الوقت-قام الكيان الصهيوني موخراً باقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك وأثارت الخطوة الحمقاء لوزير "الأمن القومي" للاحتلال الصهيوني إيتمار بن غفير باقتحامه المسجد الأقصى، بحماية قوات الاحتلال ردود فعل عربية وغربية منددة ورافضة للاقتحام. ولكن للأسف فإن الادانات كانت دون المستوى المطلوب ، ففي ظل الهمجية التي ينتهجهها كيان الاحتلال الصهيوني ضد أبناء الشعب الفلسطيني، كان يجب على الحكومات التي اكتفت بالإدانات أن تتخذ مواقف أكثر جدية ضد هذا الكيان الذي أصبح لا يقيم وزناً لتلك الحكومات لأنها تكتفي فقط بالإدانات والتصريحات الفارغة التي لا تقدم ولا توخر شيئاً.
وفي هذا الصدد يمكن القول وبشكل واضح إن السكوت من قبل الحكومات العربية وإصدار البيانات بين الحين والاخر قد ساعد الكيان الصصهيوني على الاستمرار في ارتكاب جرائمه ضد أبناء الشعب الفلسطيني، اللافت في الامر أن الجرائم التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد مقدسات الامة ترتكب واحدة تلو الاخرى وكأن الكيان الصهيوني تعود على أن لا تكون هناك ردات فعل من قبل الحكومات العربية بل إن تلك التصريحات الفارغة التي تصدرها بعض الحكومات العربية هي ضوء اخضر للكيان الصهيوني للاستمرار في جرائمه ضد أبناء الشعب الفلسطيني ومقدسات الامة العربية والإسلامية، وفي هذا السياق تُطرح العديد من التساؤلات لماذا اكتفت الحكومات العربية فقط بالإدانات ضد الكيان الصهيوني ولم تتخذ مواقف أكثر جدية؟
إدانات عربية خجولة
إن الكيان الصهيوني مازال مستمراً في جرائمة بحق أبناء الشعب الفلسطيني ويوماً بعد اخر يرتكب كيان الاحتلال الجرائم تلو الاخرى دون حسيب او رقيب فالحكومات العربية تكتفي بالإدنات فقط دون ان تحرك ساكناً وهنا يمكن القول بوضوح إن المأساة التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني هي مستمرة منذ سنوات أمام سمع وبصر العالم والحكومات العربية، من دون أدنى حراك عملي، سوى بيانات الإدانة الخجولة التي تصاعدت في الأيام الأخيرة، في حين نسمع أصوات الشعوب ترتفع وتطالب الحكومات باتخاذ مواقف أكثر جدية ضد جرائم الكيان الصهيوني التي تُرتكب والتي كان آخرها اقتحام المسجد الاقصى على أيدي الاجهزة الامنية التابعة لكيان الاحتلال الصهيوني.
نعم إن قضية الشعب الفلسطيني قضية عادلة فأين الحكومات العربية والمجتمع الدولي من هذه القضية الإنسانية؟ ولماذا هذه الازدواجية في التعاطي الدولي مع جرائم الكيان الصهيوني التي تُرتكب ومع الجريمة التي ارتكبت موخراُ من خلال اقتحام باحات المسجد الاقصى؟ لايخفى على أحد أن الحكومات العربية تعيش اليوم حالة من البؤس بل إن العالم العربي يعاني من التشتت وهذا واضح من خلال المواقف التي تتخذها الحكومات العربية على الصعيد الرسمي، حيث لم تقدم شيئاً لأبناء الشعب الفلسطيني ولم تتخذ مواقف جدية ضد كيان الاحتلال الصهيوني وضد الاقتحامات الاخيرة التي قام بها الكيان الصهيوني.
الإدنات والصمت الدولي يشكلان غطاء لجرائم الكيان الصهيوني
لماذا يصمت المجتمع الدولي على هذه الجرائم، ولا تُفرض أي عقوبات على الكيان الصهيوني بسببها؟ إن المصيبة تكمن في أن المجتمع الدولي والإدانات العربية التي تصدر من الحكومات، هي إدانات خجولة لم تُترجم لتحرك دولي مقنع لنصرة أبناء الشعب الفلسطيني، وفي الواقع تبقى الإدانات خجولة وصامتة لأسباب خفية، ففي الواقع دائماً ما كان الرد الدولي على انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين مشابهاً للردود على الانتهاكات في أماكن اخرى، فهو مصحوب بصمت من بعض الدول، مثل الولايات المتحدة، أو في أحسن الأحوال ، يقتصر على بعض التصريحات والإدانات الشفوية والسطحية من قبل بعض الدول الأوروبية ، ولم ترغب الدول الغربية والأوروبية أبداً في محاسبة الصهاينة على أفعالهم اللاإنسانية.فالدول الغربية، حتى في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، بصفته الهيئة الدولية الأكثر رسمية لرصد أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأخرى ، لم يتحركوا أبداً تجاه قضية اقتحام المسجد الأقصى، كما أنهم لم يتخذوا أي إجراء حتى الآن ،ويبدو أن صمت هذه الدول تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين واقتحام المسجد الاقصى قد فضح ازدواجية المعاير التي ينتهجها مجلس الامن الدولي في التعاطي مع قضايا الشعوب.
في الختام يمكن القول إن الإدنات التي تصدر من بعض الانظمة العربية تعبر بشكل واضح عن غياب الرؤية الواحدة والتحرك الجدي ضد الكيان الصهيوني، وهذا بدوره ساعد وشجع الكيان الصهيوني على انتهاك حقوق الفلسطينيين، وفي هذا السياق فإن غياب الرؤية العربية يعبر عن فشل استراتيجي تعانيه منظومات الإدارة والسياسة العربية منذ عقود، ولاتزال، وهو ما يجعلها فاقدة للإرادة في نهاية الأمر لتحقيق مطالب الشعوب العربية العادلة.في المقابل نجد أن الكيان الصهيوني قد وضع رؤية استراتيجية بعيدة المدى لا يحيد عنها أي ممن تولوا حكوماته على مدى تاريخ احتلاله للأراضي العربية، بدءاً من بن جوريون صاحب تسمية الدولة العبرية الوليدة باسم "إسرائيل" ومن مؤسسيها الأوائل، الذي تولى رئاسة الحكومة تسع مرات، بدأت الأولى بقيام دولة الكيان الصهيوني عام 1948 وانتهت التاسعة في 26 / 6 / 1963، ثم تتابعت السياسة ذاتها على الحكومات المتعاقبة التي تولاها كل من موشيه شاريت ثم ليفي أشكول، وجولدا مائير ومناحم بيجين، اسحق شامير، اسحق رابين، ثم بيريز ونتنياهو وباراك و... وصولا للزمن الراهن.