الوقت- قال وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان آل سعود"، إن الرياض وواشنطن دخلا محادثات مكثفة لإنهاء الصراع العسكري في اليمن. وبحسب "رويترز"، فإن تفاصيل المحادثة وما تتضمنه ليست واضحة. وزعم الأمير "فيصل بن فرحان"، في مؤتمر صحفي مشترك مع منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل"، في الرياض يوم الأحد الماضي: "لدينا أولوية مشتركة لتحقيق هذين الهدفين. من وجهة نظرنا، يجب أن تكون الأولوية لإيجاد مسار لوقف إطلاق النار، والعائق الرئيسي أمام ذلك هو استمرار هجوم قوات صنعاء العسكري على مأرب وهجومهم العسكري المستمر على أهداف داخل المملكة أيضًا". وأضاف بالنسبة لاقتراح وقف إطلاق النار المطروح هناك "مسار واضح" لرفع القيود المتبقية، لافتا أن مطار صنعاء مفتوح لجميع الرحلات الإنسانية وميناء الحديدة مفتوح أمام الشحن التجاري.
وزعم المسؤول السعودي: "القيود الموجودة هي إجرائية فقط، لذا لا توجد حجة حقيقية للقول إن هاتين المسألتين يجب أن تمنعا الدخول في وقف إطلاق النار وبدء حوار سياسي". ومن جانبه قال "جوزيب بوريل": "نعلم أن السعودية تتعرض لهجمات من صواريخ باليستية قادمة من اليمن، وبالتأكيد ليسوا هم من يصنعون الصواريخ، هناك من يوفرها"، مُضيفًا إن الحرب في اليمن ليس لها حل عسكري وبحاجة إلى إنهائها من خلال المفاوضات". وادعاء "بوريل": "سنستمر في التعبير لحكومة صنعاء عن أن هذا النوع من السلوك يتعارض مع كل أنواع القانون الدولي"، وأدان الهجمات عبر الحدود على السعودية من قبل قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" اليمنية.
وحول هذا السياق، "قال عبد العزيز بن حبتور"، رئيس وزراء حكومة الإنقاذ الوطني اليمني، إن التصريحات الأمريكية السعودية الأخيرة حول اليمن خدعة ومحاولة لإخفاء حقيقة أن الرياض هي "حمامة سلام". وأضاف، "إنه من الأفضل للتحالف السعودي إعلان وقف الهجوم على اليمن ورفع الحصار بدلاً من تقديم مخططات كاذبة." وقال: "السعودية والولايات المتحدة ليستا جادين بشأن السلام في اليمن، إنهما يواصلان عدوانهما ، لكن صنعاء كانت دائما مستعدة للسلام". وفي تصريح إلى قناة "المسيرة" اليمنية، لفت إلى أن التصريحات الأمريكية السعودية الأخيرة بشأن اليمن تأتي في سياق ذر الرماد في العيون وظهور السعودية كحمامة السلام. كما شدّد على ضرورة إعلان التحالف السعودي وقف العدوان والحصار عوضاً عن تقديم مبادرات كاذبة. وبالتزامن مع هذه التصريحات، استشهد مدنيان وأصيب 5 بجراح بالغة إثر قصف صاروخي ومدفعي لقوات التحالف السعودي استهدف منطقة الرقو في مديرية منبه الحدودية غرب محافظة صعدة شمال اليمن. المنطقة استهدفت بالعديد من القذائف الصاروخية والمدفعية، ما أدى إلى تضرر العديد من ممتلكات المواطنين الى جانب الخسائر البشرية. وتأتي هذه الجريمة بعد يوم واحد من استشهاد 5 مدنيين وإصابة 11 آخرين في المنطقة نفسها، المحاذية لجيزان السعودية.
وعلى نفس هذا المنوال، أعلن رئيس وفد صنعاء في المفاوضات "محمد عبدالسلام" رفضهم لمخرجات اجتماع جمع مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفيان" وولي العهد السعودي تضمن دعوة للأطراف اليمنية إلى الحوار وفقا للمرجعيات الثلاث بحسب وكالة "واس" السعودية .وأعاد "محمد عبدالسلام" مشاركة تغريدة سابقة قال فيها : "كما يصرون على مواصلة عدوانهم وحصارهم فشعبنا اليمني مستمر في الدفاع عن نفسه، ونبارك للقوات المسلحة ما تنفذه من عمليات ردع تطال عمق دول العدوان، وهي عمليات مشروعة تأتي التزاما بالموقف الدفاعي للشعب اليمني المحاصر والمعتدى عليه، ومن شأنها بإذن الله أن تتسع وتكبر وتتصاعد". في اشارة ضمنية على رفض الحوار تحت مظلة المرجعيات الثلاث.
وكان ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" أكد في لقائه بالرياض، مستشار الأمن القومي الأمريكي "جيك سوليفان"، على "مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة اليمنية والتي تتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، ودعم مقترح الأمم المتحدة بشأن السماح بدخول سفن المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي لرحلات من وإلى محطات مختارة. ولقد زعم "سوليفان"، خلال اللقاء، "التزام الولايات المتحدة التام بدعم دفاع السعودية عن أراضيها ضد كل التهديدات بما في ذلك الهجمات الصاروخية والمسيرة المدعومة من إيران، ودعم المملكة بالدفع نحو حل سياسي دائم وإنهاء النزاع اليمني"، مدعياً أن "دعم الولايات المتحدة التام لهذه المقترحات وجهود الأمم المتحدة للوصول لحل سياسي للأزمة".
وفي 22 مارس/ آذار الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية، عن مبادرة لإنهاء الحرب في اليمن، والتوصل إلى اتفاق سياسي شامل، إلا أن جماعة "أنصار الله" اعتبرت أن المبادرة غير جادة ولا جديد فيها، مشترطةً "فصل الجانب الإنساني عن أي مقايضة عسكرية أو سياسية ورفع الحصار". وتقود السعودية، منذ 26 آذار/مارس 2015، تحالفاً عسكرياً من دول عربية وإسلامية، دعماً للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في اليمن، سيطرت عليها جماعة أنصار الله أواخر 2014. وأودى الصراع المستمر في اليمن وأسباب أخرى ذات صلة، بحياة 233 ألف شخص، في حين بات 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق ما أعلنته الأمم المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فضلاً عن نزوح كبير من السكان، وتدمير البنية التحتية الأساسية للبلاد، وانتشار الأوبئة والأمراض.
إن السعودية التي حاولت استغلال قضية إعادة الرئيس اليمني المستقيل "عبد ربه منصور هادي" في 26 أبريل 2015، الآن وبعد ست سنوات عدوانها العسكري وحصارها البري والجوي والبحري، ورغم التكاليف والخسائر في الأرواح في صفوف قواتها، تحاول حاليا عقد اتفاق لوقف لإطلاق النار في اليمن. وهنا تجدر الاشارة إلى أن العدوان العسكري الغاشم على اليمن لم يحقق أيا من أهداف التحالف السعودي، واكتفى بقتل وجرح عشرات الآلاف من اليمنيين وتشريد الملايين وتدمير البنية التحتية للبلاد. وفي الختام يمكن القول، إن السعودية وفي حين لم يعد امامها مفر سوى الاعتراف بالهزيمة في الحرب التي فرضتها على اليمن منذ ست سنين، تسعى ومنذ فترة ليست بقصيرة الى الخروج من مستنقع حرب اليمن بشكل يحفظ لها ماء وجهها مع الحصول على ادنى المكاسب المتوخاة. كما ان السعودية تصر على الحيلولة دون تشكيل حكومة تتحلى بتوجهات سياسية ومبادئ اسلامية اصيلة بالقرب من حدودها الجنوبية. وفي الختام يمكن القول إن هذه الزيارات المكوكية الغربية والأمريكية لإقناع أطراف النزاع في اليمن للجلوس على طاولة المفاوضات وايجاد حل سلمي للأزمة اليمنية ما جاءت إلا بعدما تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية من تحرير معظم أراضي اليمن وتنفيذه للعديد من الهجمات الصاروخية وبالطائرات المسيرة داخل العمق السعودي، الأمر الذي أثقل كاهل الاقتصاد السعودي وتسبب بحدوث أزمة مالية في الميزانية الحكومية السعودية ولهذا فإن دول تحالف العدوان تبحث لها الان عن مخرج ينقذها من المستنقع اليمني الذي غرقت وخسرت الكثير من جنودها وأموالها فيه، وخاصة أن العديد من الدول الغربية أعلنت خلال الايام الماضية عن نيتها إيقاف بيع الاسلحة للرياض وابو ظبي بسبب الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان السعودي الإماراتي في اليمن وتخلي إدارة "جو بايدن" الجديدة عن الرياض.