تتقدم فيه إيران كثيراً نحو التخصيب بنسبة 90%". . ووفق فايس، فإنّ نتنياهو تعهّد، في ولايته هذه، أنه سينجح "في تطبيع العلاقات مع السعودية، ونحن الآن نرى ذلك يبتعد"، مشددةً على أنّ "هذا ضرر إقليمي كبير جداً".
وعلى صعيد متصل، يقول باحث في مؤسسة "الحقيقة من أجل الشرق الأوسط" الأميركية الموالية لإسرائيل إن اتفاقات أبراهام في خطر بسبب عدم الاستقرار في إسرائيل وأميركا، وتضاؤل اهتمام واشنطن بمنطقة الشرق الأوسط. وذكر الباحث بالمؤسسة جوزيف إبستين في مقال له بمجلة نيوزويك (Newsweek) الأميركية أن الأمر لدى الإدارة الأميركية الحالية وإسرائيل لم يعد يتعلق بتوسيع هذه الاتفاقات، بل بالتأكد من عدم تفككها. وأوضح إبستين، الذي وصف في المقال اتفاقات أبراهام بأنها "أعظم إنجاز سياسي أميركي في المنطقة"، إن الدافع الرئيسي للموافقة على هذه الاتفاقات لدى بعض الدول العربية هو الاعتقاد المبالغ فيه بأن الطريق إلى أميركا يمر عبر إسرائيل.
ومع ذلك، يقول الكاتب إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أظهرت أنها مهتمة أكثر باتباع سياسة عدم التدخل المتزايد في الشرق الأوسط، ما دفع دول المنطقة إلى البحث عن ضمانات للاستقرار من القوى العالمية الأخرى مثل الصين وروسيا، والتفكير في تقليص علاقاتها بإسرائيل. كذلك يعتقد الكاتب أن عدم الاستقرار داخل إسرائيل وضعف حكوماتها وتآكل التماسك الاجتماعي فيها أثار قلق بعض الدول العربية الموقعة على اتفاقات أبراهام. وقال إن منح حكومة نتنياهو كثيرا من السلطة لمتطرفين مدفوعين بالأيديولوجيا، وعدم استجابة نتنياهو للتعليقات التحريضية التي أدلى بها عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش؛ عوامل أثارت مخاوف الدول الموقعة على اتفاقات أبراهام بشأن مصداقية نتنياهو بوصفه شريكا. وأضاف إن دول الخليج الفارسي أصبح حذرها يتزايد إزاء الديمقراطيات التي تعدّها غير قادرة على ضمان التزاماتها وطول أمدها غير مؤكد، "هذه الدول تقدر الاستقرار والقوة. وإسرائيل لا تتوقع ذلك في الوقت الحالي".