الوقت - تستمر السلطات السعودية في احتجاز كبار السن والمرضى من معتقلي الرأي، وتماطل في إطلاق سراحهم بالرغم من استمرار تدهور حالتهم الصحية بغياب الرعاية اللازمة.
وتتعمد السلطات السعودية في تجاهل القوانين، واستمرار احتجاز كبار السن للتنكيل بهم والسعي لتصفيتهم جسديا بشكل غير مباشر، وذلك عن طريق الإهمال الطبي وسوء أحوال المعتقلات التي تهدد حياة المرضى والكبار.
ومن بين أبرز معتقلي الرأي من الذين يعانون من الأمراض وكبر السن، الدكتور سعود الفنيسان المعتقل منذ سنتين و ذو الثمانين عامًا، ومحمد دليم القحطاني البالغ خمسة وستون عامًا ويعاني من شلل نصفي.
وكذلك المفكر البارز د. سفر الحوالي الذي يعاني من فشل كلوي وكسر في عظم الحوض، وعائدة الغامدي المسنة والتي تعاني الأمراض المزمنة.
وطالبت منظمة سند لحقوق الإنسان المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل في ضغطها على الحكومة السعودية، لإطلاق سراح جميع كبار السن الذين بات المعتقل يهدد حياتهم.
وانتقدت منظمة “سند” الحقوقية السعودية اعتقال سلطات المملكة لأكثر من فرد من العائلة الواحدة، واصفة ما يحدث بأنه عملية “قمع جماعي”.
وفي انفوجراف نشرته المنظمة عبر حسابها بـ”تويتر” استعرضت أهم العائلات السعودية التي يعاني أكثر من فرد فيها من الاعتقال التعسفي.
وعلقت “سند” على ذلك بقولها: “تعتقل السلطة السعودية عائلات بأكملها بلا تهم واضحة، وهو ما يعد انتهاكًا صريحًا وعقابًا جماعيًا يراد منه سلب الحقوق والحريات”.
وأضافت إن السلطات السعودية “تستخدم أسلوبًا وحشيًا للتنكيل بمعتقلي الرأي من خلال ملاحقة ذوي المعتقلين والتضييق عليهم واعتقالهم.
وأوضحت “سند” أن من ضمن تلك العائلات، عائلة “الحويطات” حيث معتقل منها؛ عبد الناصر أحمد الحويطي، ونجله أحمد، وضيف الله الحويطي، وحليمة الحويطي.
وتم الكشف في الساعات الأخيرة عن اعتقال السلطات السعودية الدكتور عبد الله اليحيى خلال ديسمبر الماضي؛ بسبب دفاعه عن فلسطين و رفضه للتطبيع مع إسـرائيل.
وأكدت مصادر حقوقية على اعتقال الدكتور عبد الله اليحيى، يوم 24 ديسمبر 2021م، على خلفية تغريدات على حسابه الشخصي منتقدًا فيها التطبيع والدعم الحكومي الرسمي له.
ويأتي اعتقال اليحيى ضمن حملة إعلامية ودينية، لتهيئة الأجواء الثقافية في المملكة، للتطبيع مع إسرائيل، وسط دعوات حقوقية للإفراج الفوري عنه وعن كل من عبر بحرية عن رأيه الحر.
وتستمر السلطات السعودية في انتهاكاتها للقوانين الدولية والمعاهدات التي من شأنها أن تحفظ كرامة الإنسان وحريته، في ظل تجاهل صريح للتنديد والإدانات والتحذيرات الدولية لسلطة المملكة.
وفي هذا السياق، تبرز انتهاكات السلطة لبنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ من خلال التضييق على حرية التعبير وملاحقة المؤثرين في المجتمع.
وتنص المادة الـ 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أنه لكل شخص حقّ التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرِيته في اعتناق الآراء من دون مضايقة وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
ورغم النص الواضح في بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أن السلطة السعودية ومنذ عام 2017م، تواصل احتجاز واعتقال المئات من معتقلي الرأي من الناشطين والمؤثرين في المجتمع بعيدا عن العدالة.
وكان مركز الخليج لحقوق الإنسان نشر تفاصيل مروعة عن “أنماط التعذيب في سجون ومعتقلات المملكة العربية السعودية”.
وتطرق التقرير لأنماط التعذيب كمكون رئيسي بتمكين أسلوب الحكم الاستبدادي والإبقاء عليه، وجمعها بعد دراسة حالات وتقارير ومصادر موثوقة.
وبين أن المصادر تشير إلى مناخٍ يُمارس فيه على نحو متزايد قمع الأصوات المعارضة منذ تولى محمد بن سلمان ولاية العهد في عام 2017.
وركز التقرير على الأنماط الرئيسية للتعذيب التي ظهرت في السعودية خلال مدى السنوات الأربع الماضية.
وحسب المركز فإن أنماط التعذيب الرئيسية وهي استخدام الجرائم المتصلة بالإرهاب كوسيلة لقمع المعارضة وتسويغ الاحتجاز التعسفي الممنهج.
وذكر أن بينها إيقاع التعذيب على المتهمين واستهداف المدافعات على نحو مخصوص؛ وانعدام مساءلة المتهمين بارتكاب التعذيب.
وخلص التقرير إلى أن ارتكاب التعذيب في المملكة إنَّما هو ممارسة منظمة وممنهجة ومتداخلة إلى حد كبير مع أجهزة الدولة والقضاء.
وأكد اعتماد السلطات على التوقيف التعسفي والتعذيب أثناء الاحتجاز والمضايقات القضائية في حملتها الشعواء على المجتمع المدني السعودي. وأشار التقرير إلى أن ذلك يبيِّن أنَّه غدا سياسة رسمية بالسعودية.
وقد تحولت سجون السعودية إلى أقبية يُزج فيها الأكاديميون والناشطون والمفكرون والدعاة، منذ الحملة الأولى للاعتقالات التي حصلت في سبتمبر 2017، ولا تزال حملة الاستهداف مستمرة، لتحوّل السجون الحكومية إلى مكانا لإخفاء الكفاءات الوطنية.
وأخفت السلطات السعودية أبرز الكفاءات العلمية الوطنية التي تحتاجها المملكة، فمنهم الدعاة والمفكرون والباحثون والكتاب والصحفيون والناشطون والشعراء وغيرهم الكثير. وتجاهلت السلطات خطورة ملاحقة الكفاءات واستهدافهم، والذي سينعكس على معظم مجالات الحياة في البلاد، لتكون السلطة متورطة في جريمة قمع الحريات، بجانب تدهور الأوضاع عبر إقصاء الكفاءات واعتقالهم.
ولا يزال مئات الأشخاص من الفئات المجتمعية العلمية المهمة التي يحتاجها البلاد، يقبعون في المعتقلات الحكومية التي تفتقر لكرامة الإنسان، ليبقى ملف حقوق الإنسان في تدهور مستمر.
وتمتنع السلطات السعودية عن الكشف عن أوضاع معتقلي الرأي، خوفا من فضح جرائم التعذيب النفسي والجسدي الذي يمارس بحقهم، في ظل الإفلات من العقاب الذي يتمتع به المجرمون.