الوقت- مع اقتراب نهاية هذا العام(2021) المحدَّد موعداً لانسحاب قوات الاحتلال الأمريكية، انعقد الاجتماع الثاني للجنة القضائية العراقية الإيرانية المشتركة في بغداد في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، للتحقيق في اغتيال الفريق الشهيد قاسم سليماني قائد قوة القدس بالحرس الثوري، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.
وبعد الاجتماع الذي استمر يومين، أصدرت اللجنة بياناً حول خمس مواد هي:
أولاً، اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والقضائية الممكنة لمحاكمة ومعاقبة الجناة والعناصر المتورطة في اغتيال الشهيد سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس ورفاقهما، ولا سيما العملاء والمواطنون الأمريكيون المتورطون؛
ثانياً، مواصلة وتعزيز التعاون الثنائي لاستكمال التحقيقات القضائية الجارية في البلدين؛
ثالثًا، استخدام جميع القدرات المتاحة لتقديم واستكمال المعلومات المطلوبة وفقًا لاتفاقية التعاون القانوني والقضائي في المسائل الجنائية بين إيران والعراق والممثليات القضائية؛
رابعاً، استمرار عمل لجنة التحقيق المشتركة في البلدين لضمان استكمال المعلومات المطلوبة في التحقيق القضائي الجاري في أسرع وقت ممكن؛
خامساً، عقد الدورة القادمة لاجتماع اللجنة المشتركة في طهران الشهر المقبل.
مجمل الشروط المتفق عليها هو بحيث أنه وفقاً للاتفاقات السابقة، أمام المحتلين الأمريكيين شهر واحد فقط لخروج قواتهم العسكرية الإرهابية بشكل كامل من العراق.
ومع ذلك، يمكن الآن النظر إلى الرسائل الرمزية والآثار المترتبة على هذه الاتفاقية، على أنها محاور فاعلة في المستقبل السياسي للعراق.
عدم جدية الحكومة المركزية في طرد الولايات المتحدة
إن اجتماع لجنة التحقيق القضائي، قبل شهر واحد فقط من الطرد النهائي للقوات الأمريكية للتحقيق في اغتيال الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، يؤكد في المقام الأول أن الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراء جاد بهذا الشأن.
في الواقع، بعد قرابة عامين على العمل الإرهابي الذي قام به الأمريكيون، لم يتخذ مصطفى الكاظمي، بصفته رئيسًا لمجلس الوزراء، أي إجراء جاد وفعال، وقد أثار ذلك تكهنات حول عرقلته لهذا الملف كشخصية ليبرالية ومؤيدة لأمريكا.
والحقيقة أن الكاظمي، خلافًا للإرادة العامة للشعب العراقي، لم يتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذ طرد القوات الأمريكية والتعامل مع منفذي اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس، بل إنه قام بعرقلة ذلك مرات عديدة.
ونتيجةً لهذا الوضع، يمكن اعتبار عقد اجتماع اللجنة القضائية المشتركة بمثابة نقد للنهج الذي اتخذه الكاظمي وأعضاء حكومته.
التذكير بأن طرد مسببي انعدام الأمن في العراق أمر حتمي
كما ذكرنا سابقًا، انعقد اجتماع اللجنة القضائية المشتركة بين العراق وإيران قبل شهر من نهاية العام الجاري، والذي حدِّد موعدًا نهائيًا لانسحاب قوات الاحتلال الأمريكية.
وبالنظر إلى تشكيلة المندوبين الحاضرين في هذا الاجتماع، يمكن التأكيد بوضوح على أن عقد مثل هذا الاجتماع، من شأنه أن يشير إلى حتمية طرد منفذي اغتيال شهداء المقاومة من العراق.
حيث حضر الاجتماع من الجانب العراقي القاضي "مسلم متعب مدب" رئيس هيئة الإشراف القضائي نيابةً عن المجلس الأعلى للقضاء، والقاضي "رزاق كاظم رسن" المشرف القضائي، و"خالد رخيص" النائب العام، و"رحيم عبد حسن" مدير عام دائرة الحراسات القضائية العامة؛ ومن الجانب الإيراني "مير مصطفى سيد أشرفي" نائب المدعي العام بطهران ورئيس محكمة العدل الدولية في المحافظة، على رأس هيئة قضائية من بينهم مستشاران قانونيان ومستشار الإدارة القانونية العامة للشؤون الدولية بوزارة الخارجية.
إن وجود هذا المستوى من كبار الشخصيات القضائية من كل من إيران والعراق، وعقد الجولة الثالثة من الاجتماع المشترك في طهران خلال الشهر المقبل، يظهر الجدية في تنفيذ طرد منفذي اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس.
اليوم يطالب الرأي العام العراقي أكثر من أي وقت مضى بمعاقبة مرتكبي اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس، وعقد جلسات قضائية حول هذا الحادث الإرهابي يذكِّر بأن مسببي انعدام الأمن والإرهاب في العراق، أي المحتلين الأمريكيين، لن يكون أمامهم سوى مغادرة العراق، ويجب على الحكومة العراقية أيضًا اتخاذ إجراءات جادة لتنفيذ انسحابهم بحلول نهاية العام.
رسالة اللجنة القضائية الرمزية للخونة والرعايا الأمريكيين
الإجتماع القضائي الأخير بين الممثلين الإيرانيين والعراقيين، سيكون رسالةً رمزيةً لمرتزقة الولايات المتحدة داخل العراق وكذلك للمواطنين الأمريكيين.
وبحسب الفقرة الأولى من البيان المشترك للطرفين، سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية الممكنة لملاحقة ومعاقبة الجناة والعناصر المتورطة في اغتيال الشهيدين سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، وخاصةً العملاء والمواطنين الأمريكيين المتورطين.
في الواقع، إن عقد هذا الاجتماع يشير بوضوح إلى أنه بالتزامن مع انطلاق عملية طرد العسكريين الأمريكيين، ستنطلق عملية معاقبة المرتزقة والخونة على تعاونهم مع المحتلين خلال الاغتيال الجبان لقادة المقاومة.
ورغم أن هؤلاء الأشخاص قد رأوا في الماضي قوةً داعمةً لهم بسبب وجود المحتلين الأمريكيين، إلا أنه في الوضع الجديد، لا يملك سيدهم الأمريکي لا سلطة التدخل ولا القدرة على حمايتهم. وفي مثل هذه الحالة، من المؤكد أن القضاء العراقي سيحقق بجدية ويعاقب الجناة المتورطين في هذه القضية.