وبعدما عرفنا أن آخر مبادرات العرب، لم يلق قليلا من الإحترام من قبل الإسرائيليين، لانعرف لماذا تتسابق الدول العربية علی إعلان المبادرات الاخری، لحل القضية الفلسطينية، حسب زعم هذه الدول. خلال الأشهر الاخيرة أعلنت مصر عن مبادرة جديدة في هذا السياق عرفت اعلاميا بـ «خريطة الطريق»، بهدف إنتشال القضية الفلسطينية من الوضع المأساوي الذي تمر به حالیا. وقيل إن حكومة عبدالفتاح السيسي والإستخبارات المصرية عرضت المبادرة علی حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس. الحكومة المصرية وضعت عدة نقاط قالت إنها تهدف للوصول الیها من خلال إعلانها لمبادرتها الجديدة، تتشكل من النقاط التالیة:
أولاً: إعادة تماسك حركة فتح وتوحيد صفوفها.
ثانياً: بناء قاعدة من التوافق والتفاهم والائتلاف السياسي بين حركتي فتح وحماس مع باقي المكونات الفلسطينية وفق الاتفاقات الموقعة بين الأطراف .
ثالثاً: إعادة بناء منظمة تحرير فلسطينية موحدة إئتلافية موسعة .
رابعاً: إجراء إنتخابات رئاسية وبرلمانية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعكس حالة التوافق والتفاهم والقواسم المشتركة الفلسطينية، وتضم كافة المكونات الفلسطينية دون اي إستثناء .
لا نريد الحكم مسبقا علی فشل هذه الخارطة الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة المصرية لحل القضية الفلسطينية، دون أن تتطرق بشکل مباشر لإنهاء الاحتلال، ولكن لا شك أنه من المعلوم أنها سوف لم تلق مصيرا أفضل من مثيلاتها وعلی رأسها المبادرة العربية التي أعلنتها السعودية وتحدثنا عنها آنفا. لا نعرف لماذا لا تريد الحكومات العربية أن تقبل بان المبادرات لا يمكنها وقف الاستيطان وتحرير مدينة القدس وعودة اللاجئين وإنهاء الإحتلال وجلاء المحتلين الیهود عن أرض فلسطين، بل هو المشروع المقاوم المدعوم من قبل العالم الإسلامي، هو ما يمكن من خلاله بلوغ هذه الأهداف السامية.
ومن يتعمّق في خارطة الطريق المصرية الجديدة حول القضية الفلسطينية سيعرف جيدا أن هذه المبادرة يمكن أن تهدر عقدا آخر من الزمن، لصالح الكيان الإسرائيلي، دون وجود أي أمل للوصول الی نتائج ملموسة لصالح الشعب الفلسطيني. خاصة أنها تؤكد في الدرجة الاولى علی انهاء الخلافات الداخلية في حركة فتح، دون أي حديث صریح عن إنهاء الاحتلال. وهنا يصبح من حق الشعب الفلسطيني أن يسأل الرئيس السيسي وقيادات أجهزته الأمنية ومن بينهم اللواء وائل الصفطي مساعد مدير المخابرات المصرية ومسؤول الملف الفلسطيني، الذي نقل «خريطة الطريق» الی سلطات رام الله، أن يسأل هذا الشعب، ماذا يمكن أن تقدم هذه الخريطة للشعب الفلسطيني، الذي لازال يعاني من الحصار الإسرائيلي وكذلك إغلاق معبر رفح من قبل الحكومة المصرية؟ ولماذا لم تتحدث عن إنهاء الإحتلال الإسرائيلی؟
هناك من يعتقد أن ثمة أنظمة عربية ومن ضمنها النظام المصري الجديد، وقطر والأردن والسعودية، وبالتعاون مع أمريكا، باتوا مرغمين علی إلهاء الشعب الفلسطيني بوعود تافهة، كـ تشكيل دولة فلسطينية علی حدود 1967 وإعادة إعمار المناطق المدمرة وإيقاف الإستيطان، دون أن تُنجز هذه الوعود. ويأتي الاعلان عن مبادرات السلام ومبادرات الطريق، من قبل النظام السعودي والمصري، في هذا المضمار.
وفي ظل الاعلان عن هذه المبادرات والخرائط الرنانة من قبل الأنظمة العربية، لازال الفلسطينيون يحاربون بأيدٍ خالیة في الضفة الغربية، ويقتلون بدم بارد من قبل الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح. وإذا ما سألت أياً من سكان غزة والضفة عن إحتیاجاتهم الحالیة وهل هم بحاجة الی مبادرات عربية وخرائط مصرية، أم أنهم يحتاجون الی السلاح ليدافعوا عن أنفسهم أمام المستوطنين الإسرائيليين والدبابات الإسرائيلية، لوجدت أنهم سيقولون لك وبجملة لا تتجاوز مفرداتها الثلاث كلمات، أنهم «بحاجة الی السلاح».
إذن ومن أجل أن يحفظ الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه وحكومته من لعنة الفلسطينيين، علیه عدم مضيعة وقت الفلسطينيين بخارطة ومبادرة جديدة، لا تغني ولاتسمن من جوع، بل يبادر الی فك الحصار عنهم ولو جزئيا عبر فتحه لمعبر رفح، هذا إذا عجز كسائر الزعماء العرب، عن مد الفلسطينيين بالمال والسلاح.