الوقت- في الأسابيع الأخيرة، مع ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، تحوّل المجتمع الدولي نحو التعاون مع بيروت، ما يبعث الأمل في أن تكون جهود السياسة الخارجية للحكومة الجديدة مثمرة في التخفيف من مشاكل لبنان وأزماته.
عقب زيارة رئيس الوزراء الأردني لبيروت الأسبوع الماضي، تشهد وزارة الخارجية اللبنانية أسبوعًا حافلًا بالأحداث، مع أبرز الرحلات المخطط لها الأسبوع المقبل، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية الإيراني، وزيارة بير دوكان منسق الشؤون الدولية. ثم زيارة وزير الخارجية القبرصي لبيروت ثم زيارة وزير الخارجية الألماني ومواقف فرنسا والولايات المتحدة التي نوقشت في الساعات الأخيرة من يوم السبت حول لبنان. في غضون ذلك، أعلنت تركيا استعدادها لاستضافة نجيب ميقاتي أمس.
الغرب والتغييرات التكتيكية ضد لبنان
موقف الدول الغربية، وخاصة الحكومة الأمريكية، من التطورات في لبنان، رغم ترحيبها بتشكيل حكومة جديدة وانتهاء الجمود السياسي الذي دام 13 شهرًا في البلاد، لا يزال يحاول التدخل فيها، لذلك يجب أن تكون الحكومة الجديدة حذرة في الوفاء بوعودها تجاه المساعدات الغربية وعدم وضع كل بيضها في سلة المساعدات الغربية.
على سبيل المثال، في 14 أيلول (سبتمبر) 2021، أعلن منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل تعليق العقوبات المفروضة على لبنان بعد تشكيل حكومة لبنانية جديدة، ولكن في قرار الاتحاد الأوروبي الصادر في 19 سبتمبر بشأن لبنان، حذر الأوروبيون علنًا من "تظل العقوبات المستهدفة خيارًا في مقابل أي عرقلة أو تقويض للعملية السياسية الديمقراطية". وألقى القرار باللوم على حزب الله في موقفه التدخلي والسياسي باعتباره أحد أسباب عدم الاستقرار والفساد في لبنان، فيما كانت تصرفات الحزب، وخاصة في السيطرة على أزمة الوقود، من أهم العوامل في تشكيل اتفاق لتشكيل حكومة جديدة، وتخفيف العبء، وحظيت بتأييد الرأي العام. أرسل جريجوري ميكس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الامريكي، إلى جانب مجموعة من 24 عضوًا آخر في الكونجرس، رسالة إلى وزير الخارجية أنطوني بلينكن في موقف غامض دون الإشارة إلى الدور السلبي للعقوبات الاقتصادية الأمريكية على الاقتصاد اللبناني على الاقتصاد اللبناني. وحذر من تصاعد الاضطرابات وضرورة تحرك أميركي عاجل ومهم لتخفيف معاناة الشعب اللبناني ومنع الانهيار الاقتصادي للبلاد. اقترحت الرسالة على بلينكن أن يتبع أربع خطوات، بما في ذلك وضع خطة إنقاذ للحكومة اللبنانية المقبلة، وتخصيص الأموال لاحتياجات المستضعفين، واتخاذ خطوات لضمان تجنب سيطرة حزب الله على الجيش اللبناني، والتحقيق في انفجار مرفأ بيروت. في الواقع، ما يفعله الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة هو إظهار الدعم المباشر للشعب اللبناني بالتوازي مع فرض عقوبات على الأفراد والمؤسسات، بشكل كان له في السنوات الأخيرة تأثير سلبي على الحياة اليومية للمواطنين اللبنانيين واحتياجاتهم الأساسية.
تكرار تجربة الأمل الكاذب للأخ الأكبر
من بين تفاؤل الحكومة اللبنانية الجديدة بشأن الدعم الخارجي، يبدو أن الاهتمام بإحياء العلاقات بين بيروت والدول الغنية في الخليج الفارسي له مكانة خاصة في أولويات السياسة الخارجية لحكومة ميقاتي. وقال أمس ان "الحكومة ستتخذ كل الاجراءات اللازمة لاستئناف العلاقات المقطوعة مع الاشقاء العرب". وقال ميقاتي في وقت سابق "لبنان بلد صغير في العالم العربي ويسعى إلى دعم أخيه الأكبر وكل الدول العربية للخروج من الأزمة". ويظهر هذا الموقف أن رئيس الوزراء الجديد، مثل الحريري، يعتبر دعم دول الخليج الفارسي، وخاصة السعودية، ضروريًا للمضي قدمًا في خططه لحل الأزمة، بحيث يستخدم مصطلح "الأخ الأكبر" لتبرير الإجراءات الممكنة إرضاء السعوديين في المستقبل.. صغير (ربما يعني غير قادر على حل المشاكل داخلياً ويحتاج إلى دعم).
أولاً، يُظهر موقف السعوديين، منذ تعيين ميقاتي لتشكيل الحكومة، أن الرياض غير مستعدة لتغيير نهجها السابق لمعارضة حزب الله في السلطة وقطع دعمها المالي، وأن السعوديين يرون الحكومة لبنانية جديدة، نسخة من الحكومة اللبنانية عام 2011 وحكومة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق حسان دياب.
ثانيًا، يمكن أن تقوض مثل هذه المواقف القدرة المحلية على حل المشكلات، وتشجع الحكومات الأجنبية على ممارسة الضغط وزيادة التدخل الذي قد يضر ببقاء الحكومة الجديدة. إن التجربة الأخيرة في خلق ازدهار دولي للبنان بعد حل أزمة الوقود والاتفاق على تشكيل حكومة أظهرت بوضوح أن الانفتاح الخارجي يعتمد قبل كل شيء على ترسيخ الوحدة الوطنية والقوة.