الوقت- تكريماً لذكرى استشهاد آية الله نمر باقر النمر القائد الشيعي السعودي الذي أعدمه نظام آل سعود. خرج البحرينيون الأحرار للتظاهر في جزيرة ستري وبلدة السنابس وتجديداً لرفضهم أي تطبيع مع النظام الصهيوني من خلال ترديد هتافات مناهضة للكيان الإسرائيلي.
ورفع المشاركون في هذه المسيرة صور آية الله الشيخ عيسى قاسم قائد الثورة الروحية في البحرين ، وحيوا ذكرى شهداء البحرين ومنهم الشهيد السيد هاشم ، في إطار احتفالات وطقوس تحت عنوان "یا سترة نحن قادمون "
الجدير بالذكر أن حدث "نحن قادمون" هو حدث سنوي بدأ في الأول من يناير 2016 ، حيث أعلن ائتلاف 14 فبراير البحريني شعار العام الثوري. و في محاولة لقمع هذه الاحتجاجات هاجمت قوات نظام آل خليفة المتظاهرين في هذا التجمع، لكن أهالي البحرين أغلقوا الشوارع الرئيسية لمنع تقدم مركبات مرتزقة آل خليفة و ضمان الأمن.
و تحت عنوان كرامةً وشهيداً، أحيت المعارضة في الجزيرة العربية الذكرى السابعة لشهادة العلامة الشيخ الشهيد نمر باقر النمر وشهداء الحجاز. و انطلقت فعاليات الإحياء أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022، وتستمر إلى العاشر من شهر يناير/ كانون الثاني 2023، حيث ستقام الفعاليات في عدد من البلدان.
وأشار بيان “لقاء” المعارضة في الجزيرة العربية إلى دلالة الشعار لكونه يرمي إلى تعريف الشيخ الشهيد للكرامة، “فهي في نظره حقّ إنساني أسمى لا يملك أحد التصرف فيه، بل هي المبرر لتمسّك الإنسان وتشبثه بالحياة والبقاء، وأن الإنسان لا قيمة له إلا بها”.
و يعتبر التمادي غير المسبوق في القفز على القيم الدينية والأخلاقية والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي تربّى عليها مجتمع الجزيرة العربية بكل مكوّناته، إضافةً إلى ما تشهده البلاد منذ سنوات من تدهور متسلسل على مستوى الحقوق المدنية والحريات السياسية، والانهيار المريع الذي وصلت إليه أوضاع الناس الحياتية، وتصاعد الأعباء الضريبية والتضخّم وغلاء الأسعار، وأزمة الإسكان، وتفاقم الانتهاكات لحقوق الإنسان واستلاب الهوية الدينية والتاريخية لأبناء الجزيرة العربية الذي أخذ أشكالاً غير مسبوقة تحت عنوان الترفيه بأشكال مبتذلة وهابطة، كل ذلك يفرض على الغيارى من أبناء الجزيرة العربية النهوض بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية لدفع عائلة الشر والجور عن الشعب المضطهد.
الشيخ نمر رمز للكرامة
ولد سماحة الشيخ نمر باقر النمر عام 1379 هـ (1959م)، بمنطقة العوامية - إحدى مدن محافظة القطيف بالمنطقة الشرقية. ورغم أنَّ الحديث عن السياسة، ونقد السلطات، والخوض في كل ما يرتبط بحقوق الناس والحريات العامة والعدالة والكرامة وما شاكل كان من الأمور الممنوعة قطعياً، وكان المطلوب من الشعب فقط السمع والطاعة للعصابة الحاكمة لا غير، رغم كل ذلك فإنّ الشاب نمر باقر، وهو طالب في المرحلة المتوسطة، كان شديد الاهتمام بأوضاع بلده -كالعديد من الشباب الرسالي- متسائلاً عن العوامل التي تجعل الغالبية العظمى من أبناء المنطقة الشرقية مهدوري الحقوق يعيشون الفقر والضيق والحرمان، رغم أنَّ بلادهم تطفو على بحيرة من الثروة النفطية؟
كان يتساءل: لماذا تذهب كل هذه الثروات الهائلة إلى جيوب العائلة الحاكمة دون حق، ويظل أبناء المنطقة الغنية بالبترول يعانون الحرمان والفقر والتخلف؟ وفي مرحلة الثانوية تحولت هذه التساؤلات إلى اندفاع شجاع لدى الشاب المتحمِّس نمر باقر لكي يبدأ خطوات عملية لنشر الوعي في المجتمع وتوجيه الشباب -من أمثاله- إلى العمل الديني الاجتماعي للمطالبة بالحقوق، وهكذا انخرط في العمل الرسالي حاملاً مشعل التوعية والتربية بين مختلف فئات المجتمع".
إلى جانب الدور الديني التقليدي المتمثل في الوعظ والتربية، اهتم الشهيد النمر اهتماماً مكثفاً ومتصاعداً بالمطالبة بالحقوق السياسية، والمطالبة باحترام حقوق الإنسان، وذلك بجرأة لم تألفها الحكومة السعودية حيث مر على الشيخ الشهيد العديد من المضايقات من قبل رجال الأمن بالدولة لمدد متفاوتة، تناوب فيها رجال الأمن على مراقبة سكن الشيخ على مدار الساعة، والتعرض له عن طريق الاستدعاء المتكرر والاعتقال لفترات قصيرة ودون إذن مكتوب، ولكن الفقيه الشهيد لم يتجاوب معها، وكانت السلطة تضطر في كل مرة إلى إطلاق سراحه -بعد الاعتقالات الغاشمة- تحت الضغط الجماهيري والمظاهرات الشعبية؛ بعد 1274 يوماً من الاعتقال في زنازين انفرادية، مصحوباً بالتعذيب والتضييق والإهمال وعدم معالجة آثار الرصاصات الغاشمة التي أطلقها جلاوزة السلطة عليه، عرج الفقيه المجاهد الشيخ نمر باقر النمر إلى ربه شهيداً على يد العتاة المردة، محرفي الكتاب، ومنتهكي السنن، ومفرقي الأمة، بني سعود بعد محاكمة صورية كان حكمها قد صدر مسبقاً من وزير الداخلية.
لا للتطبيع ..في ذكرى استشهاد الشيخ النمر
في كل مناسبة يجدد أحرار البحرين رفضهم لاتفاقية التطبيع بين آل خليفة و الكيان الصهيوني و لأي تواجد صهيوني على أرض البحرين ففي ذكرى استشهاد الشيخ باقر النمر أكد البحرينيون على رفضهم للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاشم. فيما كانت قد خرجت تظاهرة في منطقة سترة بالبحرين، يوم الجمعة الماضية، رفضا لإقامة فعاليات "الحانوكا" في البلاد، وكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ودعما للقضية الفلسطينية. كما ردد بعضهم هتاف: "الموت لإسرائيل"، فيما ظهرت قوات الشرطة وهي تحث المتظاهرين على فض تظاهراتهم.
ويشار إلى أن "عيد حانوكا" اليهودي الذي يحتفل فيه اليهود لمدة 8 أيام حسب التقويم العبري من كل عام ويضيئون خلاله شمعة كل يوم تثبت في شمعدان خاص بهذه المناسبة. ولمَ نستغرب تطبيع النظام البحريني مع الكيان الصهيوني! إنَّ نظام آل خليفة يقمع ثورة شعب ثائر لم يحمل إلا غصن الزيتون في يده. ولعلَّ ثورة الشعب البحريني تُعتبر من أرقى الثورات في الوطن العربي، إذ لم نسمع يوماً عن متظاهر بحريني يحمل سلاحاً، على الرغم من جميع الجرائم التي ارتكبها النظام، ولم نسمع من قيادات الحراك المدنية أو الدينية دعوة واحدة إلى العنف أو حمل السلاح أو التدخّل الخارجي. ووقعت البحرين اتفاقية تطبيع مع الاحتلال في سبتمبر/أيلول 2020، لتكون ثاني دولة خليجية تقدم على الخطوة ذاتها بعد الإمارات. وكان الرئيس الإسرائيلي "إسحاق هرتسوج" قد أجرى مؤخراً زيارة إلى المنامة تلبية لدعوة رسمية من العاهل البحريني الملك "حمد بن عيسى". الشّعب البحريني بكلِّ مكوّناته وطوائفه وأطيافه السياسية رفض هذه العملية، ونزل إلى الشارع معترضاً. أطلقت أطياف مكونات الشعب البحريني حملة "لا مرحباً بالمجرم المحتل"، كما انتشر وسم البحرين ترفض الصهاينة كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي.
فمن جلب التدخّل الخارجي الغاشم كان النّظام نفسه الذي استعان بالقوات السعودية لقمع ثورة شعبٍ لا يريد سوى الحرية. ولهذا، لا نستغرب من هذا النظام أن يوقّع اتفاق تطبيع أو يحتضن سفارة كيان معتدٍ قاتل للأطفال على أراضيه، فالطّيور على أشكالها تقع.
يجب التذكير هنا بأنَّ الشعب البحريني لطالما دافع عن قضيته المركزية، وهي قضيّة فلسطين المحتلّة. وفي مراجعة بيانات حركات التحرر البحرينية خير دليل على ذلك، إذ رفضت جمعية "الوفاق" هذا التحرّك، ودعت الشعب البحريني للنزول إلى الشارع والتعبير عن الغضب من هذه الزيارة التي دنَّست أرض البحرين.
أبرز مقتطفات كلمة ائتلاف 14 فبراير في فعاليّة «قادمون يا سترة – 8»
جدّد البحرينيون اللقاء مرة أخرى هذا العام في فعالية «قادمون يا سترة» بنسختها الثامنة، مستقبلين عامًا ثوريًّا جديدًا من أرض الثورة وجزيرة الشهداء سترة العزة والإباء. أبرز ماجاء في كلمة ائتلاف 14 فبراير: أيّها الأحبّة، نطوي صفحة عامٍ كان بمجمله مجموعة اختبارات لشعبنا الأبيّ في كثير من المحطات؛ إذ أجرى النظام الخليفيّ انتخاباته غير النزيهة لما يسمّى المجلسين النيابي والبلدي اللذين لا يخدمان الشعب إطلاقًا بل يزيدان في ظلمه وإذلاله عبر كونهما واجهة ديمقراطيّة زائفة للنظام هدفها إعطاؤه الشرعنة وتمرير قراراته وأوامره ومتطلباته التي فيها ضرر على الشعب وتجاهل لمطالبه المحقّة، وهنا لا بدّ من الإشادة بجمهور المعارضة وشعبنا الوفي المخلص للوطن الذي كان له دور بارز في مواجهة هذه الانتخابات الصوريّة برفضه المشاركة فيها وإصراره على مقاطعتها بكلّ عزم وثبات ورفض الانغماس في مشاريع الخيانة .
ومن المحطات المفصليّة والمهمّة في هذا العام والتي يمكن وصفها بـ«المريرة» تدنيس الأعداء الصهاينة لأرض البحرين الإسلاميّة عبر الوفود التي استقبلها النظام، ومحاولته تهويد المجتمع البحريني المسلم عبر التطبيع الواضح والصريح مع الاحتلال، لكنّ شعبنا من جديد قال كلمته الصريحة معبّرًا عن موقفه الأبديّ الرافض للتطبيع رافعًا شعار: «كلا كلا للتطبيع»، و"الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل» و«تحيا فلسطين». ونحن من هنا نقول أيضًا للصهاينة الأنجاس: «لا أمان لكم في أرضنا.. وسنرصدكم أين ما كنتم، وسنواجهكم ما دام في عروقنا دم ينبض" و تم اطلاق شعار العام الجديد 2023 ضمن فعالية قادمون يا سترة و هو عهد و رفض.
"عهد" تجديد لدماء الشهداء الزكية التي سالت على تراب الوطن، للأسرى المضحين القابعين خلف السجون وعوائلهم المضحية والصابرة، و الجرحى ومهجّرينا الصامدين.
"رفض" هو رفض تام وشامل لكلّ مشاريع الخيانة والتطبيع، فلا وألف لا لنظام يخون القضيّة الفلسطينيّة ويصادق المجرمين الذين يقتلون إخوتنا الفلسطينيّين.
بهذا العهد وهذا الرفض يمضي البحرينيون في ثورتهم المباركة في هذا العام الجديد دون كلل أو ملل؛ و سيصلون بإذن الله تعالى إلى النصر الذي وعد به عباده المؤمنين، ولن يخلف الله وعده.