الوقت- ضجة واسعة أثارتها زيارة الإعلاميّة البحرينية عهدية أحمد إلى يافا (تل أبيب)، وهي المتحدثة السابقة باسم وزارة شؤون مجلس الوزراء البحريني والناطقة الرسمية السابقة لهيومن رايتس ووتش الحقوقيّة في بلادها ورئيسة قناة البحرين 55، وقد نشر المتحدث باسم جيش العدو الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، فيديو مصورا للقائه عهدية على حسابه في تويتر وشكرها على جهودها لـ "إظهار الحقيقة عن إسرائيل"، فيما أعربت الإعلامية البحرينية عن شكرها أدرعي على الاستضافة، وعلى ما وصفته "دعم المرأة في الجيش الإسرائيلي"، وقدمت عهدية للمسؤول الإسرائيليّ، وقد أغضبت الزيارة الشارع العربي والبحرينيّ على وجه التحديد، معتبرين أنّها دعم للاحتلال وآلته العسكريّة ومنهجه العنصريّ الدمويّ، ومشيرين إلى أنّها لا تخرج من دائرة التطبيع الحكوميّ الذي حدث منذ دخول الإمارات والبحرين إلى حظيرة التطبيع الأمريكية مع الكيان الغاصب، في 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، دون قراءة أيّ بند من الأوراق التي وقعوا عليها.
في الوقت الذي تركتب فيه الآلة العسكريّة الصهيونيّة وعصاباتها التي جُمعت من شتات الأرض أشنع الجرائم ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وترتكب أقذر الجنايات الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الأبرياء خاصة في هذا الأيام المباركة، يُشيد أدرعي بدور الإعلامية البحرينية الغير معروفة على الساحة العربية في إظهار "صورة الحياة بيافا والقدس"، بالإضافة إلى "إبراز حياة الإسرائيليين والمرأة الإسرائيلية"، رغم أنّها تناست مواصلة قوات العدو حملاتها الدموية بحق أصحاب الأرض ما يُظهر "النفاق الإعلاميّ" في أبهى صوره مع عدو العرب والمسلمين والأحرار الأول.
لكن أدرعي الذي استطاع شراء ضمير موظفة تابعة للحكومة البحرينيّة لا يمكن أن تنجح تطلعاته في ما أسماها "شراكة حقيقية بين المجتمعات"، لأنّ المجتمع الإسرائيليّ إن صح التعبير هو مجتمع لقيط يسعى لفرض وجوده ضمن المجتمع الفلسطينيّ من خلال حرب ثقافية تسبقها غالباً الرشاشات والمدافع، وإنّ ظهور الإعلامية البحرينية ورئيسة جمعية الصحفيين البحرينيين سابقا، في فيديو وهي تظهر امتنانها للمتحدث باسم جيش الاحتلال اثناء زيارتها للأراضي الفلسطينيّة التي تسيطر عليها العصابات الصهيونيّة لا يعني أن تل أبيب في أي حال من الأحوال اخترقت الشعب البحرينيّ ذا المواقف العظيمة تجاه الفلسطينيين والعرب.
والدليل على ذلك، أنّه في الوقت الذي كانت عهدية أحمد تتحدث عما تسميه "تأييدها للسلام"، انسجاما مع توجهات السلطات الحاكمة في البلاد، وتمهيداً لعقد اتفاق من طرف واحد مع الكيان الإسرائيليّ، وكان "السلام" الذي تقصده عهدية هو التطبيع الكامل مع "إسرائيل" تحديدا، وليس السلام بمفهومه العام، حيث حصلت عهدية بناءً على مواقفها على منصب "رئيسة جمعية الصحفيين البحرينيين" لكنها أجبرت بعدها على التخلي عن المنصب بعد ضغوط شعبيّة، حيث تعبر نفسها "صاحبة كلمة حرة" وتؤكّد أنّها خسرت اصدقاءها بسبب مواقفها السياسية –الخانعة-، ما يشير إلى انفصام مواقفها عن الشعب البحرينيّ الحر الرافض لأي علاقة أو زيارة أو تطبيع وتحالف مع العدو "إسرائيل".
ومنذ اللحظة الأولى لـ "اتفاق العار" رفضت الغالبية العظمى من الشعب البحرينيّ الاتفاق الذي أبرمته حكومة المنامة مع تل أبيب بسبب الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، على ملوك الخليج من أجل الرضوخ لقراراته وإعلان التطبيع مع الصهاينة، حيث أكّدت الإذاعة العبريّة حينها، أنّ ترامب يمارس ضغوطاً على المنامة، وسيعلن موافقتها على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، وهذا ما حصل في اليوم نفسه الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكيّ عن الاتفاق بين المنامة وتل أبيب، وذهبت البحرين مع الامارات ولحقت بهم المغرب في توقيع اتفاق “استسلام” مع الكيان الغاصب، ومن الواضح أنّ تحركات عهدية وبعض الشخصيات الحكوميّة أو المقربة من السلطات في البحرين والإمارات والسعودية، وزياراتهم لـ"إسرائيل" وإطلاق تصريحات موالية للعدو، لا يعدو عن كونه طلب حكوميّ لا أكثر.
ومن الجدير بالذكر أنّ عهدية أحمد تعتبر أنّها تدفع ثمن مواقفها المؤيدة لـ "السلام"، حسب تصريحات لها العام المنصرم، وحسب وجهة نظرها المغلوطة فإنّ "السلام مع إسرائيل سيحقق أمناً وازدهاراً في المنطقة"، وتعتبر وفقاً لمقابلة سابقة معها، أنّ الخطر يأتي محور المقاومة الذي يسعى إلى الانعتاق من الاحتلال وقطع اليد الأمريكيّة وأذرعها من المنطقة، وتعول عهدية بالمقابل على التحالف مع تل أبيب، محملة الفلسطينيين مسؤولية أيّ تصعيد.
رفض شعبيّ واسع
إن لم تستحِ فاصنع ما شئت، هذا ما قاله البحرينيون والعرب لعهدية أحمد التي أدانت العملية العملية الفدائية في تل أبيب وروجت لصوت حكومتها وليس البحرين الذي أبى شعبه أن تكون أرضه موطئ قدم للصهاينة أو منطلقاً للتطبيع مع عدوهم الأخطر، وخاصة أن زيارة الإعلامية البحرينية إلى كيان الاحتلال جاءت بالتزامن مع تصاعد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بسبب الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية العدوانيّة في القدس والضفة الغربية المحتلة.
لذلك، استنكر نشطاء كُثر على مواقع التواصل الاجتماعي المهمة الرسمية للإعلامية البحرينية إلى تل أبيب، ولقاءها المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعاي، مؤكدين أنّها تأتي لخدمة الصهاينة، ومشيرين إلى أن التعويل كان وما زال على الشرفاء والأحرار الذين اختاروا المقاومة نهجاً رابحاً مهما كثرت الضغوط، كُرمى عيون المظلومين والمقهورين في فلسطين المقدسة وغيرها.
يُذكر أنّ الإعلامية البحرينية زعمت في لقاء تلفزيوني مع هيئة الإذاعة والبث البريطانية "بي بي سي"، أنّ قرار ملك بلادها حمد آل خليفة إقامة علاقات تطبيعية مع الاحتلال سيكون "الحل الجذريّ" للقضية الفلسطينية، مؤكدة دعمها لمنح "إسرائيل" فرصة لإثبات حسن نواياها، وبالطبع هذا الشيء لم يحصل أبداً، وادعت عهدية أن "رفض حركة المقاومة الفلسطينية حماس اتفاقية التطبيع البحرينية - الإسرائيلية التي وقعت نهاية 2020، يعود لكونها منظمة إرهابية كما صنفتها بريطانيا التي درست بها".