الوقت- العنصرية في كيان الاحتلال والإرهاب الفكري والتحريض على الكراهية والجريمة يبدأ منذ الطفولة، فقد أكد العديد من الباحثين الإسرائيلين، أنه يتم الترويج للأكاذيب في كتب التاريخ العبرية حيثُ إنهم يظهرون فلسطين كبلاد صحراوية متخلفة جاء إليها اليهود في أوائل القرن العشرين، ولم يكن فيها سكان ومن كان فيها هم أقلية من الرعاة العرب، الذين يحملون أسوأ الصفات مثل الجبن والخيانة والتخلف، في المقابل يتم اظهار اليهودي شجاعًا وذكيًا وقادرًا على إنهاء الشرور، وهذه الأمور تدرس للأطفال في المدارس ويحملوا هذه الأفكار معهم عندما يكبرون وتبقى نظرة العنصرية والطائفية والأرهاب في عيونهم نحو الشعب الفلسطيني الذين يعتبرونهم شعوبا أدنى منهم إنسانيًا ودينيًا وثقافيًا، وهي نفس الفلسفة النازية التي كان يتبعها الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر.
التربية والتعليم في كيان الاحتلال لديها طابع خاص حيث إن العسكرة هي أبرز ما يميزها، لدرجة تجعل الطالب الصهيوني وخصوصًا في المرحلتين الإعدادية والثانوية جنديًا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتؤدي هذه المنهجية في التعليم لخلق جيل متطرف مليء بالتطرف والعنف ولديه جميع المبررات للقيام بشتّى أنواع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، فقد كشفت صحيفة هارتس العبرية، أنّ وزارة التعليم الإسرائيليّة توصّي طلاب المدارس اليهودية، في المرحلة الإعدادية بمطالعة كتاب يتضمن رؤى عنصرية ضد العرب، واستعلائية يهودية، وهو ما يُعزز العنصرية لدى الأطفال ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وما يشكل خطرًا على الشعب الفلسطيني الذي يتعامل يوميًا مع الصهاينة سواء في الأرضي المحتلة عام ثمانية وأربعين أو في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وهذا التشويه للحقائق والتاريخ بات سمة التعليم في كيان الاحتلال، حيث أصدرت قائمة جديدة لكتب المطالعة التي توصي بها وزارة تعليم الاحتلال لطلاب المدارس بشكلٍ عامٍّ، وتبينّ من قائمة الكتب المخصصة للمدارس اليهودية، مثل كتاب (مغامرات مكتبة ريمونيم)، من تأليف الحاخام المتطرف ياكهيت روزين، وما جاء فيه أنّ العرب يعيشون بقرى خاصّة بهم، ولا توجد لدينا أيّ رغبة بأن يشرعوا بالتجوال بين الصهاينة، وخلال حياتهم ربما يقومون بتسميم اليهود والتجسس عليهم، وهو أمر يخلق نظرة عنيفة لدى الأطفال الصهاينة تجاه الفلسطينيين وتكبر هذه النظرة معهم، وخصوصًا في ظل إيمانهم بأنهم شعب اللّٰه المختار، وباقي البشر ادنى منهم بذلك. ويقول الكتاب نفسه في فقرة أخرى إن “العرب لن يقفوا مكتوفي الأيدي. لن يقبلوا حتى بالتوقف عن محو كلّ بلدةٍ وكلّ نقطةٍ يهوديّةٍ على الخارطة، فلتعلموا أن العرب يملكون خطّة واضحة للانقضاض على كلّ بلدةٍ لاحتلالها، وحرق كلّ بيوتها، وإلقاء جميع اليهود في البحر”. وما جاء بالكتاب يتجاهل الجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني منذ أوائل القرن العشرين وحتى اليوم.
جهاز التعليم في كيان الاحتلال يهدف إلى إعداد المستوطنين منذُ رحلة الطفولة وحتى الشباب لتبرير الأعمال الإجرامية في بعد لحاقهم في جيش الاحتلال وذلك من خلال تبسيط تعقيدات النزاع الفلسطينيّ - الإسرائيلي، فهو يشبه تمامًا جهاز التعليم الذي ساد في النظام النازي. والأبرتهايد الإسرائيليّة أو نظام الفصل العنصري الذي يقوم به كيان الاحتلال ليس فقط سلسلة قوانين عنصرية، بل هو طريقة تفكير ضد العرب والفلسطينيين وحتى المسلمين. حيث يتم إظهار العربي في كتب التعليم الإسرائيليّة دائمًا مع الجَمَل وبلباس علي بابا الحرامي السارق ويتم وصف العرب بالأنذال ومنحرفين ومجرمين، وأنهم أناس لا يريدون أنْ يتطوروا، وأنهم سيبقون لاجئين، مزارعين متخلفين وإرهابيين. وفي المقابل فإنّ منهاج التعليم الإسرائيليّ المخصص للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام ثمانية واربعين فانه يرتكز على تشويه الهوية، وانتزاعهم من هويته العربيّة الفلسطينيّة، ومحظور على الطلاب العرب في مدارسهم، أنْ يتعلموا عن النكبة الفلسطينيّة، ولا حتى ذكر مصطلح النكبة. كما يحظر عليهم دراسة أدبهم المحلي الوطنيّ، وأسماء بارزة غائبة عن منهاج التعليم مثل محمود درويش وسميح القاسم. ويمارس كيان الاحتلال سلطته على الدول المطبعة حيث يطلب منهم تجريد الكتب الدراسية من أي آيات قرآنية تحتوي على أفكار الجهاد وتدعو إليه، أو ما يسمونها أمورا تدعو لمعاداة السامية، لكنهم في المقابل يُربون أطفالهم على كره العرب والمسلمين وبغضهم والتحضير لقتلهم وتشريدهم على اعتبارهم بشرا أقل منهم في كل شيء، وبالتالي كل أنواع التطبيع والارتماء في حضن كيان الاحتلال لن ينفع المطبعين لأنهم في وجهة نظر الصهاينة من صغيرهم لكبيرهم مجرد رعاة مجرمين، لذلك مواجهة هذا الفكر ثقافيًا وعلميًا وحتى عسكريًا سيكون هو الوسيلة الأنجح.