الوقت- لم تطأ قدما بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الصهيوني المتطرف مقر الحكومة للمرة السادسة في الأراضي المحتلة، حتى بدأ بخطبة أثارت جدلاً كبيرا.
وزعم نتنياهو، في التصويت على جلسة الثقة، أن تطوير المستوطنات في الضفة الغربية سيكون على رأس أولويات الحكومة، ما تسبب في موجة من ردود الفعل الإقليمية والدولية. على الرغم من أن نتنياهو يحاول دفع مشاريعه المحتلة إلى الأمام بمساعدة أحزاب اليمين المتطرف، إلا أن الفلسطينيين قد أعدوا أنفسهم بالفعل لمواجهة الحكومة الجديدة.
صلاة الجمعة الرائعة في الأقصى
شهد الشعب الفلسطيني، المستعد دائما لإظهار وحدته ضد المحتلين، حضورا رائعا يوم الجمعة في صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك. وحسب تقارير محلية، أدى أكثر من 70 ألف فلسطيني من سكان القدس والأراضي المحتلة (سكان 48) والضفة الغربية صلاة الجمعة في باحات المسجد الأقصى.
وتأتي هذه العملية فيما منعت القوات الصهيونية المتمركزة في مناطق متفرقة من مدينة القدس مئات الفلسطينيين من دخول القدس. وردا على سياسات تل أبيب الجديدة قالت السلطة الفلسطينية: "الحكومة الفلسطينية ترفض سياسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة القائمة على الضم والعنف والعنصرية والتحريض على سياسة التطهير العرقي".
إن هذه الأجندة تشكل تهديدا خطيرا للشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف والمصونة. ودعت وزارة الخارجية في منظمة الحكم الذاتي، في بيان، جميع دول العالم إلى مقاطعة حكومة نتنياهو. كما عززت سياسات الكيان الصهيوني في القدس والضفة الغربية الوحدة بين المسيحيين والمسلمين.
وفي هذا الصدد، قال رئيس أساقفة القدس، ردًا على خطط نتنياهو الجديدة، إنه يجب على المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين أن يتحدوا ضد مخططات تل أبيب. وتجدر الإشارة إلى أن أحزاب اليمين المتطرف تعتبر الأماكن المقدسة المسيحية ملكا لليهود ووافقت على خطط لمصادرة هذه الأماكن في السنوات الماضية.
اتحاد الجماعات الفلسطينية
مع تزايد جرائم الکیان الصهيوني، تزداد الوحدة بين الفصائل الفلسطينية، ومؤخراً استطاع القادة الفلسطينيون تنحية خلافاتهم جانباً والتوصل إلى إجماع ضد الاحتلال. حيث يمكن لمساعي نتنياهو وقادة اليمين المتطرف أن تشعل نار الحرب في الأراضي المحتلة.
يسعى القادة المتشددون الذين يتمتعون بسلطة كبيرة داخل مجلس الوزراء إلى تحقيق حلم طرد جميع الفلسطينيين من الأراضي المحتلة، ومثل هذه المواقف المتشددة ستزيد بلا شك التوترات، وخاصة في الضفة الغربية.
في الأشهر الأخيرة، وصلت الضفة الغربية إلى حالة متفجرة بسبب تزايد جرائم الکیان الصهيوني، ولكن قوة فصائل المقاومة الجديدة، وتزايد اتجاه العمليات الاستشهادية، وأي حسابات خاطئة من قبل تل أبيب ستشعل فتيل الصراعات.
إن قادة إسرائيل المتطرفين مهتمون بهدم المسجد الأقصى وبناء معبد سليمان في مكانه. وعلى الرغم من أن الصهاينة لم يتمكنوا من تنفيذ هذا المشروع الخطير، ولكن مع وجود أشخاص مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش في حكومة اليمين المتطرف، ربما يكون هذا المشروع على جدول أعمال الصهاينة مرة أخرى. منذ أن أعلنت المقاومة الفلسطينية المسجد الأقصى خطًا أحمر لها، وحذرت من أن أي عمل ضده سيقابل برد فعل ساحق، فإن أعمال الصهاينة الاستفزازية لن تمر دون عقاب.
لقد أدى تسليم المناصب الأمنية الرئيسية للمتطرفين إلى زيادة المخاوف بين المسؤولين السابقين في تل أبيب، الذين يخشون أن يؤدي تقدم البرامج المتطرفة إلى تسريع عملية انهيار الکیان الصهيوني، ويحذرون من تدهور الوضع الأمني في الأراضي المحتلة.
ردود الفعل العالمية على مشروع الاستيطان
إضافة إلى الأراضي المحتلة، فإن الظروف الإقليمية ليست في مصلحة الصهاينة، وقد أعربت بعض الدول عن معارضتها لسياسات نتنياهو الجديدة.
أدانت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، خطط الحكومة الجديدة للکیان الصهيوني لتطوير المستوطنات في الضفة الغربية. كما أدانت وزارة الخارجية القطرية جهود النظام الصهيوني المستمرة لتهويد القدس والمسجد الأقصى واعتبرتها انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وانتهاكًا واضحًا لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق. وطالب البيان المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لإلزام إسرائيل بوقف سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما أعلنت قطر دعمها للشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. قطر من الدول التي لطالما كانت داعمة للأمة الفلسطينية ورفضت حتى الآن تطبيع العلاقات مع المحتلين، وحتى في كأس العالم الأخيرة التي استضافته، أظهرت للعالم ذروة كراهية الرأي العام للكيان الصهيوني.
بالتزامن مع صعود اليمين المتطرف في الأراضي المحتلة، تم في عُمان تمرير قانون يحظر أي تعامل مع الكيان الصهيوني لإظهار أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم.
كتب الشيخ أحمد بن حمد الخليلي مفتي عمان في إشارة إلى القانون: "نحن سعداء بالخطة التي تم اقتراحها في البرلمان العماني لفرض حظر حاسم على الکیان الصهيوني في التجارة وغيرها من الأمور، بسبب جهود الاحتلال المستمرة في انتهاك وتجاهل حقوق شعب فلسطين المظلوم. ونحن نؤيد بكل قوتنا وهذا جزء من الالتزام بين المسلمين ".
يأتي رد فعل العرب على مخططات تل أبيب المثيرة للجدل بينما يدعي نتنياهو أنه سيقود في حكومته الجديدة العديد من الدول العربية إلى طريق التطبيع، وبانضمام السعودية إلى عملية المصالحة سينتهي الصراع العبري العربي. لكن التطورات في المنطقة وموجة ردود الفعل السلبية على عودة نتنياهو أظهرت أن تل أبيب أمامها طريق صعب لتحقيق هذا الهدف المشؤوم.
بعد يوم من تصريحات نتنياهو بشأن المستوطنات في الضفة الغربية، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة أيضًا على مشروع القرار الفلسطيني بشأن الطلب القانوني من محكمة العدل الدولية بشأن طبيعة الاحتلال الإسرائيلي.
مع الإجراء الجديد للأمم المتحدة وموجة ردود الفعل السلبية، أصبح الوضع العالمي أيضًا ضد حكومة نتنياهو وهي تواجه صعوبة في دفع خططها الطموحة. لأن المجتمع الدولي وحتى الداعمين الغربيين للکیان الصهيوني يعارضون المستوطنات ويعتبرونها غير شرعية، وبالتالي، إذا بدأ هذا المشروع المثير للجدل، فإن موجة الانتقادات لحكومة نتنياهو ستكون أوسع بكثير.
قلق أمريكا من خطط نتنياهو
يبدو أن خطط نتنياهو الجديدة أثارت قلق المسؤولين في البيت الأبيض. أعلنت وسائل الإعلام الصهيونية أن جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، سيتوجه إلى الأراضي المحتلة في المستقبل القريب لفحص سياسات حكومة نتنياهو الجديدة تجاه الفلسطينيين.
وحسب هذا التقرير، فإن واشنطن قلقة أيضًا من الإجراءات المحتملة لحكومة نتنياهو ضد الأقلية العربية التي تعيش في الأراضي المحتلة، واستقلال النظام القضائي بطريقة تتحدى القيم الديمقراطية.
أمريكا المتورطة حاليًا في الحرب في أوكرانيا، تحاول تخفيف حدة التوترات في الأراضي المحتلة، لأن وقوع حرب جديدة في هذه المنطقة سينتهي على حساب الصهاينة، والغربيون غير قادرين على مساعدة تل أبيب في الوقت الحالي. يعرف الأميركيون جيداً أنه في حال نشوب حرب واسعة النطاق في فلسطين المحتلة، فإن كل محاور المقاومة ستأتي لمساعدة الفلسطينيين وسيكون الميدان ضيقًا بالنسبة لتل أبيب.
لذلك فهم يحاولون خفض مستوى التوترات في هذا الوقت حتى لا تنشأ أزمة جديدة في المنطقة والعالم. لأن تصعيد التوترات في الضفة الغربية وغزة، بسبب حجم المعارضة الدولية، سيعطل عملية التطبيع، وسيحاول العرب اتخاذ موقف لدعم الفلسطينيين و الحفاظ على هذا المظاهر. وهذا سيكون مكلفا لنتنياهو الذي يبحث عن المزيد من التنازلات مع العرب.