الوقت- مع بداية موجة الصحوة الإسلامية والانتفاضات الثورية في جزء كبير من العالم العربي، انخدع بعض القادة السياسيين في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) متأثرين بالدعاية القوية للعرب وخاصة حكومات الإخوان في قطر ومصر وتركيا، وعلى الرغم من عدم توافق قادة هذه الحركة حول كيفية التعاطي مع الأزمة السورية، لكنهم قطعوا في النهاية علاقاتهم مع دمشق.
ولكن مع مرور الوقت أدرك قادة حماس أخطائهم وأدركوا أنهم خدعوا في ساحة هذه اللعبة بعد أن علموا بالنوايا الخفية لأمريكا وحلفائها في المنطقة، وفصلوا صفهم عن داعمي الإرهابيين، والآن بعد عشر سنوات أعادوا العلاقات مع دمشق.
وبعد عدة سنوات من إعلان استعداد قادة حماس لإقامة علاقات مع الحكومة السورية، تحقق هذا الأمر أخيرا والتقى القادة الفلسطينيون الرئيس بشار الأسد في دمشق يوم الأربعاء الماضي.
حيث أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية الأربعاء في أعقاب اللقاء الذي جمع الفصائل مع الرئيس السوري بشار الأسد ، ان لقاءها مع القيادة السورية رد طبيعي في وجه مشاريع الاحتلال والبلطجة الأمريكية في المنطقة.
وقال الحية "نطوي أي فعل فردي لم تقره قيادة حماس واتفقنا مع الرئيس الأسد على طي الصفحة، وتابع :نعبر عن سعادتنا ونحن هنا في سورية حاضنة المقاومة".
واعتبر ان اللقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد تعبير صادق أن روح المقاومة تسري في عروق الأمة وهذا يوم مجيد نستأنف فيه العمل المشترك مع سورية.
وبين خليل الحية، جئنا هنا وكلنا قناعة بتجاوز صفحة الماضي ، وأصدرنا بيانًا في حماس أعلنا فيه استعادة العلاقات مع سوريا بقناعة.
وتابع : هذه إنطلاقة متجددة للعمل المشترك، مع سورية حاضنة الشعب الفلسطيني ، قائلاً " نعتز بما قدمت وتقدمه سورية لفلسطين وما تقدمه وقدمته لم تقدمه دولة أخرى.
جاءت زيارة الفلسطينيين إلى دمشق بعد أسبوع واحد فقط من لقاء جميع الفصائل الفلسطينية لأول مرة في الجزائر وتوقيع اتفاق سلام ومصالحة. اتفاق السلام بين الفلسطينيين وتطبيع العلاقات مع سوريا انتصاران مهمان لمقاومة غزة وسيعززان مواقف هذه الفصائل ضد العدو الصهيوني.
في العقد الماضي استغل الكيان الصهيوني الفجوة بين حماس ودمشق وتمكن من ضمان أمنه إلى حد ما من خلال اشغال فصائل المقاومة، لكن الآن تغيرت الاوضاع وأصبح محور المقاومة في أعلى مستوى من القوة من خلال زيادة التعاون هذا.
ونظرا لأن الوضع في الضفة الغربية في حالة انفجار بسبب الهجمات المتكررة من قبل الجيش الصهيوني، يقول المسؤولون الإسرائيليون، هناك احتمال لاندلاع انتفاضة، وبالتالي، فإن تعزيز العلاقات بين فصائل غزة والحكومة السورية يمكن أن يجبر المحتلين على التراجع. لأنه في حال حدوث اشتباك في الأراضي المحتلة، فإن محور المقاومة هذه المرة سيعمل بكل قوته، وسيحدث وضعاً سيئاً للصهاينة، لأنهم سيستهدفون الأراضي المحتلة من جميع الجهات.
ونظرا الى ان الحدود المشتركة بين سوريا والأراضي المحتلة، في حالة اشتباك بين فلسطين وإسرائيل ، يمكن لسوريا إرسال مساعدات عسكرية ولوجستية إلى الفلسطينيين حتى يتمكنوا من الانتصار على المحتلين.
كذلك، مع تفعيل جبهة الجولان المحتلة، ستكون سوريا مرتبطة بالضفة الغربية، ومع تقوية المقاومة في هذه المنطقة التي أصبحت موقع الظهور الرئيسي لمجموعات مسلحة جديدة في الأشهر الأخيرة، فإن الضغط على الصهاينة سيزداد وسيُحاصرون من الناحية الأمنية.
كما أن إقامة علاقات مع الحكومة السورية هي نجاح كبير بحد ذاته، وهذا البلد، الذي تضرر كثيرا من قبل الكيان الصهيوني خلال العقد الماضي وتعرض لمئات الهجمات على مناطق مختلفة من سوريا، يمكن لمسؤوليه تعزيز حماس و الجهاد الإسلامي في غزة والاستفادة من وجود هذه الفصائل لضرب العدو الغاصب، لأنه كلما زادت قوة غزة والضفة الغربية، زاد انشغال إسرائيل في التعامل مع التهديدات الفلسطينية وستتجنب التعامل مع سوريا.
إن انشغال إسرائيل داخل حدود الأراضي المحتلة سيسمح لسوريا بالتعامل مع القضايا الداخلية بهدوء أكبر وفي الوقت نفسه تعزيز قاعدتها الدفاعية.
توصلت حماس إلى استنتاج أن إيران وسوريا وحزب الله لن يديروا ظهورهم لفلسطين حتى في أوقات الأزمات وأثبتوا أنهم دعموا الشعب الفلسطيني المظلوم على الدوام وسيواصلون دعمهم دون أي تردد.
لذلك فضل قادة حماس التحالف مع محور المقاومة على الصداقة مع المطبعين العرب، وهذه العلاقات هي نوع من التحذير للدول العربية من الارتماء في أحضان إسرائيل.
وبما أن الكيان الصهيوني تغلغل في السعودية بعد تطبيع العلاقات مع المشيخات العربية في الخليج الفارسي، فإن تعزيز العلاقات بين حماس وفصائل المقاومة الأخرى في المنطقة سيزيد من فاتورة تل أبيب ، ولن تكون إسرائيل آمنة في أي مكان ، لأنها ستشعر بظل المقاومة فوق رأسها في أي ركن من أركان غرب آسيا.
كانت إسرائيل تشعر قبل عقد من الزمن بالتهديد فقط من إيران وسوريا وحزب الله، ولكن الآن اتسع محور المقاومة وغطى المنطقة بأكملها، وظهرت فصائل جديدة أيضاً في العراق واليمن وفلسطين، والآن بات هذا المحور سداسي الأضلاع. فصائل تستطيع كل منها بمفردها أن تقف بوجه الكيان الصهيوني وتنهي الصراع لصالحها.
لذلك إن تعزيز جبهة المقاومة في المنطقة من فلسطين إلى اليمن سيجعل الصهاينة يأخذون كل زواياها في الاعتبار في أي عمل ضد المقاومة، لأن الاشتباكات هذه المرة لن تقتصر على الأراضي المحتلة بل ستمطر الصواريخ على رؤوس الصهاينة من ست جهات.