لم يكد ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان ينهي مؤتمر الصحفي حول التحالف العسكري الإسلامي لمواجهة الإرهاب، حتى بدأت الدول التي ورد ذكرها في مؤتمر بن سلمان وبيان الرياض بإصدار مواقف الرفض والإندهاش والتريث، مما دفع البعض لإتهام الأمير الشاب بإلتقاط عدوى الخرف من أبيه.
الغموض الذي أحاط بمبادرة بن سلمان، بدأ ينقشع شيئاً فشيئاً بعد ساعات على إنهاء ولي ولي العهد لمؤتمره الصحفي، حيث بدأت العديد من الدول التي أُعلنت أسماؤها كأعضاء في التحالف بإصدار مواقف تؤكد أنها لا تعلم شيئا عن هذا الإعلان. فيما يلي مواقف بعض هذه الدول.
تركيا: التحالف ليس عسكريا!
لم تكن تركيا، أحد أبرز حلفاء الرياض في المنطقة، عند حسن ظن الرياض بل أعادت تكرار "المشهد اليمني" ولو بوتيرة أخف حيث نفت وزارة الخارجية التركية، أن يكون التحالف عسكريا، مضيفة أن المسؤولين السعوديين سوف يقدمون تفاصيل أكثر عن التحالف خلال الفترة القادمة.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية التركية طانجو بيلغيج: "يمكنني القول إن لن يكون هناك بنية عسكرية لهذا التحالف، فهذا ليس على الأجندة"، وأضاف: "التعاون الاستخباراتي والعسكري ضد داعش ضروري، ولكن هناك بعد أيديولوجي في المعركة ضد الإرهاب، ويجب التعاون في مواجهة هذه التحديات حتى لا يتم ربط الإرهاب بالإسلام".
باكستان مندهشة
باكستان أيضاً، والتي توصف بالحليف الإستراتيجي للسعودية، أعلنت دهشتها من ورود اسمها ضمن التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنت عنه مؤخرا السعودية ويضم ٣٤ دولة، وفق ما أوضح وزيرخارجيتها عزيز تشادوري.
وقد أكد الوزير الباكستاني أن لاعلم لبلاده بالتحالف الذي أعلنته السعودية، والذي حمل اسم "التحالف العسكري الاسلامي"، مؤكداً أن الرياض لم تتشاور مع اسلام اباد قبل أن تذكر اسمها ضمن التحالف الجديد.
وأشار تشادوري إلى أنه كلف السفير الباكستاني في الرياض للحصول على توضيح من السعودية حول هذا الشأن، علما أن سياسة الحكومة الباكستانية تعارض نشر قوات البلاد خارج حدودها، باستثناء تلك القوات المنضوية تحت علم بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة .
إندونيسيا: لن نشارك مطلقا
أندونيسيا، كبرى الدول الإسلامية أعلنت أنها لن تقدم دعما عسكريا للتحالف المناهض للإرهاب الذي شكلته السعودية، حيث قالت وزير الخارجية الإندونيسية: "لن تشارك مطلقًا في أي تحالف عسكري مع دول أخرى ".
وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مرصودي إن نظيرها السعودي عادل الجبير تحدث معها في عدة مناسبات حول تلك المبادرة "لكن الرياض لم توضح بعد كيف ستمضي في هذا العمل" وفقا لصحيفة "كومباس ". ونقلت "كومباس" عن ريتنو القول: "إنهم يقولون إننا ندعم هذا. أي دعم؟ ".
نيجيريا لم تقرّر بعد
من جانبها، أعلنت نيجيريا صاحبة الجيش الأقوى في القارة الأفريقية، يوم أمس الخميس، أنها لم تقرر بعد إن كانت ستنضم لتحالف تقوده السعودية تحت عنوان محاربة الإرهاب .
ونقلت وكالة "رويترز" عن جاروبا شيهو، المتحدث باسم الرئيس النيجيري محمد بخاري، في أول تعليق يصدر عن أبوجا "نيجيريا تلقت دعوة رسمية لتكون عضوا في التحالف والرئيس بخاري ينظر في الأمر ".
لبنان ملتبس!
لم يكن الموقف اللبناني تجاه التجالف السعودي بعيداً عن بقيّة الدول الرافضة أو المندهشة، حيث أشار عدد من الوزراء اللبنانيين الى عدم علمهم بمشاركة بلادهم بالتحالف السعودي الجديد، مؤكدين أن الموضوع لم يطرح أصلاً ضمن مجلس الوزراء أو الدوائر الرسمية اللبنانية، لذلك لا يمكن إعتبارترحيب رئيس الحكومة تمام سلام قراراً رسمياً.
مصادر رسمية لبنانية أوضحت ان لا أحد يقرر عن لبنان وان الحكومة لم تجتمع بعد لإتخاذ القرار، معتبرةً ان الاعلان عن انضمام لبنان الى هذا التحالف ممكن ان يكون نوع من توجيه دعوة . وقد أضاف المصدر "لا يحتاج الرئيس تمام سلام إلى من يذكرّه بالمادة 62 من الدستور التي تتحدث عن انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعاً، وليس في حاجة الى فريق من المستشارين لينبّهه الى ضرورة عدم الاستفراد باصدار اي قرار يخص كل لبنان".
ماليزيا: ترحيب دون مشاركة!
وفي رد اعتبره الكثيرين دبلوماسيًا، رحبت ماليزيا بتشكيل التحالف الإسلامي العسكري الذي أعلنته السعودية، حيث أعلن وزير الدفاع الماليزي هشام الدين حسين، لصحيفة "ستار" الماليزية، أن بلاده لن تشارك في التحالف عسكريًا، لكنها تتضامن معه ضد التطرف . وقال: "من الطبيعي أن نقف مع هذا التحالف لأن ذلك ضمن توجهنا لمكافحة الإرهاب ".
مصر تهاجم
لم تنتظر مصر، التي لم يرد ذكرها في التحالف، طويلاً حتى تعلن موقفها من التحالف السعودي الجديد، فقد أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشكل ضمني عن مخاوفه من تأثير تشكيل التحالف الاسلامي العسكري على تشكيل القوة العربية المشتركة التي اقترحتها مصر لمحاربة الارهاب.
إلا أن الوقف الرسمي الحقيقي لمصر، يمكن قرائته من خلال الصحف التي تعتمدها الرئاسة المصرية في كثير من الأحيان لتوجيه رسائل قد يكون من الصعب إيصالها عبر القنوات الدبلوماسيّة. فقد شنّت صحف مصرية عدة هجوماً عنيفاً على "التحالف العسكري" الذي أعلنت عنه السعودية تحت عنوان "محاربة الإرهاب"، فرأت أنه يأتي في إطار تذكية الصراع الطائفي في المنطقة، متسائلة عن تعريف التحالف للإرهاب. وشككت الصحف في جدوى التحالف الذي يضم دولاً داعمة للإرهاب في المنطقة . صحيفة "الوطن" المصرية انتقدت في مقال للكاتب عادل نعمان "حلف السنة"، وقال نعمان : "لا أعرف له اسماً حتى الآن غير هذا، وليس هناك صفة تجمع كل هؤلاء سواها ".
من جهته، إنتقد ئيس التحرير التنفيذي لصحيفة وموقع "اليوم السابع"، دندراوي الهواري، ضم التحالف لدول "متهمة بدعم الإرهاب، مثل قطر وتركيا"، متوقفاً عند "استبعاد إيران وسوريا والعراق من التحالف"، متسائلاً: "هل العراق على سبيل المثال ليست دولة إسلامية؟ وهل ما يحدث فى سوريا ليس ارهاباً ؟ !"
هذا هو موقف الدول الإسلامية الكبرى في هذا التحالف، في حين تبقى العديد من الدول واردة الذكر والغير وازنة عسكرياً وسياسياً مجهولة الموقف من "تحالف المهزلة"، وفق العديد من المراقبين. في ظل هذا المواقف التي تؤكد عدم صحّة الإدعاءات التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان، لم يبق سوى تفسير واحد لهذا الإلتباس وهو إنتقال عدوى الخرف من الملك "الهرم" سلمان، إلى إبنه الأمير "الشاب".