الوقت- طالبت الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان نظام آل خليفة في البحرين باحترام الحريات الدينية للشيعة وإطلاق سراح السجناء السياسيين المعتقلين في هذا البلد.
وخلال تقييم أوضاع حقوق الإنسان في البحرين، طالبت إيرلندا بدعم الحريات الدينية للشيعة والرد على مسؤولي نظام آل خليفة عن انتهاكات حقوق الإنسان وخلق مساحة ديمقراطية للتحرك السياسي في البحرين.
كما دعت إيرلندا حكومة آل خليفة إلى وقف استخدام التعذيب ضد السجناء وإطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيا بسبب تعبيرهم عن الرأي والنشاط السلمي.
كما نصحت البرتغال حكومة البحرين بدعم حرية الصحافة ووقف عمليات الإعدام، إضافة إلى حماية حقوق الأطفال المحرومين من حق المواطنة.
من جانبها أوصت لوكسمبورغ بوقف عمليات الإعدام والتعذيب وسوء المعاملة والتمييز الديني وحماية النشطاء السياسيين والحقوقيين والسماح لمراسلي الأمم المتحدة بزيارة البلاد.
وطالبت 130 منظمة حقوقية في بيان بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين بمن فيهم قادة المعارضة، وإنهاء القمع في هذا البلد.
وأصدرت هذه المؤسسات القانونية بيانا أعلنت فيه أن السجون البحرينية مليئة بقادة المعارضة وسجناء الرأي وعلماء الدين الذين يؤمنون دائما بقيم حقوق الإنسان والحرية والمساواة والتسامح الديني والتعايش.
كما أعربت هذه المؤسسات القانونية عن قلقها إزاء سياسة قمع الحريات العامة التي اتخذتها مختلف الحكومات في البحرين على مدى السنوات العشر الماضية.
وجاء في البيان: "على مدى السنوات الـ 11 الماضية، سجل نظام آل خليفة أكثر من 20000 حالة اعتقال تعسفي، وأكثر من 6000 حالة تعذيب، وأكثر من 200 حالة قتل خارج نطاق القضاء".
على مدى العقد الماضي، تم نشر العديد من التقارير حول الوضع المؤسف لسجون آل خليفة وقد أدى ذلك إلى مطالبة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتحسين أوضاع السجون ووقف التعذيب وسوء معاملة السجناء السياسيين.
منذ عام 2011 احتج أبناء هذا البلد على تصرفات آل خليفة الاستبدادية والخاضعة للدول الاستعمارية، لكن نتيجة هذه العملية كانت اعتقال وسجن وتعذيب وإعدام للمطالبين بالحرية كما قام نظام آل خليفة بتجريد مئات الأشخاص من الجنسية.
خلال الانتفاضة الشعبية في البحرين، استشهد عشرات الأشخاص وأصيب الآلاف، كما جرّدت الحكومة البحرينية المئات من المواطنين البحرينيين من جنسيتهم.
اشتدت موجة اعتقالات الشيعة في البحرين بجنون بعد مظاهراتهم السلمية عام 2011 وانتشرت أنباء عديدة عن معاملة النظام البحريني غير الإنسانية للشيعة في السجون، والتي تتجاهل كل المعايير القانونية وعلى الرغم من أن الجماعات والمنظمات الحقوقية تعرب باستمرار عن قلقها بشأن الحالة الإنسانية في البحرين، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء جاد من قبل الأمم المتحدة تحت إشراف الولايات المتحدة وأطراف غربية أخرى لوقف القمع في البحرين.
كما يتم اتباع قمع الشيعة في البحرين بقوة هذا العام أيضًا، وخلال الأسابيع الماضية شهدت شوارع هذا البلد تجمعات عامة واحتجاجات ضد سياسات آل خليفة القمعية ضد الشيعة وسجناء حرية التعبير.
في العقد الماضي، اعتقلت البحرين حوالي 15 ألف شخص بسبب معتقداتهم السياسية، لتصبح بذلك أول دولة عربية بها أكبر عدد من السجناء في السنوات الأخيرة، حيث يوجد حوالي 4500 معتقل سياسي في ظروف مزرية.
السجناء السياسيون في البحرين يتعرضون للتعذيب والاضطهاد، ونظام آل خليفة يسكت أي صوت معارض بالاعتقال والتعذيب والإعدام.
وفي هذا السياق أدانت جماعات حقوق الإنسان مرارًا نظام آل خليفة لقمعه للمعارضة وطالبت بإصلاحات في النظام السياسي في البلاد ولكن من دون أي فائدة!.
زيارة البابا دون نتيجة
نظم عدد من أقارب السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في البحرين تظاهرة محدودة على طريق "البابا فرنسيس" وطالبوا بتدخله للإفراج عن المعتقلين السياسيين في البحرين.
ونشر معهد البحرين للقانون والديمقراطية ومقره لندن والجماعة الإسلامية الوطنية في الوفاق البحرين مقطع فيديو للمظاهرة التي شارك فيها عدد من النساء والأطفال.
وكتب على إحدى اللافتات: "التسامح والتعايش ممارسة وليس شعار". "أطلقوا سراح حسن مشمي" ، "أطلقوا سراح السجناء السياسيين" ، "أوقفوا الطائفية".
وأعلن معهد البحرين للقانون والديمقراطية في بيان أن المتظاهرين تم إخراجهم من التظاهرة بسيارة شرطة ثم أطلق سراحهم.
ديمقراطية آل خليفة
الصورة التي تُظهر حُكّام البحرين السلطويين بأنهم يسمحون بعمليّات ديمقراطية حرّة ونزيهة تآكلت كثيرا بعد سنوات من القمع. لكن في السنوات الأخيرة، توسّع تهميش السلطات البحرينيّة لأي معارضة سياسية فصار يشمل مجالات جديدة، باستخدام نظام قانوني متطور يهدف إلى خنق ما تبقى من المجتمع المدني النابض بالحياة والمستقل في البحرين.
تُعتبر قوانين العزل السياسي والمدني التي اعتُمِدت في 2018 في صميم الحرب القانونية التي تشنّها الدولة البحرينية على النشاط السلمي لمواطنيها. هذه القوانين تمنع أعضاء المعارضة السياسية سابقا من الترشح إلى البرلمان وحتى العمل كأعضاء في مجالس إدارة المنظمات المدنيّة. كما وسّعت الحكومة الممارسات التي تقيّد الفرص الاقتصادية لأعضاء المعارضة والسجناء السابقين من خلال التأخير أو الحرمان الروتيني من "شهادة حسن السيرة"، وهي وثيقة مطلوبة من المواطنين والمقيمين في البحرين للحصول على عمل أو التقدّم للجامعة أو حتى الالتحاق بنادٍ رياضي أو اجتماعي.
تحمّلت شخصيات المعارضة العبء الأكبر من التكتيكات الجديدة للحكومة. قوانين العزل السياسي لعام 2018 تستهدف صراحة أعضاء الجماعات السياسية التي تمّ حلّها سابقا – وكذلك اللذين أدينوا في السابق، حتى وإن تمّ العفو عنهم أو أدينوا بتهم تعسفية أو تتعلق بالتعبير بالتجمع – وكذلك الذين يُنظر إليهم على أنهم "عطّلوا" الحياة الدستورية في البحرين سابقا.
الثورة مستمرة
استطاع المواطنون في البحرين أن يثبتوا أن ثورتهم لا تزال مستمرة، رغم مضي أكثر من ١١ عاما على انطلاقها، وهم يقدمون الدليل كل يوم على أن الميادين التي تم إجهاضها في أكثر من مكان في بلدان الربيع العربي؛ هي تنبض حتى اليوم في المنامة وسترة والسنابس والمرخ والدراز والعكر، وكلّ مناطق البحرين التي تضجّ بالاعتصامات والتظاهرات اليومية رفضا للانتخابات وتأكيدا على الحق السياسي والحل الشامل. ربما لا يكون ذلك مفاجئا أيضا بالنسبةِ للبعض، ولكن ما يدعو للدهشة هو الدور الاحتجاجي غير التقليدي الذي قدمه السجناء السياسيون هذا العام وهم داخل المعتقلات، حيث باشروا في إصدار سلسلة من الصوتيات الحيّة التي سجلوا فيها مواقفهم الداعية لمقاطعة الانتخابات، مؤكدين الثبات على مبادئ الثورة وأهدافها، وأتبعوا ذلك بسلسلة من البيانات والمواقف التي عبّرت عن الموقف ذاته. إنّ هذا الأداء الاحتجاجي، ومن وراء القضبان، وبالحجم والمستوى والعلنيّة التي ظهر بها؛ يعد بالفعل من نماذج النضال الخاصّة بالبحرين، ما يؤكد العنفوان الكبير الذي يتمتع به المواطنون، داخل السجون وخارجها، داخل البحرين وخارجها، وثبات الجميع على مقولة الاحتجاج المبدئي بما هو جزءٌ أساسي من الوجود الإنساني، وبوصفه ممارسةً بشريّة غير فاترة في التمسّك بالقيم والمبادئ العليا وإحداث التّغييرات الممكنة لأجل الوصول إليها، وهو المعنى المجسَّد الذي عبّر عنه القيادي المعارض المعتقل الأستاذ حسن مشيمع مخاطبا شعبه: "عيشوا الأمل".
رغم أن البحرين ليست بلدا يحظى باهتمام دولي كبير، فإن أوضاع حقوق الإنسان المتردية في هذه المملكة باتت محل متابعة متزايدة. ويعزى هذا إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها نشطاء حقوق الإنسان على الميدان وفي خارج البلاد. ويعتبر سجل النظام البحريني حافلاً بانتهاكات حقوق الانسان و قمع حرية الرأي و التعبير و تعزيز الطائفية.
ويستخدم النظام البحريني القضاء كأداة لكمّ الأفواه الشعبية المُطالبة بالديمقراطية، وفي حين تنتزع الاعترافات بالتعذيب تتراوح أحكام القضاء التي تستهدف المعارضين ما بين الإعدام والسجن لعدة أعوام وإسقاط الجنسية.