الوقت- طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السلطات السعودية بالإفراج عن ممثلها في المملكة محمد الخضري وجميع المعتقلين الفلسطينيين الذين يقبعون ظلماً وعدواناً في السجون السعودية. ولكن الرياض لم تصدر منذ بدء الحديث عن القضية قبل نحو عامين، أي تعقيب أو توضيح حول الأمر، وتكتفي بالقول إن الموقوفين يتمتعون بحقوقهم كاملة وفق النظام السعودي ويتم معاملتهم عن طريق المحاكم الخاصة.
القيادي في حركة المقاومة الفلسطينية حماس رأفت مرة قال إن استمرار السلطات السعودية باعتقال الخضري وغيره من الفلسطينيين هو ظلم كبير للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية. وطالب رأفت مرة القيادة السعودية باتخاذ قرار وصفه بالجريء والمسؤول لطي هذه الصفحة، وإعادة المعتقلين إلى عائلاتهم، "خاصة أنه ليس هناك أي مخالفة ارتكبوها وأن الكثير منهم يعاني من أمراض مزمنة.
وأعلنت حماس في بيانات سابقة، أن السعودية تحتجز نحو 60 فلسطينياً من أعضائها ومناصريها، بينهم ممثلها السابق في الرياض الخضري ونجله هاني منذ أبريل/نيسان 2019، دون مزيد من التفاصيل. وكانت منظمة العفو الدولية قالت في فبراير/شباط الماضي، إن تدهوراً كبيراً طرأ على الحالة الصحية للقيادي الخضري نتيجة ظروف الاعتقال.
مؤشرات وهمية وانتقام سعودي
بعد بروز مؤشّرات، خلال الفترة القصيرة الماضية، إلى إمكانية حلحلة السعودية ملفّ معتَقلي حركة «حماس» لديها، خصوصاً في ظلّ التحوّلات الأخيرة في السياسة الخارجية للمملكة، جاءت أحكام المحكمة السعودية، القاسية والصادمة، بحقّ هؤلاء المعتقلين، لتطمس أيّ أمل في هذا الإطار. هكذا، انتقمت الرياض من محمد الخضري ورفاقه، بعدما باءت محاولاتها «قبْض» ثمن للإفراج عنهم، مرتبطٍ بعلاقات «حماس» الإقليمية، بالفشل.
وبعد مرور عامين على اعتقال كوادر حركة «حماس» في السعودية، وفشل الوساطات العربية ومقترحات صفقات التبادل مع اليمنيين للإفراج عنهم، أصدرت محكمة سعودية، أحكاماً قاسية - وصلت إلى السجن 22 عاماً بحقّ بعض المعتقلين - ضدّ 66 فلسطينياً وأردنياً بتهم الانتماء إلى حركة «حماس» و«دعم الإرهاب». وبحسب مصادر فلسطينية، فقد حكمت المحكمة الجزائية السعودية على كلّ من: محمد العابد بالسجن لـ22 عاماً، ومحمد البنا 20 عاماً، جمال الداهودي 15 عاماً، أيمن صلاح 19 عاماً، محمد أبو الرب 18 عاماً، موسى أبو حسين 4 سنوات، شريف نصر الله 16 عاماً، باسم الكردي 7 سنوات، صالح قفة 5 سنوات، وأيمن العقاد 4 سنوات. كذلك، حكمت على ممثّل «حماس» في السعودية، محمد الخضري، بالسجن 15 عاماً، مع وقف التنفيذ لمدة نصف عام نظراً إلى وضعه الصحّي الصعب، فيما برّأت كلّاً من محمد قديح، أدهم غزال، محمد يعيش، محمد أسعد، محمد رواح. وخلال المحاكمة، منعت السلطات السعودية حضور عوائل المعتقلين، باستثناء شخص واحد من كلّ عائلة، وسط حالات من الإغماء والانهيار بين الأهالي، جرّاء الأحكام الصادمة.
قصة الاعتقال وسيرة الخضري
بعد صلاة فجر يوم الرابع من أبريل/ نيسان 2019، في مدينة جدّة، اعتقل جهاز مباحث "أمن الدولة" السعودي، القيادي في حركة "حماس"، محمد صالح الخضري (81 عاماً).
وأبلغ "أمن الدولة" السعودي، الخضري آنذاك، أن الجهاز يريده في قضية صغيرة لفترة زمنية قصيرة، وسيتم إعادته إلى منزله، لكن القيادي الثمانيني المُصاب بمرض السرطان، لا يزال يقبع في السجون السعودية حتى الآن. كما اعتقل الجهاز ذاته، في وقت لاحق من ذلك اليوم، نجل الخضري الأكبر "هاني"، المهندس المحاضر في جامعة "أم القرى" بمكة.
الخضري ونجله، لم يكونا الوحيديْن اللذيْن تم اعتقالهما بدون توجيه تهمة، إذ قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، في بيان أصدره يوم 6 سبتمبر/ أيلول 2019، إن السعودية تخفي قسرياً 60 فلسطينياً آخرين في سجونها.
وذكر المرصد أن المعتقلين طلبة وأكاديميين ورجال أعمال وحجاج سابقين، تم عزلهم عن العالم الخارجي دون لوائح اتهام محددة أو عرض على جهة الاختصاص (النيابة)، ولم يُسمح لهم بالاتصال مع ذويهم أو التواصل مع محاميهم، كما تمت مصادرة أموالهم.
وكانت حركة "حماس"، قد أعلنت في 9 سبتمبر/أيلول الجاري، عن اعتقال "الخضري" ونجله، وقالت إنه كان مسؤولا عن إدارة "العلاقة مع المملكة على مدى عقدين من الزمان، كما تقلّد مواقع قيادية عليا في الحركة".
وأضافت إن ذلك اعتقال يأتي "ضمن حملة طالت العديد من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في السعودية"، دون مزيد من الإيضاحات.
من هو الخضري؟
"الخضري من مواليد 1938، تخرج من جامعة القاهرة، من كلية الطب عام 1962. عاد بعد التخرج إلى قطاع غزة، وعمل في مستشفى الشفاء الطبي، لمدة 9 شهور قبل أن يغادرها إلى الكويت. فور وصوله للكويت، عمل "الخضري"، في شركة طبية خاصة، ومن ثم التحق في الجيش الكويتي ليعمل فيه كطبيب.
وبعد فترة، حصل على درجة "الزمالة" من جامعة "إدنبرة" البريطانية، في تخصص أنف وأذن وحنجرة.
واصل الخضري، بعد ذلك، عمله في الجيش الكويتي، كرئيس قسم "أنف وأذن وحنجرة"، وذلك في المستشفى العسكري بالكويت. وبعد أن غادر الفلسطينيون الكويت عام 1990 (بفعل تداعيات الغزو العراقي)، انتقل الخضري، إلى سلطنة عمان.
وفي عام 1992، انتقل الخضري للإقامة في المملكة العربية السعودية، وعمل آنذاك ممثلا لحركة "حماس"، بشكل علني ورسمي، وبعلم السلطات السعودية. لكنه، غادر هذا المنصب منذ نحو 10 سنوات، وتابع حياته هناك من دون أي صفة رسمية أو منصب.
الخضري كان من بين الحضور في الجلسة التي جمعت بين الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، وزعيم الحركة آنذاك أحمد ياسين، عام 1998.
وخلال فترة تمثيله لحركة "حماس"، كان الخضري، وبعلم من السلطات السعودية، يجمع التبرعات للفلسطينيين، كما أنه لم يكن يعمل بالخفاء. وكان يعمل على نقل صورة المعاناة لأهل السعودية وبالتالي كانوا يقوموا بجمع تبرعات لفلسطين وبعلم الحكومة.
الوضع الصحي الحرج
قبل اعتقاله، كان الخضري يخضع للمتابعة الطبية، عقب إجرائه عملية جراحية، بسبب إصابته بمرض السرطان.
وكما نعرف أن مرضى السرطان يكونوا بحاجة إلى رعاية طبية ونفسية أيضاً، وظروف الاعتقال والتعذيب الذي نسمع عنه، ستؤدي بلا شك إلى تدهور وضعه الصحي.
وبلا أدنى شك ستكون السلطات السعودية، المسؤولة الأولى عن تدهور وضعه الصحي، بسبب اعتقاله في ظل ظروف صحية صعبة.
تدهورت صحة الخضري في العديد من المرات خلال الاعتقال وهذا لم يشفع له لدى السلطات السعودية وانتقل أكثر من مرة إلى المستشفيات السعودية لتلقي العلاج وهو معتقل.
السعودية تتفنن في تعذيب الفلسطينيين
قال المعارض السعودي سعيد بن ناصر الغامدي، في تغريدة له على موقع تويتر " المعتقلون الفلسطينيون في سجون المباحث السعودية، تعرضوا منذ فترة اعتقالهم لأنواع من التعذيب لاستخراج ما لديهم من معلومات".
وتابع:" ومنهم من سقي الماء مع ربط الأعضاء، حتّى أصيب بعضهم بفشل كلوي، ومنهم الخضري".
وكان المرصد الأورومتوسطي، قد قال في بيانه السابق، إن المعتقلين الفلسطينيين تعرضوا للتعذيب وفق شهادات وثّقتها المنظمة الحقوقية.
ما هي أسباب الاعتقال؟
إن حادثة الاعتقال، كانت صادمة، للجميع حيث لم يتبعها أي إنذار مُسبق. كما أن الاعتقال تم من دون توجيه أي تُهمة للخضري ونجله.
كما أن عائلته تواصلت مع محامي، من أجل توكيله في محاولة للإفراج عن الخضري ونجله، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة لأن الاعتقال تم دون توجيه تهمة.
الجنسية الفلسطينية تهمة في السعودية
يبدو أن الجنسية الفلسطينية، أو محاولة مساعدة الفلسطينيين، باتت تهمة في المملكة السعودية وكل حملات الاعتقال السابقة والمضايقات بحق الفلسطينيين "ليس لها مبرر مطلقا"، و تأتي ضمن صفقة القرن، من باب الضغط على الأطراف الفلسطينية للقبول بها وفتح المجال أمام التطبيع الرسمي مع الكيان الاسرائيلي.
جهود للإفراج ولكن دون جدوى
بذلت عائلة الحضري إلى جانب حركة "حماس" جهوداً كبيرة للإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، لكن دون جدوى. حيث تم تقديم طلب "عن طريق الكونغرس الأمريكي، لمنظمات حقوق الإنسان، من قبل ابنة الخضري المقيمة في واشنطن، والحاملة للجنسية الأمريكية. وتم تكرار الطلب مرة أخرى ولكن من دون جدوى.
كما أن عائلة الخضري بفلسطين تقدّمت بطلب الإفراج، للديوان الملكي السعودي، لكن دون وجود أي استجابة.
وتم التواصل مع الرياض عن طريق أمير الكويت، ورئيس مجلس النواب الكويتي، وجهات أخرى"، ولكن لم يكن هناك أي استجابة تذكر من قبل السلطات السعودية. وكأن الخضري هو من قتل خاشقجي أو هم من مرتكبي جرائم حرب بحق مسلمي بورما وميانمار أو هو من قام بتشريد الشعب السوري وخنق الشعب اليمني. الجرم الوحيد الذي ارتكبه الخضري من وجهة النظر السعودية هو أنه فلسطيني وعليه أن يعاقب لكونه فلسطينيياً!.