الوقت - انخفض الدولار بعد قرار مفاجئ من الرئيس التركي بتحديد أسعار الفائدة على الودائع بالليرة والدولار في البنوك التركية، لكن هذا لا يعني أن الأسعار ستنخفض وستتم الغلبة علی التضخم.
أيضًا، لا يزال العديد من الأتراك يعيشون في فقر ويواجهون خطر المجاعة، هذا بينما راكم الأثرياء المزيد من الثروة يوماً بعد يوم.
وقد كشفت تقارير موثوقة عن عدم المساواة في الدخل والثروة، عن وجود فجوة عميقة في عدم المساواة في الدخل في تركيا. وهكذا، أصبحت تركيا واحدةً من البلدان التي لديها أعلى تفاوت في الدخل، مثل المكسيك والهند والبرازيل.
إذا قارنا حالة عدم المساواة في توزيع الدخل والثروة في تركيا مع الدول الأخرى، فإن إحدى النتائج الأولية هي كما يلي: يبلغ دخل 10٪ من أغنياء المجتمع الفرنسي 7 أضعاف دخل الفقراء. لكن في البرازيل، يبلغ هذا المعدل 29 مرة وفي تركيا 23 مرة، وبهذه النتيجة، تعدّ تركيا، إلى جانب دول مثل البرازيل والمكسيك والهند، من أكثر البلدان التي تتميز بتوزيع الدخل غير المتكافئ في العالم.
عدم المساواة في تركيا خلال الخمسة عشر عامًا الماضية تسجل رقماً قياسياً
بناءً على بيانات من منظمات دولية بالإضافة إلى معلومات رسمية من مركز الإحصاء الوطني التركي(TUIK)، تزايد التفاوت في توزيع الدخل بشكل كبير في تركيا على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية.
وبشکل واضح إن 50 في المئة من إجمالي ثروة تركيا في أيدي 10 في المئة فقط من سكان البلاد البالغ عددهم 84 مليون نسمة. وباختصار، يمكن تصنيف الوضع الاقتصادي على النحو التالي:
1. من إجمالي عدد سكان تركيا، 10٪ فقط، أي 8 ملايين و 400 ألف شخص في الرفاه ويعتبرون من الأثرياء.
2. هناك مجموعة من 40٪ من السكان الأتراك في حالة فقر، وبالكاد يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية.
3. تضم المجموعة شديدة الفقر 50٪ بالضبط، أي 42 مليون شخص. هذه المجموعة في حالة فقر مدقع وغير قادرة على تلبية جزء كبير من احتياجاتها الأساسية. إن عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الصحية، وفواتير الكهرباء والغاز غير المدفوعة، والمعاناة من انقطاعات متعددة للتيار الكهربائي على مدار العام، هي جزء من الحياة اليومية لهذه المجموعة من الأتراك.
وبناءً على بيانات عام 2022 لتقرير عدم المساواة العالمي، فإن 10 في المئة من الدخل السنوي المرتفع في تركيا يكسبون 23 مرة أكثر من 50٪ الأقل. والسنوات التي زاد فيها هذا الاختلاف بأكبر قدر هي من 2018 إلى 2021، أي السنوات التي كان فيها سعر الصرف في تركيا يرتفع باستمرار. من ناحية أخرى، جعلت هذه التقلبات الفقراء أفقر والأغنياء أكثر ثراءً.
كورونا والبطالة... واليوم تقلبات العملة
كان الاقتصاد التركي يتراجع باطراد في السنوات الثلاث الماضية، وارتفع التضخم والفقر، وارتفع معدل البطالة عاماً بعد عام.
لكن بلا شك، سيؤدي الفقر والتضخم في عام 2021 إلى خلق ظروف معيشية صعبة لملايين الأسر. لأنه إضافة إلى العواقب الوخيمة لانتشار البطالة وانتشار الكورونا، خلقت تقلبات العملة وضعًا جديدًا للناس أيضًا.
وبصرف النظر عن عدم المساواة في الدخل، تظهر صورة مماثلة في عدم المساواة في الثروة. حيث هناك أيضًا تفاوت عميق في صافي ثروة الأسرة، أي مجموع الأصول المالية وغير المالية المملوكة للأفراد.
وتشير التقارير إلى أن ثروة تركيا قد نمت على مدى السنوات الـ 25 الماضية، لكن هذه الثروة الناتجة عن هذا النمو الاقتصادي الظاهر، كانت مملوكةً فقط لشريحة معينة من السكان.
ووفقًا لوكالة الإحصاء الوطنية التركية، وصل التفاوت المتزايد في توزيع الدخل إلى أسوأ مستوى له منذ 11 عامًا. وهذا التفاوت العميق في توزيع الدخل قد أثر بشکل واضح على نوعية حياة الفقراء، ودفعهم إلى تنحية بعض من أهم احتياجاتهم جانباً. على سبيل المثال، كان نصيب الفرد من استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان في تركيا ينخفض دائمًا على مر السنين الماضية.
أيضًا، في السنوات الـ 27 الماضية في تركيا، واجه 50٪ من الفقراء جدًا من المجتمع دائمًا التمييز وعدم المساواة في توزيع الدخل والثروة. هذا القسم من المجتمع التركي في عام 1994 كان لديه 12.1٪ فقط من الدخل والثروة.
لكن في الفترة الـ 11 عامًا الجيدة نسبيًا من 2005 إلى 2016، ارتفع هذا الرقم إلى 15 بالمئة. لكننا نشهد الآن للأسف انتكاسةً خطيرةً وصلت إلى 11.9٪، وهي أسوأ مما كانت عليه عام 1994.
دراسة هذا الوضع الاقتصادي وظهور عدم المساواة الاقتصادية في تركيا، تظهر أن حزب العدالة والتنمية، باعتباره الحزب الحاكم في تركيا على مدى 11 عامًا، في عملية مكافحة الظلم وتقييم سياسة التخفيف من حدة الفقر، كان قادرا على إحداث تغيير نسبي وتحسين الظروف المعيشية لملايين الأسر الفقيرة.
لكن منذ عام 2016، تمت تنحية هذا الاتجاه جانبًا مرةً أخرى، والآن لا يتحرك حزب أردوغان وحلفاؤه في اتجاه التخفيف من حدة الفقر ومحاربة عدم المساواة.
إن تزايد اللامساواة والظلم في تركيا واتساع عدد الفقراء، يؤثر على المدى المتوسط على التوازنات الحزبية والسياسية في تركيا، ولهذا يركز قادة الأحزاب المعارضة لأردوغان جميع جهودهم التنظيمية والإعلامية والاجتماعية على تسليط الضوء على الفقر وعدم كفاءة السياسات الاقتصادية لحكومة أردوغان.