الوقت_ تتحدث معلومات إخباريّة أنّ نظام آل خليفة في البحرين ينفق ملايين الدولارات لإجراء منافسة غير معروفة وغير عادية، بينما يعاني شعب البحرين من التضخم وعجز الميزانية والغلاء الضريبيّ المتزايد، حيث أنفقت حكومة البحرين 5 ملايين دولار أمريكي على جائزة غير معروفة في السنوات الأخيرة، وهو المبلغ الإجمالي الذي منحته ما تسمى "جائزة عيسى لخدمة الإنسانية" لخمسة فائزين أجانب في هذه المسابقة في 5 فترات منذ بدايتها، ولا تشمل هذه الجائزة أي تكاليف تنظيمية مثل رواتب الموظفين الإداريين وحكام الجائزة، وكذلك تكاليف إقامة الاحتفال السنوي، وإقامة الضيوف، والمنشورات، والميداليات الذهبية، وإلخ..، ولكن من سمع حقًا عن تلك الجائزة التي أنشأت في عام 2009 للتنافس مع الجوائز المرموقة للدول العربية في منطقة الخليج، مثل جائزة "بوكر للرواية العربية"، وجائزة عويس الثقافية وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وسميت الجائزة باسم عيسى بن سلمان آل خليفة، والد الملك الحالي، لضمان تمويلها باستمرار من قبل الديوان الملكي.
تحت شعار "خدمة الإنسانية ولعب دور في تغيير العالم نحو الأفضل"، تقام هذه المسابقة كل عامين، ويتم خلالها منح مبلغ مليون دولار أمريكي للفائز الذي يختاره الحكام، وخلال الجولات الخمس من هذه المسابقة، منحت البحرين الجائزة لسيدة ماليزية ورجل أعمال هندي وصيدلي مصري ورجل أعمال باكستاني، وفي العام الحالي لطبيب نيبالي، وبهذه الطريقة تم إنفاق 5 ملايين دولار من الموارد المالية لهذا البلد على تعويض غير معروف وغير صالح، وفي الوقت نفسه، فإن قيمة الجائزة هي أعلى مبلغ يُمنح للفائز بين جميع المسابقات في الدول العربية في دول الخليج.
وعلى سبيل المثال، تبلغ قيمة جائزة "كتارا" للرواية التي تنظمها قطر 575 ألف دولار، وتشمل خمس مجموعات مختلفة: 300 ألف دولار للمجموعة الأولى، و 150 ألف دولار للمجموعة الثانية، و 75 ألف دولار للمجموعة الثالثة، و 50 ألف دولار للمجموعة الثانية، والمجموعة الرابعة و 60 الف دولار للمجموعة الخامسة، أي ما يعادل أقل من نصف جائزة حكومة البحرين، كما تبلغ تكلفة جائزة "بوكر" العالمية للرواية العربية التي تنظمها الإمارات 110 آلاف دولار، منها 50 ألف دولار للفائز الأول و 10 آلاف دولار للمؤلفين الستة الآخرين، أي أقل بنحو 9 مرات من قيمة جائزة البحرين، بينما تمنح البحرين مليون دولار للفائز الأجنبي دون أي سبب وجيه، وهو ما يعادل تقريبا قيمة الجوائز التي تمنحها "جائزة نوبل" للفائزين في مختلف مجالاتها.
ومع ذلك، فإن جائزة بوكر وجائزة كتارا تنتظر كل عام من قبل الجمهور العربي والأجنبي، وتلفت انتباه وسائل الإعلام إليهما حيث تتنافسان على تغطيتهما والتنبؤ بالنتائج في التقارير النشطة، ويتم تقسيم الجائزتين إلى جزأين، ولقد أصبحتا سلاحاً ناعماً ضخماً في يد الإمارات وقطر، ومن ناحية أخرى، لا أحد يعرف جائزة عيسى لخدمة البشرية، ويمكنك البحث عن اسم الجائزة التي تم تقديمها للدكتور نيبالي في 16 يناير 2023، بما يمكن وصفه "سعادة البشرية على حساب معاناة شعب البحرين".
وباستثناء الصحف المحلية ووكالة الأنباء البحرينية الحكومية، لم تغطه أي وسائل إعلام، على الرغم من أن هذه المسابقة تقام تحت إشراف ملك البحرين نفسه، في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في الدين العام الذي وصل إلى سقف 19 مليار دينار بحريني، تنفق الحكومة مبالغ غير مجدية في مختلف المجالات، كما أصبحت جائزة عيسى لخدمة الإنسانية أكبر جائزة عربية وإقليمية، فيما يجمع مواطنو البحرين في تغريداتهم على عبارات مثل "مبارك للرابحين الأجانب مليون دولار، وأعان الله ابناء البحرين الغارقين في ارتفاع الاسعار والضرائب، حيث أعلن البنك الدولي مؤخراً أن البحرين سجلت أعلى معدل تضخم في أسعار المواد الغذائية بين دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر 2022 بمعدل 12.7 بالمئة.
وفي الفترة الأخيرة، أعلنت الجمعيات السياسية البحرينية أن الفقر يتزايد في هذا البلد بسبب انعدام العدالة الاجتماعية وضعف التخطيط الاقتصادي وقلة دعم الفئات والفئات الضعيفة، وأكدت هذه الجمعيات أن الفقر هو أحد العوامل المهينة لكرامة الإنسان وهو شكل من أشكال التمييز بين الناس يعاني منه الغالبية العظمى من الطبقات العاملة والعاطلين والمهمشين وضحايا الحروب والكوارث الطبيعية وكذلك الأمراض المختلفة، فمن بين الأسباب الرئيسية للفقر في البحرين ارتفاع معدلات البطالة وأزمة السكن والافتقار إلى التخطيط الاستراتيجي وغموض خطة الانتعاش الاقتصادي، ويعتمد المواطنون البحرينيون على المساعدة المالية من وزارة العمل لتمويل احتياجاتهم الأساسية، وعدد هؤلاء المواطنين آخذ في الازدياد، وفقاً لتقارير إعلاميّة.
وفي عام 2021، بلغ عجز ميزانية البحرين ماليّاً نحو 953 مليون دينار (2.5 مليار دولار)، على الرغم من زيادة الإيرادات في البلاد بنسبة 26 في المئة إلى 953 مليون دينار (2.5 مليار دولار) مقارنة بالعام السابق، وذلك بسبب الاستيلاء على السلطة في البحرين والسيطرة على جميع المناصب المهمة والرئيسية، وقد أطلق نظام آل خليفة العنان للفساد على نطاق واسع ولم يمنع فقط شعب البحرين من المشاركة في الشؤون الاقتصادية والسياسية المهمة؛ بل تسبب أيضاً في الكثير من الضرر لمصالحهم، وإن فساد نظام آل خليفة المستشري ليس مسألة مرتبطة بالحاضر والامس، لكنها بمثابة أمر واقع لدى الأسرة الحاكمة في البحرين وله جذور عميقة للغاية.
ومن الجدير بالذكر أنّ دولة البحرين وفقاً للمؤشرات الدولية تعتبر موغلة في الفساد العام والفساد السياسيّ والمالي والتشريعي والقضائيّ كما صنفتها جهات دولية في تقاريرها كواحدة من بين عدة أنظمة وحشيّة وقمعيّة، والبلد التسلطي الاستبداديّ ضمن قائمة الدول "غير الحرة" ومن بين الأكثر قمعًا في الشرق الأوسط، في وقتٍ تتصاعد في البحرين وتيرة الاستيلاء على المال العام وسرقة ونهب الأراضي والسواحل العامة، والهيمنة على القرار السياسيّ والنفوذ والسيطرة على كل مؤسسات الدولة وقراراتها، وقد عمل النظام البحريني خلال العشر سنوات المنصرمة على تدمير البنية التحتيّة لحقوق الانسان بشكل كامل، حيث الغى الحريات السياسية والدينية والصحفية والثقافية وحرية الرأي والتعبير وحرية تشكيل الجمعيات والاحزاب وحرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني وحرية التظاهر وحرية العمل وتجاوز كل ذلك بمشاريع كارثية لا تليق بدولة في هذا العصر.
نتيجة لكل ذلك، وإذا ما تغاضينا عن الملف الحقوقيّ المشين لدولة البحرين بعد أن حوّلت فيه سلطات البحرين أوضاع حقوق الإنسان إلى أسوأ حالاتها بسبب القمع المتصاعد ومحاربة حرية الرأي و التعبير و تعزيز الانقسام والطائفيّة، وسجل النظام البحريني حافل بانتهاكات حقوق الانسان مع استخدامه القضاء كأداة لكمّ الأفواه الشعبية المُطالبة بالديمقراطية، يواجه شعب البحرين وخاصة في السنوات الأخيرة، مشاكل اقتصادية جمة؛ نتيجة إهدار موارد البلاد، والسيطرة المطلقة على السلطة، ماتسبب بمشاكل أثقلت كاهل الشعب البحريني، كما أدى إلى خلق فساد مستشر في مختلف إدارات حكومة آل خليفة التي اتبعت منهجاً فاشلاً في إدارة البلاد يهدد سلامة هذا المجتمع بالكامل.
وعند إثارة أيّ قضية تتعلق بالبحرين، يجب التذكير دائماً أنّ شعب البحرين محرومٌ من أبسط حقوقه الواردة في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان وفي العهدين الدوليين وفي كل المقررات الدولية، وعلى رأسها الحق في الحياة، لأنّه ممنوع من المشاركة السياسية في السلطات الثلاث وتوزيع الثروة والقرار والتشريع والتنفيذ والقضاء، كما أن الحقوق السياسية محجوبة عنه، إضافة إلى حرية الرأي والتعبير، والحرية الدينية، وحرية تكوين الجمعيات والاحزاب، وحرية التجمع السلمي وغيرها من الحريات التي تصادرها سلطات آل خليفة بالقوة والبطش، واستكمالاً لمنهج الاستبداد غير الموصوف والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان، عملت الحكومة وأجهزتها الأمنيّة والعسكريّة على تفكيك المعارضة وإلغائها عبر حلّها وسحب تراخيص العمل وتطبيق قانون العزل السياسيّ في الدولة دون أي دوافع أو أسباب منطقيّة.