الوقت- لقي سبعة إسرائيليين مصرعهم، وأصيب 10 آخرون، في عملية إطلاق نار نفذها فلسطيني في القدس. وقالت وزارة الخارجية في حكومة الاحتلال، إن فلسطينياً فتح النار على تجمع لمستوطنين، وتسبب بمقتل سبعة إسرائيليين وإصابة 10 آخرين بجروح متفاوتة. وبينت الشرطة الإسرائيلية أن منفذ عملية القدس شخص واحد وصل بدراجة نارية وفتح النار، مؤكدة أنه يجري البحث عن مساعدين محتملين له. وأبلغت نجمة داود الحمراء أنه "في الساعة 8:16 مساء، ورد بلاغ عن إصابة عدد من الجرحى في إطلاق نار في حي نيفي يعقوب في القدس، ما أسفر عن وقوع إصابات على الفور". ومن جهتها، أفادت "القناة 14" العبرية بأن ثلاثة من المصابين في عملية إطلاق النار في القدس حالتهم خطيرة. وأشارت وسائل إعلام عبرية إلى أن القوات الإسرائيلية انتشرت بكثافة في منطقة النبي يعقوب وبيت حنينا. وذكرت أن عملية القدس هي الهجوم الأكثر دموية مقارنة بالعمليات السابقة.
ولقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بإجراءات "قوية" وسريعة السبت الماضي في أعقاب هجومَين نفّذهما فلسطينيّان في القدس الشرقيّة المحتلّة، أسفر أحدهما عن مقتل سبعة أشخاص قرب كنيس يهودي. وأصيب إسرائيليّان بجروح صباح السبت في إطلاق نار في حيّ سلوان نفّذه فتى فلسطيني في الثالثة عشرة من عمره أصيب بدوره برصاص الشرطة. وجاء ذلك غداة عملية إطلاق نار قرب كنيس يهودي في حيّ استيطاني أوقعت سبعة قتلى وقُتل منفّذها البالغ 21 عامًا، ما يفاقم المخاوف من حدوث تصعيد رغم الدعوات الدولية إلى التهدئة.
وأعلنت الشرطة في وقت سابق توقيف 42 شخصا على خلفية هجوم الجمعة الذي استهدف كنيسًا وكان من بين الاعتداءات الأكثر دمويّة في القدس منذ سنوات. وتزامن الهجوم مع اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة. يأتي ذلك في ظلّ تصعيد في المواجهات في الأراضي الفلسطينيّة بعد مداهمات دامية نفّذها الجيش الإسرائيلي في الضفّة الغربيّة المحتلّة هي الأعنف منذ نحو عشرين عامًا. وقد أعقبها إطلاق فصائل فلسطينيّة صواريخ من غزّة ردّت عليها إسرائيل بشنّ غارات على القطاع المحاصر الذي تسيطر عليه حركة حماس.
ولقد أشاد حزب الله بالعملية البطولية التي نفذها الشهيد الفلسطيني المقاوم خيري علقم في القدس المحتلة رداً على جرائم الاحتلال، مؤكداً أنها أربكت العدو الإسرائيلي وكشفت هشاشة أمنه، وأدخلت الرعب والقلق في قلوب كيانه ومستوطنيه. وقال الحزب في بيان له اليوم أوردته قناة المنار: إن “هذه العملية الاستشهادية الشجاعة جاءت كرد فعل سريع وحاسم وجريء على العدوان، والمجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني في مخيم جنين، وصفعة قوية لحكومة المتطرفين والفاسدين”، معرباً عن تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني، وتأييده المطلق لكل الخطوات التي تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية لردع العدوان والدفاع عن الفلسطينيين.
وأدان حزب الله في بيانه ازدواجية المعايير الظالمة والمرفوضة التي تمارسها بعض الحكومات الغربية والعربية بالتواطؤ والصمت عن المجزرة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في مخيم جنين، وأدت إلى استشهاد العديد من أبناء الشعب الفلسطيني، وفي وقت تبادر فيه هذه الحكومات أيضاً إلى إدانة العملية الدفاعية التي نفذها الشهيد علقم، وسائر العمليات التي تنفذها المقاومة الفلسطينية. وجاء في البيان “إن حزب الله إذ يبارك لشعبنا الفلسطيني وكل فصائله المقاومة هذه العملية النوعية، ويرى أن بندقية المقاومين وسواعدهم القوية وحدها الرد على جرائم العدو، وهي التي ستكتب نصر فلسطين”. يذكر أن عشرة فلسطينيين استشهدوا، وأصيب العشرات أمس الأول، جراء مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها على مدينة جنين ومخيمها بالضفة الغربية.
موجات انتفاضة فلسطينية ثالثة تعتلي
رجحت صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية أن عوامل اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة باتت تلوح بالأفق، مع انسداد أي أفق أمام الفلسطينيين، وتزايد اعتداءات الاحتلال عليهم. ونشرت الصحيفة مقالا لمراسلها في الكيان الإسرائيلي، "أنشيل بيفر"، تساءل فيه إن كانت أحداث الأسبوع الأخير في الضفة الغربية والقدس ستقود إلى انتفاضة ثالثة. وقال إن حكومة المتطرفين في الكيان الإسرائيلي التي وصلت إلى السلطة وقادت لتسابق قادة اليمين المتطرف والوزراء فيها لإطلاق تصريحات نارية، إن دوامة العنف والموت، تجعل من الصعوبة بمكان، تحديد أي من الحوادث على أنها المحفز للهجمات، والتكهن بتصعيد جديد.
وبعد نهاية الانتفاضة الثانية، زاد الصراع في سلسلة من تبادل الصواريخ والعمليات العسكرية ضد حركة حماس في غزة والتي كانت تنتهي في أيام أو أسابيع، ثم تتبعها هجمات العناصر المنفردة في الضفة الغربية وشرق القدس تمتد أحيانا على عدة أشهر. لكن المد الأخير مستمر منذ تسعة أشهر ولا توجد أي إشارة على تراجعه. ولا يستبعد أن يتوسع لانتفاضة ثالثة، نظرا لوجود العناصر التي تغذيها.
ويواجه نتيناهو وضعا أمنيا خطيرا في حكومته الجديدة التي ملأها بالمتطرفين الذي يطالبون بإجراءات قاسية. لكنه يعرف ألا حل سريعا للوضع باستثناء إرسال الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية، ما يعني مزيدا من القتلى. ويواجه الفلسطينيون أوضاعا معنوية متدنية، فقد فقدوا الثقة بقيادتهم، وخاصة محمود عباس البالغ من العمر 87 عاما، والذي يحكم منذ 19 عاما تقريبا. وهم يواجهون حكومة إسرائيلية متطرفة سياستها الرسمية هي توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وضمها بشكل عملي، ولكن بعد 23 عاما من الانتفاضة الثانية، هناك جيل جديد من الفلسطينيين دون أمل، وليس لديهم ما يخسرونه لو بدؤوا انتفاضة جديدة.
ورأت صحيفة "أوبزيرفر" في تقرير لمراسلتها "بيثان ماكرنان"، أن دوامة العنف الجديدة في الأراضي المحتلة تركت الفلسطينيين وسط دورة من القتل الدموي. وأشارت إلى عملية القدس، لكنها أيضا تحدثت عن إطلاق المستوطنين النار على ثلاثة فلسطينيين قرب نابلس. وقالت: "أيام التصعيد الدموي هذه لم تحدث من فراغ، فقد زاد التوتر منذ ربيع العام الماضي، حيث زادت عمليات الطعن بالسكاكين والأسلحة وأدت إلى عمليات لجيش الاحتلال أطلق عليها (عملية كسر المياه) وهي أكبر عملية خارج وقت الحرب". وقادت هذه العملية لأكثر السنوات دموية منذ الانتفاضة الثانية، وأدت لاستشهاد أكثر من 150 فلسطينيا ومقتل 33 إسرائيليا عام 2022.
وبدأ العام الحالي دمويا، فقد استشهد 32 فلسطينيا. وفي الوقت نفسه، تفقد السلطة الفلسطينية الشرعية والسيطرة، فقد نشأ الجيل الجديد بقيادات غير مهتمة بتغيير الوضع القائم، وينظر إليها كمتعهد فرعي للاحتلال. وهناك جيل من المسلحين الذين لا تربطهم روابط قوية مع أي من الفصائل الفلسطينية، ويملك السلاح المهرب من الأردن أو المسروق من الجيش الإسرائيلي. وأدى ظهور حكومة متطرفة في الكيان الإسرائيلي لإمكانية عودة العنف، فقد أصبح نتنياهو رهينة لدى شركائه المتطرفين مقابل حصوله على حماية من الملاحقات القانونية بالفساد. ومن الصعب التكهن فيما سيحدث لاحقا، إلا أن دراسة مسحية فلسطينية- إسرائيلية نشرت حديثا، وجدت أن نسبة 61% من الفلسطينيين، و65% من اليهود، قالوا إن انتفاضة ثالثة باتت تلوح بالأفق.
وتمت الدراسة المسحية في كانون الأول/ديسمبر، ووجدت أن الدعم لعملية السلام في أدنى مستوياته. وهناك زيادة للكفاح المسلح بين الفلسطينيين، إلى جانب عدد كبير من اليهود الذين يدعون جيش الاحتلال إلى شنّ عملية عسكرية كبيرة لتحطيم القدرات العسكرية للفلسطينيين. وتزيد هذه التوجهات كما تقول داليا شيندلين، صاحبة الدراسة "في آخر مرة كانت الغالبية من الجانبين تدعم حل الدولتين بناء على حدود عام 1967” ولكن “الدعم للنظام غير الديمقراطي قد تفوّق على حل الدولتين ولأول مرة.. وبات السلام في المنطقة بعيدا أكثر من أي وقت مضى".