الوقت- كيان الاحتلال الإسرائيلي يواصل سياساته القمعية واللاإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وخصوصًا في قطاع غزّة، حيث يعاني من تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة، ولا سيمّا أن غالبية سكان غزّة دون سن الثلاثين ونصفهم من الأطفال، إضافة إلى أن حياة مليون طفل يشوبها الفقر. كما تواجه غزّة أزمة بيئية يجب أن تكون مصدر قلق لكل من يهتم بالعدالة البيئية. وغزّة تحت الحصار والقصف المكثف باستمرار، وتواجه هجمات وحشية تزيد من تدمير بنيتها التحتية، وتترك الناس بلا مأوى وتقتل عائلات بأكملها، هي تعاني حاليًا من قضية ركود اقتصادي واكتظاظ ونقص في المياه والكهرباء والدواء. فقد تراجع مستوى الخدمات الصحية في قطاع غزّة خلال العقد الاخير وذلك نتيجة سلسلة من الممارسات والاجراءات اللاإنسانية التي يقوم بها كيان الاحتلال الإسرائيلي والتي انعكست سلبًا على واقع المرضى. ومن أبرزها القيود الصهيونية المفروضة على حرية حركة وتنقل المرضى ممن هم بحاجة ماسة للعلاج في خارج القطاع، إضافة إلى استمرار الاجراءات المفروضة على وصول الوفود والطواقم الطبية المتخصصة ممن لديهم كفاءات عالية وخبرات مميزة غير متوافرة وتحتاجها المرافق الصحية.
المعوقات لم تتوقف عند هذا الحد فقد برزت تحديات إضافية لا تقل في خطورتها عن سابقاتها، مثل سياسة تخفيض أعداد التحويلات الطبية لمرضى قطاع غزّة، وخفض كميات الأدوية والمستلزمات الطبية. وتزامن ذلك مع انخفاض مستوى المقومات الأساسية للصحة مثل الحصول على مياه الشرب المأمونة، والامداد الكافي بالغذاء والدواء، وارتفاع معدلات تلوث الهواء والمياه الجوفية ومياه البحر، والانخفاض الكبير في الامدادات الأساسية من التيار الكهربائي، واستمرار حالة الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي وما نتج عنها من بطالة وفقر. وأمام هذا الواقع ثمة سؤال يثار حول انعكاساته على المؤشرات الصحية، التي تشكل أهمية كبيرة لجهة تقييم الظروف السائدة في قطاع غزّة، حيث إن الأمراض غير السارية عدت السبب الرئيس للوفاة وتشكل نسبة 76 في المئة من مجمل الوفيات في قطاع غزّة.
التقرير السنوي الصادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، أشار إلى أن معدل الوفاة نتيجة أمراض القلب في قطاع غزّة بلغ 52 في المئة، تليها الأمراض السرطانية بما نسبته نحو عشرة في المئة، ووفيات أمراض الضغط بنسبة بلغت 9.7 في المئة، وأمراض الجهاز التنفسي نحو 4.8 في المئة، كما أن المؤشرات الرسمية تدل أن الفجوة واسعة بين الحاجة وبين ما هو متاح في خدمات المستشفيات ولاسيما في موضوع الأسرة.
لقد باتت منظومة الرعاية الصحية في قطاع غزة ضعيفة جراء التدابير التارجعية من جانب السلطة الفلسطينية في القطاع من جهة، والحصار الصهيوني من جهة أخرى، وتراجع عمل السلطة يعتبر مخالفة واضحة لالتزامات دولة فلسطين بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يحظر على الدول اتخاذ أي ممارسات تعرقل سبل التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، وأضحت الفجوة واسعة بين ما ورد في العهد والحالة السائدة في قطاع غزّة.
ويعاني ما يزيد على 8500 مريض سرطان في قطاع غزّة من معوقات متعددة سواء نقص الأدوية والأجهزة التشخيصية في مستشفيات القطاع وعرقلة أو منع الاحتلال كثيرًا من الحالات للسفر للعلاج خارج القطاع عبر معبر بيت حانون. وتشير البيانات المتوافرة إلى أن عدد حالات السرطان في قطاع غزة بلغ (8515) حالة مرضية، من بينهم (608) أطفال من إجمالي الحالات، فيما بلغ عدد النساء (4705) حالات بما نسبته (55.3%) من إجمالي الحالات المسجلة في قطاع غزّة.
التأخر في رفد القطاع الصحي بالأدوية اللازمة، يتناقض مع إجراءات وزارة الصحة الفلسطينية واستراتيجية حكومة السلطة الصحية الوطنية للأعوام (2017-2022)، وهي استراتيجية تستند إلى أهداف ومقاصد الأمم المتحدة المستدامة للعام 2030، التي التزمت فلسطين بالسعي إلى تحقيقها، ولاسيّما الهدف الثالث، القاضي بضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، من خلال التغطية الصحية الشاملة.
كيان الاحتلال الإسرائيلي منع سفر نحو 51 ألف مريض من أصل 179 ألفًا و746، طلبوا الخروج للعلاج في مستشفياتها أو بالأخرى الموجودة بالضفة الغربية، في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2008، وديسمبر/ كانون أول 2018. فمن الضروري والإنساني تحييد الحاجات الإنسانية للسكان في قطاع غزّة عن الصراعات العسكرية والسياسية، وضمان وفاء الأطراف كافة بالتزاماتها الناشئة عن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.