الوقت- بدا الكيان الإسرائيلي مصدومًا وواهناً في اليوم التالي للعملية الاستشهادية في تل أبيب، ويبدو أنه ينتظر المزيد من العمليات التي أثقلت كاهل المستوطنين الصهاينة وأجبرتهم على البقاء في منازلهم خوفًا مما قد يحدث، ويفقدون تدريجياً إحساسهم بالأمن وتقل ثقتهم بمسؤوليهم، وبدؤوا يعتقدون أن الجهاز الأمني وبالتالي المؤسسة السياسية تفتقد وسائل ضمان منع هذه الاعتداءات؛ في المقابل، ينجح الفلسطينيون في تنفيذ عمليات استشهادية في مدن إسرائيلية.
فيما يلي مقتطفات من مقابلة مع الخبير الشؤون الدولية حسن هاني زاده والتي نشرت في موقع "المشرق نيوز":
تم تنفيذ هذه العمليات الجهادية في الواقع لغرضين؛ أولاً، كرد صادم على العمليات القمعية التي يقوم بها الجيش الصهيوني ضد أهالي غزة والضفة الغربية والتي تصاعدت بشكل حاد في الأشهر الأخيرة، وحاول الصهاينة عزل الشعب الفلسطيني وإذلاله من خلال إهانة المقدسات وإهانة المسجد الأقصى.
موضوع آخر هو الاجتماع الأخير لوزراء خارجية الدول العربية مصر والمغرب والبحرين والإمارات مع وزراء خارجية الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في صحراء النقب، عقد هذا الاجتماع بالقرب من قبر بن غورين، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، كان له رسالة مهمة؛ أن إسرائيل توغلت الآن بعمق في المجتمع العربي وتعتزم بناء مجتمع عسكري ضد محور المقاومة.
بالتزامن مع هذا الاجتماع، جرت العملية الاستشهادية في حيفا وبعد ذلك في جنوب تل أبيب وعمليات متسلسلة أخرى في الأراضي المحتلة.
الانتفاضات السابقة كانت انتفاضة شعبية، والانتفاضات الاستشهادية هي في الواقع رد عملي على الجيش الإسرائيلي، الذي وضع للمرة الأولى في السنوات الأخيرة جميع القوى المهمة في جيشه في حالة تأهب. وسيستمر هذا النوع من العمليات الاستشهادية بكثافة أكبر، وستكون هذه بداية انهيار الكيان الصهيوني. الأراضي الفلسطينية محتلة منذ ما يقرب من 80 عامًا والمجتمع الدولي يلتزم الصمت، لذلك قرر الشعب الفلسطيني، بالنظر إلى تنازلات الدول العربية، طرد الكيان الصهيوني من فلسطين وتحرير القدس بوسائله الخاصة ومن خلال خيارات النضال، هناك الآن ارتباط بين المقاومة والشعب الفلسطيني أكبر مما كان عليه في الماضي. يجب على الشعب الفلسطيني أن يستخدم كل الوسائل الممكنة لطرد اللصوص الذين احتلوا أراضيهم بدعم من الولايات المتحدة والغرب؛ وهذا حق طبيعي ومشروع للفلسطينيين ويؤكد ذلك القانون الدولي.
إذا أصبحت الأراضي المحتلة غير آمنة، فسيضطر الصهاينة الجبناء إلى المغادرة، كما فعلوا في حرب لبنان التي استمرت 33 يومًا، حيث غادر 270 ألف يهودي الأراضي المحتلة الى الخارج في السنوات التي أعقبت الحرب بسبب إطلاق الصواريخ؛ ومع سلسلة العمليات الاستشهادية الأخيرة، ستتكثف هذه الهجرة العكسية مرة أخرى.
إن نوع وموقع هذه العمليات مهمان للغاية أيضًا. تظهر الأحداث الأخيرة في جنوب تل أبيب، وهي منطقة آمنة للغاية حيث يعيش معظم الصهاينة المتطرفين، أن الشعب الفلسطيني سيستخدم آلياته لنشر انعدام الأمن في جميع أنحاء فلسطين المحتلة.
وبدأ المسؤولون الإسرائيليون يستخدمون أحيانًا كلمات رئيسية تشير إلى عمق الواقع في الأراضي المحتلة. في الحرب التي استمرت 33 يومًا مع لبنان، نشرت صحيفة "هآرتس" عنوانًا ذا مغزى مفاده بأن "حزب الله جلب الدموع إلى عيون الجنرالات الإسرائيليين لأول مرة". حتى الآن، يعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عن خوفه من السير في الشوارع، وهذا يظهر أن إسرائيل تتجه نحو انعدام الأمن.