الوقت- بالتزامن مع الوجود غير الشرعيّ والمؤذي لقوات الاحتلال الأمريكيّ في المنطقة الشرقيّة السوريّة منذ سنوات، لدعم ما تُطلق على نفسها "قوات سوريا الديمقراطية" التي يهيمن عليها بعض القياديين الكرد الحالمين بدولة قوميّة ضمن سوريا لإتمام المشروع الذي يتحدث عن السياسيون الكرد في إنشاء "دولة قوميّة" من مجموعة كتل أبرزها في سوريا والعراق وتركيا وإيران، تؤكّد دمشق أن قوات الاحتلال الأمريكيّة أخرجت 65 شاحنة وصهريجاً محملاً بكميات من القمح والنفط المسروقة متجهة للأراضي العراقية، في ظل أوضاع معيشيّة واقتصاديّة مأساويّة يعيشها السوريون لا يمكن وصفها إلا بـ "حرب لقمة العيش".
في الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة أشدّ العقوبات والحصار على السوريين والذي يذيقهم الويلات، ينجو من ذلك المناطق التي يديرها عملاء واشنطن وخارج سيطرة الدولة السوريّة وبالأخص مناطق ما تُسمى "الإدارة الذاتية"، حيث أشارت سوريا مؤخراً إلى أنّ رتلاً من 58 شاحنة يحمل أطناناً من القمح السوري المسروق و7 صهاريج لنقل الوقود ترافقها مدرعات عسكريّة تابعة لجيش الاحتلال الأمريكيّ خرجت عبر معبر "الوليد" غير الشرعيّ في ناحية اليعربيّة متجهة إلى الشمال العراقيّ.
وعلى الرغم من أنّ الشارع السوريّ مُنهك من الغلاء الفاحش والفساد والعقوبات التي تستهدف حياته وصحته ولقمة عيشه بشكل مباشر ومقصود، بعد أن تحمل السوريون الكثير من المآسي في واحدة من أشد الحروب الدمويّة التي مرت في تاريخ البلاد، يأتي خنوع القيادات الكرديّة لواشنطن ليزيد طين حياتهم التعيسة بلة، حيث تتناسى "الإدارة الذاتية" أنّ البيت الأبيض هو من أعطى الضوء الأخضر من خلال الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، لغزو تركيّ للأراضي السوريّة الشماليّة للقضاء على الأكراد وتدمير منازلهم، كما وجهت الولايات المتحدة لهذه الجماعة العرقية سلسلة طعنات وجهها رؤساء أمريكيون عبر قراراتهم منذ سنوات طويلة.
أميركا تسرق آبار النفط من منطقة الجزيرة إلى قواعدها في شمال العراق"، هذا ما أكّدته الحكومة السوريّة المُصرة على استرجاع أراضيها شرقيّ البلاد، بعد أن استغلت قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ (قسد) التي تُشكّل مظلة للمقاتلين الأكراد وأقلية من العرب، الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابيّ ككيانٍ جغرافي في آذار/مارس 2019، للسيطرة على نحو ثلث الأراضي السورية الغنية بالنفط، حيث يُقيم ملايين السوريين ومعظمهم من العرب وغير الأكراد.
وإنّ سوريا تعبر أنّ أميركا تحقق فائدتين من سرقتها للنفط السوريّ الأولى تكمن في أنّ الجيش الأمريكي ينشر قواته في مناطق الآبار النفطيّة في منطقة الجزيرة لسرقته، وتمويل ميليشيا (قسد) التابعة له والتنظيمات الإرهابية الأخرى من جهة، إلى جانب نهبه المحاصيل الهامة والرئيسيّة، خاصة أنّ الولايات المتحدة وبسبب تاريخها الدمويّ والقذر في تدمير الدول وحصار الشعوب واغتيال السلام، وباعتراف مسؤوليها هي التي أسست ونظمت وسلحت تنظيم “داعش” الإرهابيّ وقامت بزرعه في المنطقة، وسهلت ويسرت لجميع الإرهابيين والمجرمين والمنحرفين فكريّاً وأخلاقيّاً الانضمام لهذا التنظيم، وساعدتهم بقوة في التغلغل داخل الأراضي العراقيّة والسوريّة، بهدف إثارة الفوضى وتفتيت الجيوش النظاميّة واستنزافها، وبعد فشل التنظيم الإرهابيّ رغم عملياته الاجراميّة الكثيرة وتمدده لسنوات على الارض وسيطرته على العديد من المدن، قامت واشنطن بتنفيذ السيناريو الذي وضعته أجهزة مخابراتها، ونشرت قواعدها وقواتها المُحتلة بشكل غير شرعيّ تحت عنوان “محاربة داعش”، لتحقق مؤامراتها في تدمير الدول التي تعتبر معادية لها وللكيان الصهيونيّ المجرم فتنهب خيراتها وتحاصر شعبها وتحاول القضاء على دورها.
الفائدة التي لا تقل أهميتها عن سابقتها، هي حرمان الشعب السوريّ من ثرواته ورزقه، في ظل مواصلة حصار جائر يفرضه الأمريكيّ وحلفائه وأدواته في المنطقة ضد الشعب السوريّ، بعد أن تبنّت الإدارة الذاتيّة الكرديّة خطاب الحكم الذاتيّ كخطورة للمشروع الأكبر وامتداد له، وعملت على محاربة التعايش والاعتراف المتبادل بين مختلف أبناء المنطقة، رافضة التخلّي عن أيّ هدف تخريبيّ أو سلطة فعلية في المناطق التي تسيطر عليها وتشكل الأكثرية العربيّة الخاضعة لسيطرة "قسد" فيها 80%، في تهميش لأكبر قوميّة في الشرق الأوسط، وذلك إرضاءاً للأمريكيّ الذي يتخلى عنهم في ايّ لحظة كما فعلها في أفغانستان.
ولذلك، فإنّ قوات الاحتلال الأمريكيّ لن تخرج بسهولة من شمال شرق سوريا، وستواصل العمل مع “قوات سوريا الديمقراطية” الانفصاليّة لتحقيق مشاريعها الهدامة في المنطقة، بينما تشدّد سوريا على أنّ الاحتلالين الأمريكيّ والتركيّ لأجزاء من الأراضي السورية يمثل أهم أسباب إطالة أمد الأزمة في سوريا، ناهيك عن مواصلتهما نهب الثروات السورية، فيما تعتبر دمشق أنّ الحملة المسعورة الخاصة بالوضع الإنسانيّ في البلاد تمثل أبشع أشكال النفاق، ويتجاهل أصحابها أنهم السبب الأساس في معاناة السوريين جراء دعمهم للإرهاب.
في النهاية، باتت الأهداف الأمريكيّة واضحة للجميع، فعقلية الأمريكيّ لم تتغير أبداً، والرغبة الأمريكيّة بإسقاط الأنظمة المخالفة لها وتدمير البلدان وحصار الشعوب التي لا تخنع لإملاءاتها علنيّة، أم نسينا أنّ وواشنطن عملت كل ما بوسعها لإسقاط سوريا المقاومة من خلال دعم التنظيمات الإرهابيّة بشكل لا محدود بالتعاون مع دول معروفة، لكنها اصطدمت بأكثر من 10 سنوات من الانتصارات التي حققها الجيش السوريّ وداعموه من الحلفاء وبالأخص محور المقاومة، لهذا جلبت "صغار السياسة" من القيادات الكردية ليوقعوا على صك عبوديّتهم.