الوقت- لطالما اعتبرت الجزائر المُصدّر الثاني للغاز إلى إسبانيا، ولكن في وقتٍ سابق كشفت إسبانيا أن حصة الغاز المُصدّر لها من الجزائر انخفضت خلال شهر أبريل/نيسان، حسبما نقلت منصة "ألجيري فوكس" الناطقة باللغة الفرنسية. في السياق نفسه من الجدير بالذكر أن الجزائر كانت قد هددت بقطع الغاز عن إسبانيا، إذا صدّرت جزءًا منه إلى المغرب، نظرًا لأنه يُعدّ إخلالًا ببنود الالتزامات التعاقدية وتغيير وجهته عن تلك المنصوص عليها في العقود.جاء ذلك بعد أن أبلغت إسبانيا الجزائر بترخيص التدفق العكسي عبر أنبوب غاز المغرب العربي وأوروبا.إذ حذّرت مصادر من أنه "لا يجوز أن تعيد إسبانيا توجيه جزيء واحد من الغاز الجزائري إلى المغرب"، "بالنسبة للجزائر، سيكون الخط الأحمر هو توصيل الغاز الجزائري إلى المغرب".
من جهةٍ اخرى ردّت إسبانيا بالتأكيد على أنها ستضمن أن تدفقات الغاز إلى المغرب لن تشمل الغاز الجزائري.وشددت على أن "المغرب هو الذي يتعاقد على كميات الغاز الطبيعي المسال" عبر أنبوب غاز المغرب العربي وأوروبا.إذ أوضحت وزيرة التحول البيئي الإسبانية، تيريزا ريبيرا، أنه "لن يصل جزيء واحد من الغاز الجزائري" -الذي يُورَّد إلى إسبانيا- إلى المغرب.
روسيا تصبح ثاني أكبر مورد للغاز لإسبانيا
بعد التوتر الذي حصل بين الجزائر وإسبانيا على خلفية تصدير إسبانيا للغاز إلى المغرب، حلت روسيا محل الجزائر وأصبحت ثاني أكبر مورّد للغاز الطبيعي لإسبانيا في شهر حزيران/ يونيو، وذلك بعد تراجع التدفقات القادمة من الجزائر وسط توتر دبلوماسي.ووصلت الواردات من روسيا إلى 8752 غيغاوات/ساعة في حزيران/ يونيو، أي أكثر من الضعف بالمقارنة بشهر أيار/ مايو، وبما يعادل 24% من إجمالي طلب إسبانيا، وفقا لشركة “إينا غاز” المشغلة للشبكة.وتراجعت التدفقات من الجزائر إلى 7763 غيغاوات/ساعة مقابل 9094 غيغاوات/ساعة في أيار/ مايو، وهو نحو نصف الكميات المسجلة في حزيران/ يونيو 2021، وبما يمثل 22% من الطلب. فيما تظل الولايات المتحدة أكبر مورّد بحصة 30%.
من الجدير بالذكر أن تراجع تدفقات الغاز من الجزائر، التي كانت تاريخيا أكبر مورّد لإسبانيا، يأتي في أعقاب مواجهة دبلوماسية بين البلدين بعد قرار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعم المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية. وبدأ الغاز التدفق الشهر الماضي من إسبانيا باتجاه المغرب عبر خط أنابيب المغرب-أوروبا، وهو الخط الذي كان عادة ما ينقل الوقود في الاتجاه العكسي بعدما أوقفت الجزائر الضخ من خلاله العام الماضي.وتؤكد الجزائر أن الغاز الذي ترسله إلى إسبانيا عبر خط أنابيب آخر لا يمكن إعادة تصديره إلى المغرب.وتواصل إسبانيا الاعتماد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي المسال، الذي مثّل في حزيران/ يونيو نحو 77% من وارداتها من الغاز، بارتفاع بـ29% عن الشهر نفسه من 2021. وقالت: "الاتفاقية التي نوفرها من الناحية التجارية للمغرب هي البنية التحتية، لكن بشرط أساس أن يكون المغرب هو الذي يتعاقد على كميات الغاز الطبيعي المسال من خلال ذلك الأنبوب في الاتجاه العكسي بين الشمال والجنوب".وأضافت: "سيكون مصدر ذلك الغاز والمكان الذي يُفرَّغ فيه هذا الغاز شفافًا وعامًا، حتى نكون على يقين من أن الحجم والمنشأ والوجهة تتوافق مع هذا الالتزام مع الجزائر".
خلاف الجزائر وإسبانيا.. أزمة الصحراء
في وقتٍ سابق و بلغة حادة، هاجمت الحكومة الجزائرية، وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، ووصفته بـ"مشعل الحرائق"، وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية وزير الخارجية الإسباني وشككت في قدرته كدبلوماسي، في سياق الصراع السياسي والاقتصادي الذي بدأ بعد قرار الجزائر تعليق معاهدة الصداقة وتجميد التجارة مع إسبانيا.
ويأتي الغضب الجزائري على الوزير الإسباني قي الحقيقة بالأساس إلى قضية الصحراء الغربية" حيث تقول المصادر أن الجزائر كانت "مطمئنة جدا أن الحكومة الإسبانية ستبقى على نفس الموقف الذي يعتبرا قريبا من الطرح الجزائري بخصوص الصحراء الغربية، لكن تغيير موقفها أغضب النظام الجزائري". وفي هذا السياق سبق وأن علقت الجزائر "معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون" التي أبرمتها عام 2002 مع إسبانيا، بعد تغيير مدريد موقفها بشأن الصحراء الغربية. وكانت "الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية" في الجزائر قد حضّت في وقت سابق أعضاءها على حظر التعامل مع إسبانيا بعد ساعات قليلة على تعليق معاهدة صداقة مع إسبانيا سارية منذ 20 عاما مع إسبانيا. وهنا يمكن القول إن الأزمة بين البلدين، اندلعت بعد أن عدّلت إسبانيا، مارس الماضي بشكل جذري موقفها من قضية الصحراء الغربية الحساسة لتدعم علنًا مشروع الحكم الذاتي المغربي، مثيرة بذلك غضب الجزائر، الداعم الرئيسي للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "بوليساريو".
الغاز الروسي.. هل تتجه إسبانيا لمصدر بديل للغاز الجزائري؟
أكدت صحيفة فرنسية في وقتٍ سابق أن المسؤولين المغاربة والإسبان يدركون أن السلطات الجزائرية لا تخادع عندما تهدد بوقف شحنات الغاز إلى إسبانيا في حال بيعها للمغرب.وشددت المصادر على أن حكومة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز "لن تجرؤ" على إعادة توجيه الغاز الجزائري بشكل فعّال إلى المغرب، لأن هذا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة القائمة بين البلدين، في سياق تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.ومع ذلك، أشارت المصادر إلى أن إسبانيا حرة في الاستفادة من أيّ جزء تريده من أنبوب الغاز الذي يعبر أراضيها، وفقًا للاتفاقية الثلاثية.وأكدت المصادر أن البيان الصحفي الصادر عن وزارة الطاقة هو "طلقة تحذير خطيرة للغاية"، ما يعني أن الجزائر ستراقب عن كثب وجهة غازها، وخاصةً أن حكومة سانشيز تُظهر رغبة صريحة في تخريب العلاقات بين بلاده والجزائر.
في النهاية على الرغم من الأرقام التي تؤكد أن روسيا أصبحت ثاني أكبر مورد للغاز لإسبانيا بعد التوتر الذي حصل بين الجزائر وإسبانيا على خلفية تصدير إسبانيا للغاز إلى المغرب وعلى الرغم من تراجع اعتماد إسبانيا على الغاز الجزائري في الأشهر الأخيرة، لا يزال نحو ربع الغاز الذي تستورده إسبانيا يأتي من الجزائر في الربع الأول من هذا العام مقارنة بأكثر من 40 بالمئة عام 2021، حسب مشغل شبكة الغاز الإسبانية.يتم تسليم هذا الغاز إلى إسبانيا عبر خط أنابيب الغاز تحت البحر ميدغاز الذي يربط بين البلدين مباشرة.