الوقت- جميعنا نعلم أن أمريكا تسعى للتطبيع مع جميع الدول العربية منذ سنوات، نجحت مع بعض الدول كالدول الخليجية وفشلت في محاولاتها مع أخرى، لكنها لم تيأس فهي مستمرة في تلك المحاولات.
لكن المهم بالنسبة لأمريكا أن تقوم بتطبيع العلاقات بين لبنان والكيان الصهيوني وحاولت في ذلك مرار وتكرار، ومن جديد تعيد فتح هذا الملف بطريقة غير مباشرة من خلال ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع الكيان الصهيوني.
وشهدت السنوات الأخيرة العديد من المفاوضات حول هذه المسألة ولكن دون جدوى ودون التوصل الى نتيجة.
لذلك وفي هذه المرة من المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية مع لبنان تم ارسال الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتين الى بيروت قادما من الأراضي المحتلة، من أجل أن تأخذ هذه المفاوضات طابعا أكثر جدية.
وفي هذا الصدد أجرت مراسلة موقع الوقت الاخباري التحليلي حوار صحفي مع المستشار القانوني والمحلل السياسي الدكتور "قاسم حدرج" وفيما يلي نص الحوار:
الوقت: ما هو جوهر موضوع ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع الكيان الصهيوني؟
حدرج: ترسيم الحدود البحرية بين الدول هو أمر غاية في الصعوبة والتعقيد والأمم المتحدة لا تدخل طرفا حاسما فيه بل تدعو الدول للتفاوض لحل النزاعات الحدودية بينها او اللجوء الى محكمة العدل الدولية في مسار طويل ومعقد.
هذا اذا كان الموضوع يتعلق بالمياه الاقليمية والمنطقة الاقتصادية الخاصة فكيف اذا كان الترسيم الحدودي له علاقة بالثروات الغازية والنفطية؟ فهنا لا بد من ايجاد حلول سريعة لحسم النزاع ليتمكن كل طرف من استثمار ثرواته.
اما المشكلة الأكبر التي تواجه لبنان فهي ان الحدود المتنازع عليها هي مع دولة عدوة وبالتالي لا يمكن التفاوض معها مباشرة الا عبر وسيط وبرعاية الأمم المتحدة. والمشكلة الثانية هي عدم وجود اجماع وطني حول حقوق لبنان بين فريق يطالب بتقديم تنازلات والانصياع للضغوط الأميركية بحجة الاسراع باستثمار هذه الثروات وفريق اخر متمسك بالحقوق كاملة انطلاقا من قدرته على حمايتها.
وبالتالي فان محاولة الترسيم التي بدأت منذ العام 2007 شهدت منعطفات مختلفة بدأ من الترسيم المؤقت مع قبرص انطلاقا من الخط الوهمي رقم 1 والذي اعتمدته قبرص وقامت بترسيم حدودها البحرية مع الكيان الصهيوني.
انطلاقا منه وبين المسار التفاوضي السري الذي كان يجري مع الوسيط الأميركي هوف برعاية رئيس مجلس النواب الذي يعتمد الخط 23 كمسار تفاوضي والذي يحدد حق لبنان ب 860كلم مربع.
اقترح هوف ان يتنازل لبنان عن نحو الثلث لمصلحة اسرائيل من خلال ما اصطلح على تسميته بخط هوف ثم البدء بالمسار التفاوضي عبر رئاسة الجمهورية حيث اعلن الوفد اللبناني انطلاقا من الوثائق والخرائط الصحيحة بأن حقوق لبنان تبدأ من الخط 29 اي بزيادة نحو 1300كلم وهو ما لم يقبله الإسرائيلي.
الوقت: ما هو رأي الوسيط الأمريكي عاموس هوكشتين في هذه القضية؟
حدرج: الوسيط الأميركي غير النزيه يمارس كل انواع الضغوطات على لبنان لانتزاع اكبر قدر من التنازلات لمصلحة اسرائيل ويعرض على لبنان التنازل عن جزأ من حقوقه في مقابل الأسراع في التنقيب عن النفط والغاز واستثمارهم للحد من ازمته الأقتصادية.
ويقترح ان تقوم شركات فرنسية من الجهة اللبنانية بالاشتراك مع شركات اميركية من الجهة الاسرائيلية بالتنقيب في الحقول المشتركة كاريش وقانا وتشكيل هيئة رقابية تشرف على هذا الأمر اضافة ولكن لبنان اقترح لعدم المشاركة هو اعتماد الخط 23 مع حقل قانا كاملا والتخلي عن الخط 29 وهو ما اعلن عنه الرئيس عون صراحة على ان يحمل هوكشتين هذا المقترح الى اسرائيل والعودة بالجواب الا انه بدلا عن ذلك ارسل رسالة الى الرئيس مرفقة بخريطة.
تبقي مشاركة اسرائيل في حقل قانا وتستأثر بالحقل رقم 8 وهو ما استدعى ان يقوم لبنان بتشكيل لجنة مشتركة لمناقششة هذا العرض وابداء الرأي تمهيدا لأعلان موقف لبنان الرسمي .
الوقت: ما هي الجماعات والأفراد في لبنان الذين يريدون أن يتنازل لبنان عن بعض حقوقه البحرية؟
حدرج: هناك اكثر من فريق في لبنان يؤيد التنازل عن بعض الحقوق ولكل اسبابه المختلفة؛ فريق مرتهن لأميركا ويؤيد كل ما تقرره وهو ئيس الحكومة و القوات والمستقبل والاشتراكي.
فريق رئيس الجمهورية انطلاقا من كون حقوق لبنان غير ثابتة بالخط 29
ولتحقيق انجاز الترسيم في عهد عون وللأسراع في استثمار لبنان لموارده الاقتصادية وعدم مواجهة الارادة الأميركية .
الوقت: ما هو موقف حزب الله بشأن هذه المسألة؟
حدرج: موقف حزب الله من موضوع ترسيم الحدود ينطلق من مبدأين:
الأول: عدم الاعتراف بحدود مع الكيان الصهيوني ويعتبر ان هذا الأمر هو مؤقت وضروري وتفرضه المصالح الدولية وقد كرس هذا الأمر منذ العام 2000 عند رسم الخط الازرق بعد الانسحاب الاسرائيلي.
الثاني: هو انه لم يقدم نفسه يوما بديلا عن الدولة ويؤمن بأن ترسيم الحدود هو عمل اداري من اختصاص المؤسسات الرسمية، ولكن في ذات الوقت فان موقفه كفريق سياسي وازن يعارض امرين.
الأمر الاول : ان يشمل الترسيم ان شبهة تطبيع او تنسيق مع العدو.
الأمر الثاني: ان يتنازل لبنان عن اي من حقوقه نتيجة ضغوطات تمارس عليه او شبهة استضعاف لموقفه ويطالب الدولة بأن تتسلح بقوة المقاومة في اي مفاوضات وبأنها قادرة على حماية هذه الحقوق وتهديد المصالح الاسرائيلية.
وبالتالي لا مبرر لأي تنازل وهذا ما اعرب عنه الحج محمد رعد بالقول لن نسمح لأسرائيل بالتنقيب عن الغاز ما لم يبدأ لبنان اولا ويروحوا يبلطوا البحر .
الوقت: ما هو العائق أمام موقف حزب الله من التآمر الإسرائيلي - الأمريكي لرسم خطوط بحرية؟
حدرج: العائق الوحيد أمام حزب الله هو عملية الانقسام الوطني حول المسائل السيادية، وبالتالي فهو يتجنب استخدام القوة لفرض واقع لا يجمع عليه اللبنانيون بل سيحملوه مسؤولية التبعات خاصة مع حالة الانهيار الاقتصادي والمالي.
كما أنهم سيتهموه بتفويت فرصة ذهبية على لبنان لاستخراج ثرواته خدمة لأجندة خارجية، وبالتالي هو يتجنب هذا الواقع المرير وعلى أمل انه لم يبق بعمر هذا الكيان الكثير من الوقت .
الوقت: هل هذا مؤثر في الانتخابات النيابية اللبنانية؟
حدرج: لا تأثير جدي لموضوع الترسيم على الانتخابات النيابية لأن نتائجه الحاسمة سترحل الى ما بعدها على أمل ان يحصد ادوات اميركا الاكثرية وبالتالي تصبح المهمة اسهل على الأميركي.