الوقت_ في ظل تصعيد قوات العدو الإسرائيليّ بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم خاصة في الضفة الغربية المحتلة، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين وبالتحديد في الأشهر الأخيرة، ودعّ فتحي خازم، من مخيّم جنين، ابنه الذي ارتقى يوم الأربعاء الماضي خلال الاشتباكات بين المقاومين في مخيّم جنين وبين قوات العدو، قائلاً في منشور لاقى تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعيّ: "قتلتم فلذات كبدي وهدمتم بيوتي، ولم تعلموا أنني ابن شعب عصيّ على الانكسار، وقلتم إنّني بسبعة أرواح، ولم تعلموا أنني تمنيت لو أنّ لي مئة نفس تذهب نفسا بعد نفس في سبيل الله، تحية إجلال وإكبار لكلّ أحرار فلسطين، لكل مَنْ يُعبّر اليوم عن غضبه لأجل فلسطين والقدس وينتفض بوجه المحتل”، حيث تتزايد دعوات تفعيل كل وسائل المقاومة والمواجهة في الضفة بشكل كبير في الفترة الماضية، بسبب مواصلة قوات العدو جرائم الإعدام بدم بارد بحق الفلسطينيين ما يُظهر بشكل أكبر العقلية الإجراميّة والإرهابيّة للكيان الغاصب.
إجرامٌ إسرائيليّ متصاعد
يستشعر الجميع اقتراب حدوث معركة كبرى في الضفة الغربية المحتلة وبالأخص في جنين التي تضم سرايا القدس وكتائب الأقصى نتيجة الإجرام الإسرائيليّ المتزايد، حيث استشهد مؤخراً 4 مواطنين فلسطينيين، وأصيب العشرات بجروح مختلفة، خلال مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب اقتحامها مخيم جنين، ومحاصرة منزل واستهدافه بصاروخ، فيما أعلنت وزارة الصحّة التابعة للسلطة الفلسطينيّة أسماء الشهداء وهم: عبد الرحمن فتحي خازم، محمد محمود الونة، أحمد نظمي علاونة، محمد أبو ناعسة.
وكشفت وسائل الإعلام التابعة للعدو نقلاً عن مصادر أمنيّة رفيعة في الكيان، أنّ الشهيد عبد الرحمن خازم، أوصل شقيقه رعد إلى ثغرة في الجدار نقل من خلالها إلى يافا (تل أبيب)، كما أنّه ساعده على شراء مسدسه الذي نفذ به عملية إطلاق النار في شارع (ديزنغوف)، مشيرة إلى أنّ عبد الرحمن شارك في عمليات أخرى ضد قوات العدو وعصابات المستوطنين.
وإنّ اليوم الثامن من نيسان (أبريل) الفائت شهد استشهاد نجله الأوّل، رعد فتحي خازم برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، بزعم تنفيذه عملية إطلاق نار في شارع (ديزنغوف) وسط تل أبيب، والتي أدت إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة نحو 15 آخرين بجروح متفاوتة، وقالت وسائل إعلام عبريّة حينها إنّ عناصر من جهاز الأمن التابع للعدو (الشباك) تعرفوا عند نحو الساعة 5:30 فجرًا على المنفذ بالقرب من مسجد ساحة الساعة في يافا، وخاضوا معه اشتباكًا قبل أنْ يستشهد.
وفي هذا الشأن، أصر المُطارد من قوات العدو فتحي زيدان خازم على وداع ابنه القائد في كتائب شهداء الأقصى عبد الرحمن، شهيده الثاني خلال عدة أشهر، والذي روى بدمه صبيحة الأربعاء الماضي ثرى مخيم جنين خلال اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال أثناء عملية أدت إلى ارتقاء 4 شهداء، في إرادة فولاذية وتحدٍ سافرٍ للكيان الغاشم، وعقب مطاردته من قبل قوات الكيان منذ عملية ابنه رعد التي عرفت بعملية (ديزنغوف) التي هزت فلسطين السليبة، لم يهتم لتهديدات الاحتلال وبالطائرات التي تحلق فوق مدينة جنين على ارتفاع منخفض، بل خرج لشوارع المخيم محاطًا بعشرات المسلحين ليودع عبد الرحمن رافضاً الحزن و تقبل التعازي، حاثاً الجميع على تهنئته لانضمام ابنه لقائمة الشهداء وشقيقه رعد الذي لا يزال جثمانه محتجزاً لدى سلطات الاستعمار العسكريّ.
وفي تأكيد جديد على أنّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ في مواجهة مباشرة مع قوات العدو، وفي كل لحظة من المحتمل أن نشهد حالة الاشتباك الشامل، في ظل حالة الغليان في كل أوساط الشعب الفلسطيني، انتصب في ساحة المخيم الشاهدة على معركة مخيم جنين الشهيرة في نيسان 2002 بشموخ وكبرياء، حتى شق المقاومون رفاق درب عبد الرحمن طريق الجموع المحتشدة للوصول إلى الوالد الذي أدى التحية ثم تضرع لله أن يتقبله شهيداً وعانقه و هو يردد "الله أكبر، الله أكبر"، ما ألهب حماس الجماهير التي تعالت هتافاتها غضباً على الاحتلال ونصرة لفصائل المقاومة الفلسطينية، وسط صرخات الغضب التي دعت المقاومة للرد على العدوان وحماية المخيم وأهاليه.
الفلسطينيون مشاريع شهادة
في الوقت الذي يخفي الفلسطينيون أنّ كل فلسطينيّ هو مشروع مقاوم وشهيد، وبالتالي كل فرد من أفراد المجتمع الفلسطينيّ يجد في نفسه الكفاءة أن يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني ورفضه للاحتلال، ، قال خازم: “الحمد لله، عبد الرحمن ورعد استشهدا في سبيل الله وفلسطين والقدس، لم يرفعا إلا راية لا إله إلا الله، دفاعاً عن دينهم وأرضهم ومقدساتهم أمام هذا العدوان الغاشم، والاحتلال الذي فتح النار على الإنسان والحجر والشجر، لكننا أقوى منه ولن نركع"، باعتبار أنّ التصدي لاقتحامات وهجمات قوات الاحتلال والمستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم وحماية فلسطين وشعبها.
ومع قيام قوات الاحتلال والمستوطنين بتصعيد إجرامهم وعربدتهم وتغولهم في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة والإباديّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس، أضاف:”الاحتلال فتح النار على شعب لا يعرف الهزيمة أو العار أو الانحناء، شبابنا لا يرفعون أيديهم ولا يركعون إلا لله، يقاتلون صفاً كأنهم بنيان مرصوص"، داعيًا أن تمتد الانتفاضة والنار التي تشتعل بمخيم جنين إلى كل أنحاء فلسطين، وقال:”مطلوب من أهل فلسطين جميعًا أن يساندوا مدينة جنين الصامدة والتي تنزف، جنين يصرخ فيها الأطفال والشهداء والجرحى، آن لكم أن تقفوا إلى جانبها"، ويتفق الجميع على أنّ الجرائم التي يرتكبها العدو في الضفة المحتلة ترفع بشكل خطير من حالة الغليان الفلسطيني واحتماليّة وقوع "ثورة غضب" عارمة في الضفة الغربيّة وكامل فلسطين بوجه الاحتلال الصهيونيّ.
ويتفق جميع المراقبين والمحللين، على أنّ الضفة الغربية المحتلة على موعد مع انفجار انتفاضة عارمة ستغير الواقع الحاليّ، باعتبارها ترزح تحت الاعتداءات الإسرائيليّة الممنهجة والمتصاعدة منذ عام 1967، وستكون وفقاً للإسرائيليين والفلسطينيين رداً حقيقياً وعملياً على الاحتلال الصهيوني، مع صعود عودة المقاومة المسلحة إلى هذه المنطقة، ويمكن أن يكون الانفجار أقرب مما يتخيل البعض، في ظل مواصلة سياسة القتل والاستيطان المروعين التي تنتهجهما الحكومة الإسرائيليّة بما يخالف القوانين الدوليّة والإنسانيّة، حيث تُجمع فصائل المقاومة الفلسطينية بكل تشكيلاتها على الوقوف صفاً واحداً في الدفاع عن الضفة الغربية، وتشدّد على أنّها لن تسمح للعدو بأن يستفرد بأبناء فلسطين، وتدعو بشكل مستمر إلى تصعيد المواجهة ضد الكيان ومستوطنيه في عموم مدن الضفة.
ختاماً، إنّ الشعب الفلسطينيّ كُله "فتحي خازم" في التفكير والعقيدة والمقاومة، فهو الذي انتمى لحركة "فتح" في ريعان الشباب، وتعرض للمطاردة والاعتقال خلال انتفاضة الحجر، وأعادت سلطات العدو إدراج اسمه ضمن قوائم المطلوبين منذ تنفيذ نجله رعد العملية، ودعا للوحدة ورض الصفوف، كما ودع ابنه بين الثوار وفوهات بنادقهم، ولم يرضخ لتهديدات ضباط مخابرات الكيان، ومحاولاتهم للنيل منه والوصول إليه، واستمر في تحديهم، فلم يعبأ بهم وبطائراتهم المسيرة المسلحة، متحديًا بالقول والفعل كل محاولات هذا الاحتلال الغاشم في تركيعه بهدم منزله تارة وبقتل أبنائه وتهديده بالاغتيال تارة أخرى، رافعًا كما غيره من أبناء هذا الشعب شعارًا واحدًا لا يتغير “لا نركع إلا لله”.