الوقت- أعلنت وزارة الدفاع السعودية مساء السبت عن فتح بوابة القبول والتجنيد الموحد للنساء والرجال للالتحاق بالخدمة العسكرية. جاء ذلك في بيان نشرته الوزارة عبر حسابها على تويتر قالت فيه: "تعلن وزارة الدفاع عن فتح بوابة القبول والتجنيد الموحد على وظائف عسكرية للنساء والرجال".
وأوضحت الوزارة أن الالتحاق بالوظائف العسكرية للجنسين يشمل الرتب من "رقيب" وحتى "جندي" وفقاً لاستيفاء الشروط المطلوبة لكل رتبة.
وذكرت الوزارة في بيانها التخصصات الدراسية التي يمكن قبولها في التقدم للخدمة العسكرية.
وتشمل أفرع القوات المسلحة التي يمكن للنساء الانضمام إليها: القوات البرية الملكية السعودية، وقوات الدفاع الجوي، والقوات الجوية الملكية، والقوات البحرية، وقوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية، إضافة إلى الإدارة العامة للخدمات الطبية للقوات المسلحة.
وسمحت السعودية للمرأة بالالتحاق بالخدمة العسكرية لأول مرة في فبراير/ِشباط العام الماضي 2021، ما أثار نقاشاً واسعاً حينها حول القرار.
أثار قرار فتح باب التجنيد أمام النساء في السعودية ردود فعل متباينة، وخاصة أن هذه الخطوة من الممكن أن تقابل بالرفض من قبل الأسر المحافظة في المملكة. فما الذي يخفيه هذا القرار؟ وهل هو رسالة للخارج أيضاً؟ وأين نحن الآن بعد عام من تطبيقه؟
إنه تطور ملحوظ في بلد لم يُسمح فيه للنساء بقيادة السيارة بشكل مستقل حتى عام 2018. في الجيش، يُزعم أن جميع المسارات الوظيفية مفتوحة الآن أمامهم، من القوات البرية مروراً إلى البحرية والجوية. ويمكن للمرأة السعودية الآن التقدم بطلب تقلد رتب عسكرية عليا.
تم اتخاذ قرار إشراك النساء في الجيش السعودي منذ ما يقرب من عامين ونصف العام، وبالتحديد في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019. وجاء في حساب وزارة الدفاع على "تويتر" في ذلك الوقت إنها كانت "خطوة أخرى نحو تمكين المرأة". وكانت قيادة البلاد قد فتحت سابقا باب التوظيف في الشرطة والحرس الوطني أمام النساء والآن جاء دور الجيش. وبشكل عام، شهدت حقوق المرأة في المملكة العربية السعودية تقدماً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة.
ما الدافع وراء هذا القرار؟
الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، سينزيا بيانكو من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR) قالت: إن هناك عدة أسباب لهذا الانفتاح. "أحد الأسباب هو إدماج النساء. كان أحد الأهداف الرئيسية لرؤية 2030 هو زيادة نسبة النساء داخل القوى العاملة من متوسط أقل بقليل من 20 إلى أكثر من 40 بالمئة".
وهناك دافع آخر للقرار ألا وهو الآثار الثقافية للخدمة العسكرية، حسب بيانكو، المتخصصة في التنمية السياسية لدول الخليج. "لأن الخدمة العسكرية تعزز، من ناحية، القومية أي الرابط العاطفي بين المواطنين السعوديين وبلدهم، وإضافة إلى ذلك تعزز أيضًا العلاقة بين المجتمع، وخاصة الشباب الذي يعتبر ناقما وغير صبور، وبين مؤسسات الدولة والقيادة السياسية للبلاد. وهذه المخاوف تعتبر أكثر إلحاحا من الجوانب العسكرية ".
وقد يكون من بين الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار هو محاولة محمد بن سلمان أن يظهر المملكة العربية السعودية بأنها تهتم بحقوق المرأة وأنها مثل الدول المتقدمة ويحاول بهذا القرار التغطية على الجرائم التي ترتكب بحق النساء المعتقلات في السجون السعودية وإسكات الإعلام الغربي قليلاً وإشغاله بهذا القرار الجديد.
أو قد تكون حرب اليمن هي أحد الأسباب أيضا فبعد مرور عدة أعوام على الحرب السعودية ضد الشعب اليمني لم يحقق الجيش السعودي أي تقدم يذكر رغم استعانته بمرتزقة من عدة دول افريقية واسلامية والتي زادت من نفقاتها بسبب رفض الشباب السعودي للذهاب إلى الصفوف الأمامية في هذه الحرب فهو يحاول شد عزيمتهم قليلا من خلال تجنيد النساء في الجيش أيضاً.
الجيش السعودي: قوي وضعيف في آن واحد
يعمل جيش المملكة بشكل جيد، وفق تصنيف مؤشر "غلوبال فاير باور" "Global Firepower" الأمريكي، الذي يقيس القوة العسكرية للدول، فالجيش السعودي لديه حالياً ما يزيد قليلاً على نصف مليون موظف، نحو 480 ألف منهم في القطاع العسكري. وفي مؤشر الجيوش الأقوى في العالم احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 17من إجمالي 139 دولة مسجلة، وفي الوقت نفسه يعد الجيش السعودي من أقوى الجيوش العربية.
والمملكة العربية السعودية هي أيضاً أكبر مستورد للأسلحة في العالم. غير أن المملكة لم تتمكن حتى الآن من استخدام قوتها العسكرية، كما يتضح من التدخل الأقل نجاحًا في اليمن، والذي استمر قرابة خمس سنوات.
وحسب تقرير للمجلة المتخصصة "Forces"، فإن ذلك يرجع أيضاً إلى حقيقة أن المكانة العائلية والعلاقات الجيدة مع العائلة المالكة تلعب دوراً رئيسياً في التوظيف والترقية. والجيش منقسم أيضا على أساس الهويات القبلية. ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن تجنيد النساء الذي أصبح ممكناً الآن يمكن أن يسير جنباً إلى جنب مع الخروج عن سياسة التوظيف السابقة ويساعد على تجديد الجيش من الداخل. سينزيا بيانو تنظر للأمر بالطريقة نفسها أيضاً، وتشير في ذات الوقت إلى أن الجيش السعودي يفتقر إلى الموارد البشرية ورغم ذلك لا توجد حتى الآن خطط جادة تهدف إلى تجديد الجيش إضافة إلى هذا كله "قد يستغرق قرار إدماج النساء في الجيش سنوات، حتى تظهر النتائج العملية".
ردود أفعال متباينة
كان من المتوقع أن يقابل هذا القرار بالرفض، وخاصة من قبل الأسر المحافظة في المملكة. لكن بشكل عام يمكن أن يكون "التقبل بطيئاً وأن ينضم عدد قليل فقط من النساء في بادئ الأمر. ولكن ذلك قد يتغير على المدى الطويل فيرتفع عدد المتقدمات ويزداد تقبل المجتمع أيضاً".
ردود الفعل الأولية على إعلان الوزارة للقرار، بدت منقسمة بين مؤيد ومعارض وبعد مرور عام على بدأ التطبيق يبدو أن الضجة الإعلامية قد خفّت بعض الشيء وأن الأمر بات شبه طبيعي في المملكة التي انتشرت فيها مظاهر أكثر إثارة لردود الأفعال كالملاهي والحفلات الراقصة.