الوقت - أعلنت أسرة الناشط الحقوقي المصري الفلسطيني رامي شعث في بيان ، السبت إن السلطات المصرية أفرجت عنه بعد اعتقال استمر أكثر من 900 يوم وبعد أن أجبرته على التخلي عن جنسيته المصرية.
وأضاف البيان إن شعث، الذي كان عضوا في العديد من الجماعات السياسية العلمانية في مصر وأحد مؤسسي حركة المقاطعة المؤيدة للفلسطينيين بها، أُفرج عنه مساء يوم الخميس السادس من يناير كانون الثاني وسُلم إلى ممثل للسلطة الفلسطينية بالقاهرة قبل نقله جوا إلى الأردن.
وأضافت الأسرة إنه الآن في طريقه إلى فرنسا.
وعملت زوجته الفرنسية سيلين ليبرون شعث، التي رحلتها مصر بعد اعتقاله، على دفع حكومة فرنسا للضغط على مصر للإفراج عنه.
ولم يصدر بعد تعليق من السلطات المصرية حول إخلاء سبيله.
وقالت الأسرة في البيان “إن كنا نشعر بالسعادة لأن السلطات المصرية استمعت لندائنا من أجل الحرية، فإننا نأسف لأنها أجبرت رامي على التخلي عن جنسيته المصرية كشرط للإفراج الذي ينبغي ألا يكون مشروطا”.
وأضاف بيان الأسرة: “نحتفلُ بهذا اليوم المميز مع كل من ساندنا ووقف مع رامي في نضاله من أجل الحرية، نعبر عن امتناننا لجميع المتطوعين ومنظمات حقوق الإنسان وآلاف الشخصيات العامة والمواطنين في كل الوطن العربي والشتات والعالم ممن طالبوا بإطلاق سراحه”.
وفور وصوله، أكد شعث أمام عدد من الصحافيين في باريس، أنه مصمم على مواصلة المعركة، وسيكمل النضال لتحرير رفاقه وأصدقائه من السجون المصرية.
ورامي (48 عاما) هو نجل نبيل شعث، القيادي الكبير والوزير السابق في السلطة الوطنية الفلسطينية. وقد ولد في مصر لأم مصرية.
يعد شعث أحد وجوه ثورة كانون الثاني/يناير 2011 المصرية ومنسق "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (بي دي إس) التي تدعو لمقاطعة إسرائيل، في مصر.
وأوقفت السلطات الأمنية المصرية شعث في الخامس من تموز/يوليو 2019 في القاهرة بتهمة إثارة "اضطرابات ضد الدولة". وقد رحلت زوجته الفرنسية سيلين لوبران إلى باريس.
في نيسان/أبريل 2020، أُدرج اسم شعث على القائمة المصرية لـ"الكيانات والأفراد الإرهابيين"، في قرار انتقدته بشدة منظمات غير حكومية وخبراء أمنيون.
وأعلنت النيابة العامة المصرية في الثالث من كانون الثاني/يناير الجاري أنها قررت الإفراج عن شعث أي قبل ثلاثة أيام من إطلاق سراحه فعليا.
وكانت خمس منظمات حقوقية خاطبت في كانون الأول/ديسمبر الماضي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن مصير الناشط الفلسطيني المصري.
وقبلها بعام، في السابع من كانون الأول/ديسمبر 2020، أكد ماكرون أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارته إلى باريس، عن "حالات فردية" عدة بينها شعث.
وعبرت أسرة شعث في بيانها عن "امتنانها لجميع المتطوعين ومنظمات حقوق الإنسان العامة والمواطنين وآلاف الشخصيات في كل الوطن العربي والشتات والعالم ممن طالبوا بإطلاق سراحه".
واعتبرت أن "الإفراج عن رامي هو شهادة حية على قوة تنظيم الجهود لوضع حد للظلم الذي ناضل ضده رامي طوال حياته".
ويواجه نظام السيسي اتهامات من قبل منظمات غير حكومية بقمع المعارضة ومدافعين عن حقوق الإنسان. وأكدت هذه المنظمات في تموز/يوليو الماضي أنّ هناك حوالى ستين ألف سجين رأي في مصر.
لكن القاهرة تنفي قطعيا هذه الاتهامات وتؤكد أنها تخوض حربا ضد الإرهاب وتتصدى لمحاولات زعزعة استقرار البلاد.
ولاقى خبر الإفراج عن رامي إشادة واسعة من قبل عدد من المنظمات الحقوقية الدولية. كما سلط الضوء مجددا على ملف الحريات في مصر ومسألة تنازل النشطاء عن جنسيتهم مقابل الحصول على حريتهم قبل أن يتحول النقاش إلى سجال حول مفهوم الوطن والانتماء.
وعبر كثيرون عن سعادتهم لرؤية رامي حرا طليقا إلا أنهم اعتبروها فرحة منقوصة ومشوبة بالألم. فمنهم من أعرب عن استيائه من "إجبار رامي على التنازل عن جنسيته المصرية كشرط للإفراج عنه".
واستنكر مدونون ونشطاء حقوقيون "أسلوب المساومة التي تنتهجه بعض الحكومات للضغط على الناشطين وربط حريتهم بالتنازل عن جنسيتهم " ويقول بعضهم إن "قضية رامي كشفت زيف ما يردده البعض عن تمتع المصريين بحرية التعبير".
من جهة أخرى، ذكر آخرون بقضايا مشابهة تنازل فيها نشطاء عن جنسيتهم مقابل الحصول على حريتهم.
وكانت الناشطة المصرية والمعتقلة السابقة آية حجازي من بين المتفاعلين مع خبر الإفراج عن رامي الشعث، إذ علقت : "عندما تساوم الحكومة نشطاء على جنسيتهم، فإنها تريد أن تثبت أنهم "خونة ومش وطنيين" ... الوطن للمواطن بورق أو من غير ورق، من غير فروض ولاء مبروك #رامي_شعث.."
وقالت منظمات غير حكومية أنه لا يعني إطلاق سراح رامي شعث انتهاء الحاجة إلى تحرك دولي بشأن السجل السيء للحكومة المصرية في مجال حقوق الإنسان، كما أنه لا يعني تحسن الوضع بالنسبة للسجناء السياسيين الذين تقدر أعدادهم بعشرات الآلاف والذين لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي في السجون المصرية. من بين هؤلاء نشطاء سلميين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وصحفيين وأكاديميين احتجزوا جميعًا لممارسة حقوقهم الأساسية في حرية التعبير والتجمع السلمي. الكثير من هؤلاء تم ضمهم، مثل شعث، للقضية رقم 930 لسنة 2019. ولا يزال معظم المتهمين بجانب شعث محتجزين ظلمًا أو يقضون أحكامًا صدرت بعد محاكمات جائرة في قضايا أخرى.
وطالبت المنظمات (من بينها مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الانسان، مسيحيون من أجل القضاء على التعذيب – فرنسا، الحق، كود بينك، منظمة العفو الدولية) السلطات المصرية باتخاذ إجراءات فورية للإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيًا بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية، ووضع حد لإساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب، وحذف أسماء شعث وكل من أضيف تعسفيًا إلى قائمة “الأشخاص والكيانات الإرهابية” في مصر. كما دعت المجتمع الدولي إلى دعم جهود تأسيس آليات للرصد والإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان في مصر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
من جهته اعتبر مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أن "الطريقة الشريرة التي تم الاستناد إليها في الإفراج عن شعث، توضح الاستهتار والاستهانة بالقانون وأسس المساواة"، مشيرا إلى أن رامي "كان يستحق حريته لأنه ما كان يجب أن يسجن أصلا، فضلا عن أنه تجاوز مدة الحبس الاحتياطي وهي عامين".
وأكد عيد، أن القانون الذي تم إصداره في 2014، "غير دستوري، لأنه لا يحقق مبدأ المساواة ويميز بين المتهمين على أساس الجنسية"، مشددا على أن القانون يجب أن يكون عاما يشمل الجميع.
غير أن عيد أشار إلى أن حديثه "لا يعني أننا لا نريد الإفراج عن الأجانب، لكننا نريد الإفراج عن كل سجناء الرأي وليس أن يتم إعطاء الأفضلية للأجنبي عن المصري، ليس هناك دولة في العالم تفعل ذلك، بل إن كثيرا من الدول تعطي أفضلية لمواطنيها عن مواطني الدول أخرى"، مضيفا "لا يزال مطلبنا أن تتم معاملة كل سجناء الرأي على قدم المساواة وإخلاء سبيلهم جميعا".