الوقت_ في الوقت الذي يتصاعد فيه إجرام العدو الكيان الصهيونيّ الوحشيّ بحق الشعب الفلسطينيّ، وانتهاجه سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملته، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، أن "الكيان الإسرائيليّ يرفض إصدار وتجديد تأشيرات لموظفي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، وذلك لمنع مساءلة تل أبيب على جرائمها المتعددة بحق الشعب الفلسطينيّ، وعدم تذكير الدول بالتزاماتها القانونيّة بموجب القانون الدوليّ، للجم خروقات الكيان المُعتدي، من خلال التستر على الجنايات الشنيعة والجرائم ضد الإنسانيّة، في أعقاب المنهج الإباديّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل على ذلك.
عرقلةٌ إسرائيليّة
تتبع تل أبيب عادة أسلوب صمت السفاحين، مع غياب أيّ مبرر لتلك السياسات القذرة سور محاولة منع الممارسات العدوانيّة والإجراميّة للكيان، وعدم إعطاء المؤسسات التي تسير في طريق الترويج لمقاطعة الكيان الغاصب فرص كبيرة لذلك، وإنّ صمت "إسرائيل" على تصريحات مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، يُعد اعترافاً رسمياً صريحاً من الاحتلال المجرم باستهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وخاصة أنّ قوات العدو في فلسطين تعترف بأنّها ترغب بالهيمنة على الفلسطينيين بالسيطرة على الأرض والتركيبة السكانيّة لصالح الإسرائيليين اليهود، وحتى الصهاينة أنفسهم لا ينكرون ذلك، لأنّهم أسّسوا كيانهم الإرهابيّ وفق منهج "القبضة الحديديّة" وهم يؤكّدون ذلك بكل فخر في أيّ مكان ومع كل مناسبة، فمنذ يوم 14 مايو/ أيار عام 1948، عندما صُنع هذا الكيان وحصل على اعتراف الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتيّ بعد دقائق من إعلانه، وحتى اليوم، لم تتغير سياسة قادته قيد أُنملة، بل زادت ظلماً وعدواناً حتى وصلت إلى قمة الإجرام والإرهاب، بعد أن فرضه المستعمرون على العالم وعلى المنطقة، والتاريخ أكبر شاهد على الوحشيّة الصهيونيّة في فلسطين والمنطقة.
ولمحاولة منع نجاح أيّ جهود فلسطينية في عزل الكيان الغاصب ومعاقبته على جرائمه تجاه الفلسطينيين، أشارت المنظمة الدوليّة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، أنّه في العام 2020، لم يكن أمام الموظفين الدوليين الـ15 في مكتبي في فلسطين، والذي يعمل في البلاد منذ 26 عاما، خيارا سوى المغادرة، مضيفة إنه "لم يتم الرد على طلبات التأشيرات وتجديد التأشيرات اللاحقة لمدة عامين؛ خلال هذا الوقت، حاولت إيجاد حل لهذا الوضع، لكن إسرائيل لا تزال ترفض التعاون".
"إنّ رفض إسرائيل إصدار أو تجديد تأشيرات لموظفي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة "لن يمنع مكتب المفوضية من الاستمرار في رصد حالة حقوق الإنسان على الأرض والإبلاغ عنها"، هذا ما شدّدت عليه مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، في شهادة دوليّة قويّة ومحقّة على نضال ومعاناة الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت الاحتلال العسكريّ الصهيونيّ وسياساته الاستعماريّة والقمعيّة، ما يُظهر حقيقة بعض الأطراف الداعمة للعصابات الصهيونيّة وتساندها بمختلف الأدوات ضد هذا الشعب الذي يطرد من أرضه بشتى الوسائل وبمختلف الأساليب والأسلحة.
وفي هذا الخصوص، يبدو أنّ عدم تعاون الصهاينة بحسن نية مع الأمم المتحدة ورفض تل أبيب منح المسؤولين فيها الامتيازات والحصانات اللازمة لممارسة مهامهم بصورة مستقلة، يكشف حقيقة كيان "إسرائيل" الدمويّة التي تتستر على جناياتها من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها، فيما تحارب تل أبيب بكامل قوتها المقاطعة التي تشنّها منظمات معروفة لمقاضاة وكشف وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ومنع إضفاء الشرعية على "إسرائيل".
سياسة احتلال
يوماً بعد آخر، تزداد صفحة الكيان الصهيونيّ عالميّاً اسوداداً، حيث تفضح الوقائع قذارة ودمويّة الكيان الصهيونيّ، والتي يغضّ الطرف عنها منذ عقود، فإذا كان الصهاينة لا يستطيعون بالوفاء بالتزاماتهم في معالجة طلبات التأشيرات الضرورية لوصول طاقم الموظفين الذين يعملون تحت إشراف الأمم المتحدة، فكيف يتعاملون مع الشعب الفلسطينيّ الذي سُلبت أرضه وهدمت دياره وارتكبت بحقه أبشع المجازر في التاريخ، والكيان لا ينكر ذلك أبداً ويعترف بأنّه لا يمكن أن يتوقف عن إجرامه وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، ويعتبر أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسيّة فيها.
"إن منع الموظفين الدوليين في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حدث في سياق قيام السلطات الإسرائيلية بالحد بشكل متزايد من عيون وآذان حقوق الإنسان على الأرض"، اعتراف أمّميّ واضح بهمجية ودمويّة الاحتلال الإسرائيليّ في التعاطي مع الشعب الفلسطينيّ، بعد أن أوصل الإسرائيليون خلال سنوات احتلالهم رسالة للعالم أجمع بأنّهم غير مستعدين بأيّ حال من الأحوال سوى لانتهاك الحرمات وسفك الدماء وسلب الأراضي، فيما تركوا حلاً وحيداً للفلسطينيين هو وقوع "ثورة غضب" عارمة بوجه الاحتلال وعصاباته، لأنّ التصدي لهجمات المستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، وقطع يد قوات الاحتلال ومنعها من العربدة والتغول في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة والعاصمة الفلسطينيّة القدس.
وباعتراف الأمم المتحدة، إنّ "إسرائيل" تمارس عرقلة ومنعاً لعمل الموظفين الأممين حيث قالت: "هناك عدد متزايد من موظفي وآليات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وغيرهم الذين تم طردهم أو رفض دخولهم"، و"إنّ معاملة إسرائيل لموظفينا، يعتبر جزءًا من توجّه أوسع ومقلق لمنع وصول حقوق الإنسان إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، وهذا يثير التساؤل عمّا تحاول السلطات الإسرائيلية إخفاءه بالضبط"، في وقت يتصاعد العدوان الإسرائيليّ الهمجيّ الذي لا يتوقف عن قتل المدنيين وتدمير مستقبلهم ومقدساتهم وتهديد أرواحهم، وكأن الصهاينة وآلتهم العسكريّة يودون إخبارنا بأنّهم سيسحقون كل فلسطينيّ ومطالب بحقوقه وليفعل العالم ما يشاء.
ويُشار إلى أنّ الإسرائيليين معروفون على المستويين الداخليّ والخارجيّ بالاعتداءات على حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، ويستخدمون مصطلح “أبرتهايد - الفصل العنصريّ” منذ عقود من الزمن، تذكيرًا بنظام الحكم الأبيض والفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا الذي انتهى عام 1994، فيما تُعرِّف المحكمة الجنائية الدوليّة "الأبرتهايد" بأنّه نظام مؤسسيّ لقمع وهيمنة منهجيين من قبل مجموعة عرقية واحدة، وفي السنوات الأخيرة مع ترسيخ الكيان الغاصب لاحتلاله الضفّة الغربيّة، تبنّى كتّاب إسرائيليون، وجنرالات سابقون وساسة معارضون لحكومتها اليمينيّة مصطلح “أبرتهايد” بشكل متزايد.
إذن، لا يملك الكيان الصهيونيّ الغاصب سوى الخداع والمماطلة وفي مختلف المجالات، وفي حال أيّ انتقاد من قبل أيّ منظمة دوليّة يُرد عليها بشكل فوريّ بـ"معاداة السامية"، وهذا بالضبط ما يحصل مع الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها لمنعها من فضح الجرائم الإسرائيليّة، وإنّ تكرار المسؤولين الإسرائيليين لعبارة "لو لم تكن إسرائيل دولة يهودية، فلن يتجرأ أحد على التحدث ضدها"، يعبر بشكل كبير عن المحاولات اليائسة للصهاينة لحرف الأنظار عن حقيقتهم الدمويّة، لأنّ الجلاد الصهيونيّ الرافض لأدنى انتقاد لجناياته وللوجود الفلسطينيّ بشكل مطلق، لا يمكن أن يتغير دون فضح ممارساته الاستبدايّة ومقاطعته، ومن الضروريّ أن تتكاتف جهود المنظمات الدوليّة الحقوقيّة والمجتمع الدوليّ لدعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين على أراضيهم، إضافة إلى طرد الكيان الغاشم من الأراضي السوريّة واللبنانيّة المُحتلة منذ عقود.