الوقت - يقترب العدوان والحرب المدمرة التي شنتها السعودية وحلفاؤها الغربيون والعرب علی اليمن، من الدخول في عام مشؤوم آخر، يتحمل ويلاته الشعب اليمني البريء والمضطهد.
في الأشهر الأخيرة، مع ارتفاع الأصوات المعارضة لدعم التحالف السعودي في الغرب، تصاعدت الآمال في أن تنهي السعودية الحرب وحصارها اللاإنساني لليمن.
لكن بينما أصبحت الحكومات الغربية، وخاصةً الإدارة الأمريكية الجديدة، أكثر تساهلاً مع الرياض، بات من الواضح الآن أن انتقاد التحالف كان مجرد إشارات دعائية لحقوق الإنسان أمام وسائل الإعلام وخداع الرأي العام، وخلف الكواليس يتواصل دعم جرائم التحالف في اليمن.
السعوديون والإماراتيون، رغم فشلهم في تحقيق أهدافهم في الحرب ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية، وعجزهم في الميدان أمام شجاعة وتضحية قوات صنعاء العسكرية، من أجل إخضاع صنعاء لجؤوا إلى سياسات غير إنسانية وإجرامية، وقصف المدن والمدنيين بضربات جوية، وفرض حصار بري وبحري وجوي لليمن، لخلق أزمة اقتصادية وتجويع الناس.
هذا في حين أن البنية التحتية الاقتصادية والصحية في اليمن قد تعرضت في السنوات الأخيرة للدمار الكامل بسبب الحرب والجفاف، وحدثت مجاعة غير مسبوقة في البلاد، بحيث أن جزءاً كبيراً من احتياجات الناس، بما في ذلك الاحتياجات الطبية والغذائية، يجب أن يصل إلى اليمنيين الآن من خلال المساعدات الخارجية.
في غضون ذلك، أظهرت تجربة الحرب اليمنية التي استمرت ست سنوات حتی الآن، أن كل شعارات التحالف السعودي حول الالتزام بالمعايير الدولية في الحرب أو الاستعداد للمفاوضات وإنهاء العدوان من خلال المفاوضات والحوار كانت شکليةً بالکامل، وکان الهدف منها كسب الوقت وخداع المجتمع الدولي لتخفيف الضغط عن استمرار الحرب.
من الضروري للسعوديين الحفاظ على الدعم الخارجي للحرب، وغياب الضغط الدولي لإنهاء الحرب.
في الأساس، كانت السعودية ضعيفةً للغاية وغير قادرة على شن حرب مستقلة خلال الحرب اليمنية، على الرغم من مشتريات الأسلحة الكبيرة، ولولا الدعم السياسي والعسكري والاستخباراتي من الدول الغربية، لكانت قد رفعت منذ زمن بعيد راية الاستسلام والتراجع أمام مقاومة الشعب اليمني وتضحياته الجسام.
لكن مع تكثيف تقارير المنظمات والمؤسسات الدولية تحذيراتها من تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، وضرورة زيادة الضغط على التحالف لإنهاء الحصار والحرب، إلا أن التحرك غير المتوقع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعدم تمديد مهمة مفتشي هذه الهيئة الدولية المهمة في اليمن، يمثل ضربةً قاتلةً للجهود المناهضة للحرب، لحل الأزمة دبلوماسياً وإنهاء الوضع الإنساني المتردي في هذا البلد.
وقف مهمة مفتشي الأمم المتحدة فشل للجهود المناهضة للحرب
رفض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الخميس الماضي، مشروع قرار قدمته مجموعة من الدول الأوروبية بقيادة هولندا، والذي دعا إلى تمديد مهمة لجنة الخبراء الدوليين لرصد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.
لا شك أن قرار هذا المجلس في إنهاء مهمة المفتشين، بالإضافة إلى أنه سيكون عارًا على تاريخ وسجلات هذه المؤسسة في الدفاع عن حقوق الإنسان، ويدعو الرأي العام العالمي للتشكيك في مصداقيتها، سيشجع التحالف السعودي وداعميه على مواصلة الحرب وقتل المدنيين، وتعقيد الحرب.
وفي أعقاب هذا الإجراء، رحبت الحكومات المعتدية الملطخة أيديها بدماء آلاف اليمنيين، بقرار مجلس حقوق الإنسان، واحتفلت به باعتباره إذناً لمواصلة أعمالها دون خوف من ملاحقة جرائمها في المستقبل.
الكتلة العربية التابعة للتحالف العربي مارست ضغوطاً کبيرةً لعدم تمديد مهمة مفتشي المجلس، من خلال تقديم وعود اقتصادية للدول الصغيرة التي لها حق التصويت.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، لماذا يجب أن تكون الحكومات الإجرامية التي لها تاريخ طويل من انتهاكات حقوق الإنسان، مثل النظام البحريني، عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولها حق التصويت؟
والآن، في الوقت الذي يتجلى فيه تأثير جماعات الضغط التابعة للتحالف العربي وداعميه، مثل الصهاينة المجرمين، في قرارات الأمم المتحدة اليوم، يتعين على الاتحادات الدولية الأخرى، مثل المؤتمر الإسلامي أو المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان ووسائل الإعلام المستقلة، اتخاذ إجراءات جادة لفضح الجرائم في اليمن والضغط على الدول المعتدية لوقف الحرب، وذلك للحيلولة دون تفاقم الوضع في هذا البلد مستقبلاً.