الوقت- في بيانه الأخير حول اليمن، طالب مجلس الأمن الدولي من حكومة صنعاء وقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، وقف هجماتهم على الإمارات والسعودية، وقبل أن يجف حبر هذا البيان، جاء الرد الإماراتي السعودي فجر يوم الجمعة الماضي بالعديد من المجازر في العديد من المحافظات والمدن اليمنية خلّفت 150 شهيداً وجريحاً، بعدة غارات جوية سعودية اماراتية على سجن بمدينة صعدة وبعض الاحياء السكنية بمدينة الحديدة وشبوة. وكعشرات المجازر والآلاف من ضحايا غارات التحالف السعودي على امتداد أكثر من سبع سنوات من الحرب على اليمن، مرت هذه المجازر بصمت، ولم تحرك ساكناً للمجلس المعني أساساً بحماية السعودية وجنودها، وكأن مهمته باتت تقديم الضحية كجلاد، والجلاد والمعتدي كمدافع عن نفسه!. لكن المجزرة في توقيتها، أو "الجريمة الوحشية" بتعبير الناطق باسم أنصار الله "محمد عبد السلام"، "ليست سوى تعبير عن الوجه الحقيقي لمجلس الأمن الذي يمنح دول العدوان الغطاء السياسي والعسكري للاستمرار في قتل الشعب اليمني والعدوان عليه، واستمرار الحصار"، ولابد أنها دفعت تحالف صنعاء إلى مزيد من التمسك بمواقفه الرافضة للبيان، الذي فصّل على مقاس الرغبة السعودية والاماراتية، كما يشير سياسي يمني رفيع، ذلك أن تلك القرارات والادانات الصادرة عن مجلس الامن "تشجع تحالف العدوان على مواصلة شن الغارات، وفرض الحصار، ويبعد أي أمل بحل سياسي يطوي الحرب، ويؤسس لسلام عادل يضمن سيادة اليمن وكرامة الشعب اليمني".
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية بأن أعضاء مجلس الأمن الدولي، أدانوا بأشد العبارات، الهجمات اليمنية التي استهدفت مدينة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الاثنين الماضي، وكذلك مواقع أخرى في السعودية. وأعرب أعضاء مجلس الأمن، في بيان صدر يوم الجمعة الماضي، عقب تلقيهم الكثير من الاموال الاماراتية والسعودية عن خالص مواساتهم وتعازيهم لقادة أبوظبي. وأكد أعضاء المجلس من جديد أن مثل هذه الهجمات بجميع أشكالها ومظاهرها تشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وشددوا على ضرورة محاسبة مرتكبي هذه الأعمال العسكرية ومنظميها ومموليها ورعاتها وتقديمهم إلى العدالة. وحث البيان جميع الدول على التعاون، بشكل فعال، مع حكومة دولة الإمارات وجميع السلطات الأخرى ذات الصلة في هذا الصدد، وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وجددوا التأكيد كذلك على ضرورة أن تكافح جميع الدول، بجميع الوسائل، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والالتزامات الأخرى بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي والقانون الإنساني الدولي، التهديدات التي يتعرض لها السلم والأمن الدوليان عن طريق الأعمال الإرهابية.
وعلى نفس هذا المنوال، اتهم الدكتور "عبد العزيز بن حبتور" رئيس حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء، مجلس الامن الدولي والأمم المتحدة بالتواطؤ إزاء الجرائم بحق الإنسانية في اليمن. وقال "بن حبتور": "إن الصمت المريب الذي ينتهجه مجلس الامن والامم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية عند كل مجزرة يتعرض لها اليمنيون ومع كل جريمة حرب ترتكب بحق النساء والأطفال يعزز اليقين لدى الجميع بأن الصمت الأممي هو القاتل الحقيقي للشعب اليمني". وأضاف: "تحالف العدوان لا يمكنه التمادي في ارتكاب المذابح الجماعية للمدنيين إلا نتيجة ثقته بتواطؤ المنظمات الأممية وتغاضيها مدفوع الثمن عن كل جرائم الحرب اليومية التي يتباهى العدوان باقترافها على مرأى ومسمع العالم". وتابع: "إن جميع الجرائم المروعة التي يرتكبها طيران العدوان السعودي كل يوم، هي جرائم حرب تضاف إلى جرائم الإبادة الموثقة ضد العدوان المتوحش وبمشاركة المنظمات الأممية التي تقتل شعبنا بصمتها الأشد إيلاما وفتكا من طائرات العدوان". وأضاف "إن الجرائم بحق أبناء اليمن لن تسقط بالتقادم ولن تمر تحت أي مسمى كان، فالعقاب سيكون حتمياً طال الزمن أم قصر، وعلى المعتدين أن يتوقعوا الرد الموجع من شعبنا عاجلا غير آجل".
وعلى صعيد متصل، ذكر العديد من المسؤولين في حكومة صنعاء أن مجلس الامن الدولي والأمم المتحدة شريكان أساسيان في الابادة الجماعية التي تحدث للشعب اليمني من خلال صمتهنا وموافقتهنا على الحصار الجائر الذي تفرضه قوات العدوان على ميناء الحديدة منذ اكثر من ست سنوات ونصف والذي بدوره يهدد بكارثة انسانية بكل المستويات والمقاييس وعلى راس ذلك القطاع الصحي. وأكد المسؤولين اليمنيين أنه لن تعود الحياة والحق في العيش على هذه الارض الا بالقضاء على الشرذمة التي تدعي أنها إنسانية وهي اليد الاساسية في كل الخراب في العالم. وطالب المسؤولين اليمنيين السياسيين الاحرار والكّتاب لتعرية الامم المتحدة أمام الملأ وكشف مخططاتها والجرائم التي تقوم بها. كما طالب المسؤولين اليمنيين أبطال الجيش واللجان الشعبية بضرب بضرب القصور والمنشآت الحيوية لكل من شارك في إبادة الشعب اليمني.
وفي الختام، يمكن القول أن حكومة صنعاء لا يمكنها أن تعّول ابداً على مجلس الامن ولا على الأمم المتحدة في تحقيق اي تقدم نحو السلام العادل ولن تعّول عليها في أي أمر في ظل الهيمنة الأمريكية والمال السعودي عليها والذي اخرجهما تماما عن دائرة الاستقلال. وما استمرار قيادة صنعاء في مجاراة مجلس الامن والأمم المتحدة إلا من باب التأكيد على حسن نواياها وعلى رغبتها الحقيقية في الوصول إلى السلام العادل والمشرف، وهو في ذات الوقت تأكيد على أن المواجهة والصمود هو خيارها الوحيد بدون السلام العادل وأن على تحالف العدوان ومجلس الامن والامم المتحدة أن يعلموا أن الاستسلام غير وارد ولا وجود له في كل قواميسها أياً كانت النتائج التي تتمخض عن هذا الموقف الاساسي والمبدئي لليمنيين قيادة وشعباً.