الوقت- اختار الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، الذي جعل تطوير العلاقات مع الدول المجاورة أولوية في السياسة الخارجية لحكومته، سلطنة عمان لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية خلال زيارته الثانية للخليج الفارسي.
وسافر رئيسي إلى عمان يوم الاثنين على رأس وفد رفيع المستوى، وحسب مسؤولين إيرانيين، تهدف الزيارة إلى توسيع العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية. وعقد في قصر المعرفة، لقاء رسميا مع هيثم بن طارق السعيد، سلطان عمان، لتوقيع عدة وثائق تعاون، والتقى بالجالية الايرانية هناك، إضافة إلى رجال أعمال ونشطاء اقتصاديين عمانيين، ضمن خطط سفره ليوم واحد. وتعد زيارة الرئيس الإيراني إلى مسقط أول زيارة يقوم بها رئيس إيراني إلى هذا البلد في عهد سلطان عمان الجديد وخامس زيارة خارجية لرئيس الجمهورية خلال 9 شهرا من عهد الحكومة الثالثة عشرة. حيث قام رئيسي بأول رحلة له إلى قطر منذ ثلاثة أشهر. وأوضح السفير الإيراني في مسقط أن الهدف من زيارته هو تطوير التعاون بين البلدين، وقال إن هذه الزيارة يمكن أن توفر مجالات جديدة وفعالة لتطوير وتعزيز العلاقات الودية بين إيران وسلطنة عمان. تتمتع إيران وعمان بعلاقات ودية طويلة الأمد وكانت العلاقات السياسية دائمًا على أعلى مستوى. لذلك ، فإن تطوير العلاقات الاقتصادية إلى جانب العلاقات السياسية الجيدة يمكن أن يكون فعالاً في تعزيز العلاقات بين البلدين في المنطقة.
وتأتي الزيارة الرئيسية إلى سلطنة عمان في الوقت الذي شهدت فيه مسقط وطهران زيارات تجارية متبادلة بين الجانبين في الأشهر الأخيرة، واجتمع رجال الأعمال من البلدين لتعزيز العلاقات التجارية وخلق فرص استثمارية. وحسب وسائل إعلام عمانية ، سيكون لذلك أثر إيجابي على زيادة التجارة في السنوات المقبلة، ومن المتوقع أن يوقع فخامة الرئيس وسلطان عمان خلال هذه الاجتماعات مذكرات تفاهم في القطاعين الاقتصادي والتجاري. وبما أن قضية الترانزيت ونقل البضائع تلعب دورًا مهمًا في العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، فإن تطوير التعاون في هذا المجال يمكن أن يكون حاسمًا في تصدير سلع البلدين، وخاصة إيران.
وقدر حجم التبادل الاقتصادي بين إيران وسلطنة عمان العام الماضي بنحو مليار ونصف المليار دولار وتتزايد سنويا. ويظهر أن الجانبين لديهما الكثير من الإمكانات الاقتصادية التي، إن تم تطوير التعاون، يمكن أن تصل إلى حجم كبير من الصادرات والواردات بينهما. يعتقد بعض الخبراء أن زيادة حجم التبادلات الاقتصادية والتجارية والوصول إلى اليمن وشرق إفريقيا من بين المزايا التي يمكن أن تقدمها عمان لإيران في المجال الاقتصادي. نظرًا لأن إيران لديها احتياطيات ضخمة في مجال النفط والغاز، فإن عمان، نظرًا لطرق عبورها، يمكن أن تكون فعالة أيضًا في تصدير موارد الطاقة. حيث أعلن وزير الطاقة والمناجم العماني في وقت سابق أن بلاده مستعدة لإيصال الغاز الإيراني إلى اليمن عبر عمان. إذا تم تنفيذ مثل هذه الخطة وانتهت الحرب في اليمن، يمكن لإيران أيضًا نقل غازها إلى شرق إفريقيا عبر اليمن.
لطالما كان التنسيق بين إيران وسلطنة عمان بشأن القضايا الإقليمية مثمراً، ويمكن أن تكون زيارة كبيرة في الوقت الحالي مهمة في تطوير التعاون الاقتصادي والسياسي. وفقًا للخبراء، فإن تطوير علاقات إيران مع الدول المجاورة في وقت معين من العقوبات أمر مهم، وكان تعزيز العلاقات الودية مع الجيران دائمًا أولوية بالنسبة لإيران، وهذه العلاقات محددة استراتيجيًا في السياسة الخارجية، وزيارة رئيسي في هذا الوضع زيارة حاسمة جدا، حساسة وفعالة.
مقارنة بالدول العربية الأخرى في المنطقة، لطالما كان لسلطنة عمان علاقات ودية مع إيران ولم تكن العلاقات بين البلدين متوترة أبدًا، ويمكن أن تكون هذه المسألة مهمة في تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية. وعلى الرغم من أن بعض أعضاء مجلس التعاون الخليجي كانوا في السنوات الأخيرة معاديين لإيران بسبب التوترات في الأزمة اليمنية وقضايا أخرى في المنطقة، لكن عُمان لم تدخل قط في هذه الألعاب الخطيرة وحاولت الحفاظ على علاقات جيدة مع طهران، بل سعت إلى إقامة حوار مشترك بين الطرفين وتقليل التوترات بين مجلس التعاون وإيران.
قضية الاتفاق النووي
ومع ذلك، صرح مسؤولون إيرانيون أن الغرض من زيارة الرئيس الايراني إلى عمان هو تطوير التعاون الاقتصادي والعلاقات الثنائية. لكن حسب المتحدث باسم وزارة الخارجية، الذي قال إن المحادثات والمشاورات بين الجانبين حول القضايا الإقليمية والدولية مدرجة على جدول أعمال هذه الاجتماعات، فإنه الظاهر أن الغرض من هذه الرحلة ليس فقط تعزيز العلاقات التجارية والسياسية، بل هناك قضية أخرى مهمة.
بالنظر إلى أن المحادثات النووية الإيرانية في فيينا من المرجح أن تستأنف قريبًا، وبالنظر إلى أن عمان لعبت دورًا مهمًا في حل الخلافات بين طهران والغرب في السنوات الأخيرة، يبدو أن مناقشة قضية الاتفاق النووي هي أحد أهداف هذه الرحلة القصيرة. وعلى الرغم من أن المسؤولين من الجانبين قد لا يكشفون عن محادثاتهم حول الاتفاق النووي، لكن وفقًا لتقارير إعلامية، فإن برنامج إيران النووي هو أحد أهم القضايا التي ستتم مناقشتها خلال الاجتماعات. وفي هذا الصدد، أشارت وكالة الأنباء العمانية الرسمية، في تقرير عن أهداف زيارة الرئيس الايراني إلى هذا البلد، صراحةً، إلى دور مسقط في الجولة السابقة من المحادثات النووية. وكتبت أن "البلدين عقدا اجتماعات دورية لبحث القضايا السياسية، كان أهمها في مسقط في يناير الماضي، ناقشا خلالها مختلف القضايا، بما في ذلك محادثات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي". وقد ساهمت سلطنة عمان بدبلوماسيتها المتوازنة في عقدها".
كما أشارت وسائل الإعلام إلى الجولة الجديدة من المحادثات النووية وكتبت: "زيارة الرئيس الايراني لعمان يمكن أن توفر المزيد من الفرص لدعم الجهود الدبلوماسية في القضية النووية وحالات أخرى مثل الأزمة اليمنية". لكن في الأيام الأخيرة، زادت التحركات الغربية لاستئناف محادثات فيينا، وتعمل هذه الدول على إنهاء المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي في أسرع وقت ممكن. ومع ذلك ، فإن زيارة كبيرة إلى عُمان يمكن أن تفتح الباب أيضًا أمام حل الخلافات بين طهران وواشنطن، والتي يتمتع فيها العمانيون بسجل حافل.
ويبدو أن أحد محاور الحديث بين مسؤولي البلدين هو دراسة دور عمان في عملية تحرير اصول إيران المالية التي احتجزت في بعض الدول بسبب العقوبات الأمريكية. ومع ذلك، اتخذ أمير قطر خطوات في الأشهر الأخيرة كوسيط بين إيران والغرب لكن عُمان كانت دائمًا ذات أهمية خاصة بالنسبة لإيران، حيث عملت كقناة للتواصل بين طهران وواشنطن، وحتى جزء من الأصول الإيرانية المجمدة تم دفعها في الخارج من خلال عمان.
من ناحية أخرى، بالنظر إلى أن المحادثات بين إيران والسعودية جارية للحد من التوترات واستئناف العلاقات الثنائية، يمكن لسلطنة عمان المساعدة في هذا الاتجاه بل حتى لعب دور فعال في إنهاء الصراع في اليمن. لأن إيران أكدت على الدوام أنها تسعى إلى إرساء الاستقرار والسلام في المنطقة، وبالتالي فهي بحاجة إلى مساعدة دول مثل عمان التي تسعى إلى السلام.
بينما من المقرر استئناف المحادثات النووية في فيينا، قد تكون مسألة دفع جزء من الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج عن طريق قناة عمان أحد الأسباب الرئيسية لسفر رئيسي إلى مسقط لتمهيد الطريق لاتفاق نهائي بشأن إحياء الاتفاق النووي.