الوقت- التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي قبل شهر من توليه منصبه في الحكومة اللبنانية، للدفاع عن الشعب اليمني في الحرب المدمرة التي فرضت عليه، أثارت رد فعل حادًا ومبالغًا فيه من السعودية وحلفائها، وهذا البلد، إلى جانب الدول الخليجية الأخرى، بدأ في إثارة التوترات ضد لبنان.
وفي هذا الصدد، أشار الشيخ حسن عز الدين، عضو کتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله في البرلماني اللبناني، وأحد كبار مسؤولي الحزب، إلی التوترات التي تثيرها السعودية والدول الخليجية ضد لبنان، وقال: "العالم كله يشهد علی حقيقة كلام جورج قرداحي الذي قاله قبل شهرين على برنامج "برلمان الشعب" الذي يذاع من إحدی منصات قناة الجزيرة القطرية، وجاءت هذه التصريحات على لسان جورج قرداحي حينها بصفته إعلامياً لبنانياً، وليس وزيراً في الحكومة اللبنانية".
وأضاف أن "العالم أجمع يدين الحرب العدوانية الوحشية التي يشنها النظام السعودي بدعم من الإدارة الأمريكية المتغطرسة ضد الشعب اليمني الأعزل، ومعاناة الشعب اليمني بسبب تصرفات السعودية غير مسبوقة في العالم".
نشر مقابلة قرداحي وتواطؤ الدوحة مع الرياض
وتابع عضو کتلة الوفاء للمقاومة في مجلس النواب اللبناني، بأن نشر هذه المقابلة مع الجزيرة في هذا الوقت بالذات، على الرغم من تسجيلها قبل شهرين، أمر مشكوك فيه، وهو سبب واضح لتواطؤ الرياض التآمري للضغط على لبنان.
وقال الشيخ حسن عز الدين أن "مسار الأحداث التي اعتمدت عليها السعودية في اتخاذ الخطوات الأخيرة لطرد السفير اللبناني ومنع الواردات اللبنانية إلى السعودية، يظهر نية هذا البلد المخطط لها مسبقًا لإحداث أزمة دبلوماسية كبيرة مع لبنان. کما أن جورج قرداحي رجل وطني شريف وطلب استقالته ذروة الوقاحة. في الوقت نفسه، يحمي الدستور اللبناني وجميع القوانين واللوائح حرية التعبير".
الرياض لا تؤمن بحرية التعبير وحقوق الإنسان
ورفض مسؤول حزب الله الانتقادات السعودية لتصريحات جورج قرداحي ومزاعم هذا البلد بشأن حقوق الإنسان والدفاع عن حرية التعبير في جميع أنحاء العالم، مؤکداً أن "الرياض لا تحترم حرية التعبير، حتى مواطني السعودية محرومون من حق التعبير عن آرائهم، والواقع أن السعودية لا تعرف شيئًا عن حقوق الإنسان والحريات".
وذكر أن الجريمة التي ارتكبها حزب القوات اللبنانية بحق المدنيين اللبنانيين العزل في منطقة الطيونة ببيروت، تتماشى مع تصرفات السعودية ضد لبنان بهدف حل الحكومة اللبنانية؛ حكومةٌ لم ترض عنها الرياض منذ تشكيلها بسبب مشاركة حزب الله.
السبب الرئيسي للإجراءات العدائية السعودية ضد لبنان
وصرح حسن عز الدين أنه "منذ أن تولى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري تشكيل الحكومة في البلاد، وحتى عندما تشكلت الحكومة اللبنانية بقيادة نجيب ميقاتي، لم تخف السعودية موقفها ضد تشكيل الحكومة اللبنانية ومشاركة حزب الله فيها. هذه المواقف العدائية السعودية القديمة والجديدة ضد لبنان تنبع من أمرين: الأول يتعلق بهزيمة حزب القوات اللبنانية كحربة للمشاريع السعودية في لبنان في جر حركتي أمل وحزب الله إلى الفتنة الداخلية بعد جريمة الطيونة".
وأضاف عضو کتلة الوفء للمقاومة في مجلس النواب اللبناني: "أما المسألة الثانية فهي أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بدخوله الحرب اليمنية والعدوان على الشعب اليمني المظلوم، أراد أن يقدم نفسه للعالم كرجل قوي في السعودية. لكن الشعب اليمني هزم أهداف وخطط التحالف السعودي الأمريكي المعتدي، مما دفع بن سلمان إلى العمل ضد لبنان بتحريض من الولايات المتحدة؛ لأن مقاومة اللبنانيين كسرت الحصار الخانق للولايات المتحدة. وتأتي هذه التصرفات السعودية في إطار محاولة تعويض خسائرها في ملف الحرب اليمنية، خاصةً وأن حركة أنصار الله على وشك تحرير مدينة مأرب الإستراتيجية".
تريد السعودية فرض الحصار الدبلوماسي علی لبنان إلى جانب حصار الولايات المتحدة
وشدد النائب اللبناني على أن حزب الله عارض وسيواصل معارضة السياسات السعودية-الأمريكية التي تسعى لإغراق لبنان في الفوضى وإيصال البلاد إلی الانهيار عبر سياسة الحصار.
وأضاف: تعتزم السعودية فرض الحصار الدبلوماسي علی لبنان، إلى جانب الحصار الأمريكي، وتحرض دول مجلس التعاون على فرض الحصار السياسي والاقتصادي على لبنان.
وبشأن أداء "وليد البخاري" سفير السعودية في بيروت، أشار النائب عن حزب الله إلی أن هذا الدبلوماسي السعودي لم يلتزم بالأعراف الدبلوماسية ويتصرف وكأن اللبنانيين هم رعاياه، وقال إن "بعض القوی اللبنانية تحرض السفير السعودي في لبنان على التصرف بفظاظة؛ وسلوك وليد البخاري يمثِّل تدخلاً فاضحاً وصارخاً في شؤون لبنان الداخلية".
طلب الرياض استقالة قرداحي تدخل في شؤون لبنان الداخلية
وحول موقف حزب الله من طلب الرياض استقالة وزير الإعلام اللبناني، قال الشيخ حسن عز الدين إن "طلب السعودية يعني تدخلاً صريحاً في الشؤون الداخلية للبنان، وهو موقف مدان. فلا يجوز للسعودية ولا لأي دولة أخرى أن تفرض إرادتها على مسؤول لبناني، من خلال اتخاذ إجراءات مثل المطالبة باستقالة مسؤول لبناني أو استخدام سياسة الحصار والعقوبات ضد الشخصيات الوطنية اللبنانية. لبنان بلد مستقل، ولأبنائه وشعبه إمكانيات تمكنهم من مواجهة الأزمة التي خلقتها الرياض لاستسلام لبنان".
وشدد المسؤول البارز في حزب الله كذلك على أن التحالف الأمريكي-السعودي الشرير كان يحاول جر لبنان إلى حرب أهلية، وإدخال القوى الوطنية في هذه الحرب، لكن وعي القوى الوطنية اللبنانية حال دون ذلك، وهذا المعيار والتوازن للقوى الوطنية يصبّ في مصلحة الراغبين في حماية الأمن والاستقرار في لبنان.
الهدف من الضغوط السياسية والاقتصادية هو الانتخابات النيابية المقبلة
وأضاف الشيخ عز الدين أن "هناك من يظن أن بإمكانه هزيمة الخط الوطني اللبناني من خلال الضغوط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، وبالتالي بدأ الاستعداد لاتخاذ إجراءات ضد هذا الخط الوطني في الانتخابات النيابية المقبلة من خلال صناديق الاقتراع. لكن الكلمة الأخيرة هي للشعب اللبناني الذي سيدلي بأصواته بحرية وشفافية في الانتخابات النيابية، ويثبت لداعمي الفتنة في لبنان أنهم مخدوعون، وأن هؤلاء لا يستطيعون جر لبنان إلی أحضان الولايات المتحدة والسعودية".
نقف في وجه تقسيم لبنان
وشدد المسؤول في حزب الله في الختام على أن "القوى الوطنية، بما في ذلك حزب الله، لن تسمح للبنان أبدًا بالدخول في الفتنة، وستقف ضد كل من يريد تقسيم لبنان وفدرلته. لقد أثبت الخط الوطني في لبنان شجاعته، وأظهر القدرات التي يمكنه بها حماية لبنان واستقلاله وسلمه الأهلي".