الوقت- خلال كل الفترة الماضية وعلى مدى سنوات سعى الكيان الصهيوني من أجل إيجاد شرعية دولية مزيفة لكيانه المغتصب لأرض فلسطين، السعي لإيجاد شرعية لهذا الكيان اللقيط لم يتم فقط من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني بل إن بعض الدول الكبرى في النظام العالمي والتي تسيطر على مركز القرارت في مجلس الأمن عملت في هذا الاتجاه، وما تجدر الإشارة اليه أن الكيان الصهيوني أقام علاقات تطبيع وسلام مع بعض الأنظمة العربية التي لم تحترم إرادة شعبها في رفضه المطلق لأي تطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني. وفي هذا السياق يمكن القول إن بعض الأنظمة العربية والتي طبعت مؤخراً خلال الفترة الماضية مع كيان الاحتلال الصهيوني لم تحقق شيئاً من التطبيع، بل إن الخسائر التي لحقت بها كبيرة جداً فلقد عمل التطبيع على ايجاد حالة غضب من قبل الشعوب ضد هذه الأنظمة التي أقامت علاقات مع الكيان الصهيوني وفتحت البلدان العربية للصهاينة يسرحون ويمرحون فيها.
وفي سياق التطبيع فإن رفض الشعوب العربية لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني أظهر موخراً العديد من التقارير التي تحمل إحصائيات عن نسبة الرفض الكبيرة ضد التطبيع، فالشعوب العربية هي من تحمل القضية الفلسطينية وتعتبرها قضية مركزية ومصيرية ومقدسة للأمة الإسلامية.
التطبيع.. كلف مصر والأردن الكثير
قدم الشعب الأردني والشعب المصري الكثير من التضحيات في سبيل الدفاع عن فلسطين وفي سبيل الأنتصار للقضية الفلسطينية، فقد قاتل أبناء الشعب الشعب الأردني والمصري جنباً إلى جنب مع أبناء الشعب الفلسطيني ضد كيان الاحتلال الصهيوني،فالدماء التي بذلها أبناء الشعبين المصري والأردني كانت مثالاً للعديد من الشعوب في العالم لدفعهم للوقوف إلى جانب فلسطين، بعد ذلك وفي قرارت مغايرة لإرادة الشعب في كل من مصر والأردن اقدمت القيادات في هذين البلدين على إقامة علاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني وتجاهلت إرادة الشعوب في رفضها لأي نوع من التطبيع مع كيان الإحتلال الصهيوني وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن مصر وقعت اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1979، الأردن ايضاً أبرم اتفاقاً مماثلا عام 1994، هذه الاتفاقات التي وقعها القادة في هذين البلدين كان لها تاثير كبير في تغير نظرة الشعوب لهم، فبمجرد الإعلان عن إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ظهرت حالة الاحتقان لدى الشعوب التي أعلنت الرفض المطلق لتلك القيادات واعتبرتها خائنة للقضية الأساسية لشعوبها. وبهذا فقد كانت هذه القيادات السبب الأساسي في تغير موقع هذين البلدين وأهميتهما للمقاومة الفلسطنية حيث إنهما كانا يعتبران الخط الأول في الدفاع عن فلسطين وعن القضية الفلسطينية.
الخسائر والأضرار
القيادات التي عملت على ابرام وتوقيع اتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني قدمت العديد من الحجج في سبيل التخفيف من حالة الغضب التي واجهتها من قبل شعوبها، حيث بررت بان التطبيع مع كيان الاحتلال الصهيوني سوف يوفر الاستقرار وسيعمل على إقامة علاقات تجارية واقتصادية ستنعكس على الشعوب بالرخاء ولكن ماحدث هو العكس،فعلى الرغم من توقيع اتفاقات بين مصر والاردن والكيان الصهيوني منذ عقود إلا أن الخوض في صفقات اقتصادية علنية مع دولة الاحتلال تأخر لسنوات طويلة، حيث أبرمت مصر اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل في 2005، لتمد بمقتضاه شركة الكهرباء الإسرائيلية بنحو 1.7 مليار متر مكعب سنوياً لمدة 20 عاماً، بسعر بخس تراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما وصل سعر التكلفة آنذاك إلى 2.65 دولار. لكن سرعان ما تبدل المشهد وتحولت مصر إلى بلد مستورد من دولة الاحتلال بسعر مبالغ فيه وصل، وفق تقرير لهيئة الإذاعة الإسرائيلية في يناير/كانون الثاني الماضي، إلى ما يتراوح بين 5 دولارات و5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
وفي السياق نفسه تجب الإشارة إلى أن الأردن اتفق ايضاً عام 2016 على استيراد الغاز من كيان الاحتلال لمدة 15 عاما بقيمة تصل إلى 15 مليار دولار. وفي ذلك الوقت روج كل من الكيان الصهيوني والنظام الأردني أن هذه الاتفاقية أكبر مشروع تطبيعي أصبح قائماً بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، ولكن ما حدث كان العكس تماماً حيث وجدت معارضة شديدة أبداها الشارع الأردني ورفض مجلس النواب لها والتصويت بإجماع أعضائه لرفض الاتفاقية مرتين. وبموجب الاتفاقية، فقد بدأ ضخ الغاز المستخرج من السواحل الفلسطينية المحتلة، للأردن منذ بداية العام الحالي 2020. هنا ايضاً يمكن القول إن كل القوى الوطنية والشعبية من أبناء الشعب الأردني كان لها مواقف مشرفة ضد هذه الاتفاقية بعتبارها تهديدا للامن القومي الأردني، والتنبؤ بالعواقب المحتملة لمثل هكذا اتفاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني.
أنظمة عربية "مُطبعة".. ما هو رأي الشعوب؟
لا يخفى على أحد التوجه الشاذ لبعض الدول العربية، في الفترة الأخيرة، نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي انتهجت التطبيع كمسار لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، وفي هذا السياق ظهرت موخراً العديد من التقارير التي توضح مدى الرفض المطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني وعادت من جديد لتطرح وبقوة التساؤل عن مدى القبول الذي تحظى به السياسات العربية الرسمية لتلك الأنظمة، ومدى تعبيرها عن حقيقة المشاعر التي تحملها الشعوب العربية تجاه الكيان الصهيوني والتطبيع معه، في ظل انسداد الأفق أمام أي حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وهنا يمكن القول إن تلك التقارير ومن خلال استطلاعات الرأي العديدة، التي أجريت بشكل دوري خلال الفترة القليلة الماضية، أن هناك رفضا شعبيا واسعا على امتداد الوطن العربي للتطبيع مع الكيان الصهيوني، حيث أظهرت تقارير عبرية أن الأردن ومصر تعتبران أكثر الدول معارضة لإسرائيل، مشيرة إلى أنه على الرغم من هاتين الدولتين كانتا من أوائل الدول التي أبرمت اتفاقية سلام مع اسرائيل، إلا أن الرأي العام في كلا البلدين ما زال معارضاً لإسرائيل.هذه التقارير التي ظهرت للعلن تؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت حية في ضمائر الشعوب العربية على الرغم من تواطؤ أنظمة تلك البلدان مع الكيان الصهيوني وخيانة القضية الفلسطينية وما تجدر الإشارة اليه أن تلك التقارير قد ذكرت ، أن الرأي العام في الأردن ومصر ما زال معارضاً وبشدة لإسرائيل ويختلف مع السلطة عندما يتعلق الأمر بقبول الاحتلال الإسرائيلي، حيث ما زالت الثقافة العدائية سائدة لإسرائيل ولا وجود لقاعدة شعبية تدعم التحالف أو التوجه نحو علاقات وثيقة مع الاحتلال.
غضب في الأردن.. الكيان الصهيوني خطر على الأمن القومي
من خلال التقارير أظهرت النتائج أيضاً أن الأردنيين يلقون باللوم دائماً على "إسرائيل" بما يتعلق بالأحداث الأخيرة التي تحصل وتقلق الأمن القومي للشعب الأردني ودائماً ما يعارضون السماح للاسرائيلين بالدخول إلى المسجد الأقصى، حيث يعتبر الأردن الوصي على الأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في القدس، ويصفون الوجود الاسرائيلي في القدس غير شرعي. كذلك الحال بالنسبة لمصر فقد بيت التقارير ان إقامة علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل النظام المصري لم تبنَ على إرادة شعبية مصرية، فحالة الغضب الموجودجة اليوم بين أبناء الشعب المصري ضد الكيان الصهيوني وضد من أقدم على علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني تؤكد ذلك أيضاً إضافة إلى ذلك فقد بينت التقارير أن الحكومات في كل من الأردن ومصر لا تعتمد على الموافقة الشعبية بسبب إدراكهم أن التقرب من اسرائيل يعطيهم حصانة ضد المتشددين المدعومين من إيران.
في النهاية من الواضح أن التطبيع لم يجلب للأنظمة المطبعة اي مكاسب تذكر ، بالعكس فقد عمل التطبيع على إضعاف تلك البلدان وتراجعها من الخط الاول للمقاومة، ولكن الشعوب العربية في تلك البلدان مازالت متمسكة بالقضية الفلسطينية ورافضة لإقامة أي علاقات مع كيان الاحتلال الصهيوني، حالة الوعي لدى أبناء الشعوب العربية هي ما يجب الرهان عليها في نصرة القضية الفلسطينية أما تلك الأنظمة فإن مصيرها إلى زوال .