الوقت- تزامنت مناسبة الذكرى الثامنة لتأسيس قوات الحشد الشعبي في 13 حزيران / يونيو 2014، مع صدور فتوى "الجهاد الكفائي" من قبل المرجع الأعلى لشيعة العراق، آية الله السيد علي السيستاني، بعد هجوم تنظيم "داعش" الإرهابي على مناطق واسعة من مدن شمال وغرب العراق، حيث قامت قوات مختلفة من الحشد الشعبي باستعراضات عسكرية في عدة محافظات مهمة في العراق.
كان مركز العرض العسكري الرئيسي لقوات الحشد الشعبي في معسكر "أبو منتظر المحمدي" (أشرف سابقاً، والذي كان يديره تنظيم مجاهدي خلق الإرهابي وتم إخلاؤه بالكامل عام 2010) في شرق محافظة ديالى بحضور كبار المسؤولين الحكوميين منهم مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وكذلك فالح الفياض رئيس الحشد وهادي العامري رئيس ائتلاف فتح ومحمد كاظم صادق سفير إيران في العراق.
في هذا الحفل، عرضت مختلف وحدات الحشد الشعبي، إضافة إلى إظهار مستوى عالٍ من الجاهزية العسكرية، بعض أسلحتها ومعداتها العسكرية المتطورة لإظهار أن الحشد الشعبي الذي تشكل قبل سنوات قليلة فقط، أصبح قوة عسكرية مؤثرة في فترة زمنية قصيرة. لقد أصبح جيشًا قويًا وخبيرًا وموثوقًا إلى جانب الإدارات العسكرية والأمنية الأخرى في القوات المسلحة العراقية للدفاع عن أمن أراضي البلاد ضد التحديات الداخلية والخارجية المحتملة والحالية.
الحشد الشعبي الآن عضو في القوات المسلحة العراقية يضم عشرات الآلاف من الجنود المدربين، وينضوون تحت مختلف التنظيمات مثل منظمة بدر، كتائب حزب الله، عصائب أهل الحق، حركات النجباء، سرايا السلام. كما يتمتع الحشد العشائري المكون من العشائر السنية إضافة إلى الحشد الشعبي من المكون المسيحي، مثل كتائب بابليون، بشعبية وشرعية عالية بين أبناء الشعب العراقي.
إنجازات الحشد في محاربة الإرهاب
تلعب مجموعات "الحشد الشعبي" دورًا مهمًا في مواجهة إرهاب داعش، سواء في الوقت الذي احتل فيه جزءًا كبيرًا من أراضي العراق أو بعد الإطاحة بالخلافة المزعومة في عام 2018، والتي اتبعت بعدها داعش أنشطة سرية لزعزعة للاستقرار واشتركت في ارتكاب جرائم ضد المواطنين المدنيين. معارك الموصل، حماية مدن سامراء وبغداد وكربلاء، وكسر حصار مدينة أمرلي بمحافظة صلاح الدين، وطرد الإرهابيين من مناطق واسعة من محافظة ديالى، وكذلك تحرير مدن تكريت والرمادي والفلوجة، كانت مجرد جزء من العمليات الكبيرة التي كان للحشد الشعبي دور بارز فيها.
رسائل العرض العسكري
منذ الإعلان عن موعد العرض العسكري لقوات الحشد الشعبي، والذي تأخر شهراً واحداً عن التاريخ السنوي لتأسيسه، تناقش الدوائر السياسية والإعلامية في المنطقة، وحتى العربية منها، رسائل هذا الاستعراض وربطها بالتطورات السياسية الحالية في العراق.. وقد دفع ذلك قادة الحشد الشعبي إلى توضيح رسائل العرض السنوي الثامن لهذه القوة من أجل منع الهمسات السياسية ذات الأغراض الخلافية.
وفي هذا الصدد، قال محمد البصري، أحد قادة تنظيم الحشد الشعبي، لـ "العربي الجديد": "منذ إنشائه، كان الحشد الشعبي يقيم كل عام عرضا عسكريا بعيدا عن تأثيرا الوقائع والأحداث الداخلية والخارجية، لكن البعض يحاول إظهار استعراض الحشد على أنه تهديد لقوى داخلية أو خارجية، وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. وأشار البصري إلى أن "استعراض الحشد الشعبي هو رسالة للعالم مفادها بأنه يجري تطوير مؤسسة أمنية في العراق تضم عدة ألوية وتشكيلات لحماية العراق من أي هجوم إرهابي أو أجنبي". "الحشد الشعبي بعيد عن السياسة وعلى عكس ما يقوله البعض لا يتدخل في هذا المجال إطلاقا". كما أعلن صادق الحسيني، أحد قادة الحشد الشعبي، في بيان: "هذا الاستعراض بعث برسائل مهمة إلى الرأي العام العراقي حول قوات الحشد الشعبي وقدراتها وتنوع كتائبها وقدرتها على التعامل مع أي حالة طارئة تهدد أمن واستقرار البلاد ".
وتجدر الإشارة إلى أن بعض الشخصيات الإعلامية والسياسية، مستغلة عدم مشاركة مجموعة سرايا السلام التابعة للتيار الصدري في هذا العرض وتأجيل مراسم الذكرى لمدة شهر، قد أرجعوا هذه الأحداث إلى عملية تشكيل الحكومة وعقد قمة جدة واحتواء تهديدات سياسية ضد قوى داخلية وخارجية. رغم أن قادة الحشد الشعبي، كما قيل، يقولون إن أي رسالة سياسية خلافية هي ضد أهداف الحشد وطبيعته العملية. لكن في الوضع العام، لا يمكننا إنكار حقيقة أن العرض العسكري للحشد هو رسالة لأطراف محلية وأجنبية، وخاصة الولايات المتحدة. الذي كان يحلم بتفكيك هذه القوة الجبارة كعضو في محور المقاومة منذ سنوات. والرسالة واضحة: الحشد يقف بقوة في مجال مواجهة مؤامرات الولايات المتحدة وحلفائها لزعزعة استقرار العراق وسيمثل نهاية الوجود العسكري الأمريكي في العراق.