الوقت- بالتزامن مع جرائم الإعدامات الميدانية التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق أبناء فلسطين، وفي تعليقها على اعتداء العدو الصهيونيّ على الفلسطينيين في جنين واستشهاد العديد من الشبان، أدانت رئاسة السلطة الفلسطينية جريمتي الاحتلال في القدس وجنين، وحملت حكومة العدو الإسرائيليّ وأذرعه المختلفة المسؤوليّة الكاملة والمباشرة عن تلك المجزرة، فيما تناست حكومة رام الله أنّها فتحت كل أبواب التعاون مع تل أبيب، واستخدمت جميع الأساليب الإجرام والاستجداء ضد شعبها الذي يعاني من منهجها الخانع الذي يعتبر مقاومة الغزاة أمراً خاطئاً.
وفي الوقت الذي قالت فيه إنّه على المجتمع الدوليّ مغادرة مربع الصمت وإدانة عمليات الاغتيال الإسرائيليّة، تغاضت السلطة المعروفة برضوخها عن مدى تأثير تعاونها مع القتلة في إراقة دماء الأبرياء، حيث إنّ الخنوع لم يجلب للسلطة الفلسطينيّة سوى الخيبة والهزيمة والاستحقار أمام العدو الصهيونيّ، الشيء الذي أسقطتها من قلوب الفلسطينيين وجعلتها أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته.
وإنّ ثمار العلاقات مع العدو واستمرارها بالتنسيق الأمنيّ معه يعود على الفلسطينيين بالموت بشتى الطرق الوحشيّة، إضافة لوقوفها في وجه توحيد الصف الفلسطينيّ لمنع تحدي الاحتلال الغاصب وعرقلة مقاومة التطبيع والتهويد والضم والاستيطان المتصاعد، ما يعني أنّ إدانة وزارة الخارجية الفلسطينية لمجزرة الاحتلال في القدس وجنين لا يعدو عن كونه كلام لا طائل منه، خاصة أن السلطة تخدم أجندة العدو الاستعماريّة كما لو أنها العدو ذاته.
وبعد أن خذلت السلطة الفلسطينيّة الشعب الفلسطينيّ وأعادت غرز خنجر الحقد الصهيونيّ والخيانة العربيّة في ظهر قضيّتهم، أكّدت أن هذه المجزرة تُعد امتداداً لمسلسل الانتهاكات والجرائم والإعدامات الميدانيّة المتواصلة بحق الفلسطينيين، والتي ترتقي إلى مستوى "جرائم حرب" والجرائم ضد الإنسانية، كجزء لا يتجزأ من جريمة التطهير العرقيّ التي تمارسها الحكومات الصهيونيّة المتعاقبة في إطار حربها المفتوحة على الوجود الفلسطينيّ.
ورغم أنّ حديث السلطة حول أن جرائم العدو هي ترجمة للمواقف والتصريحات التي يطلقها علناً المسؤولون الصهاينة لنشر ثقافة الكراهيّة والعنصريّة والاحتلال ومعاداة الشعب الفلسطيني والتنكر لحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، إلا أنّ انخراطها مع العدو الغاصب ضد أبناء فلسطين وعلى كافة المستويات وبالأخص الأمنيّة منها، هو سبب رئيس في فقدان السلطة الفلسطينيّة المتخبطة في قراراتها للشرعية بالنسبة للفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى.
وإنّ الجرائم الإسرائيليّة الأخيرة تحمل رسائل شديدة الوضوح للفلسطينيين، الأولى هي أنّ أرواحكم ليست مهمة بالنسبة لنا، وأنّ "الأبارتايد الإسرائيليّ" أو نظام الفصل العنصريّ سيبقى تهديداً حتى إنهاء سرطان الاحتلال، والرسالة الأخرى هي أنّ كل الاتفاقات التي نوقعها مع السلطة الفلسطينيّة لا تعدو عن كونها حبر على ورق العدو المسيطر، في الوقت الذي يجب أن يكون التنسيق بين السلطة وبقية الفصائل الفلسطينيّة من أجل تحدي الاحتلال القاتل ومقاومة التطهير العرقي التهويد والضم والاستيطان المستمر.
ومع الاستخفاف الصهيوني الفاضح بأرواح الفلسطينيين، طالبت الرئاسة الفلسطينية في ختام بيانها، محكمة الجنائية الدولية بسرعة البت بتحقيقاتها بجرائم الاحتلال الدموية، وصولاً لمحاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة، ويرى الفلسطينيون أنّ تلك الجريمة المروعة تُضاف إلى ملف الإجرام الكبير للكيان الصهيونيّ العنصريّ الذي لم يترك نوعاً من "جرائم الحرب" إلا واستخدمه ضد أصحاب الأرض والمقدسات بدءاً من تعذيب الأسرى أو إساءة معاملتهم أو إعدامهم، ومروراً بالجرائم الموجهة ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم الشخصية وتهجيرهم قسريّاً، وليس انتهاءاً عند التعذيب والإبادة الجماعيّة بمختلف الأساليب.
ومن الجدير بالذكر أنّ حركة "فتح" التي يرأسها رئيس السلطة محمود عباس اعتبر مجزرة الاحتلال الإسرائيلي في القدس وجنين انعكاساً لطبيعة المنظومة الإجرامية القائمة على الإرهاب والمجازر وسفك دماء المواطنين الفلسطينيين الأبرياء، محملة حكومة العدو المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة التي ترتقي إلى مستوى جريمة حرب بحق مدنيين فلسطينيين عزل أبرياء.
وفي هذا الشأن، طالبت فتح دول العالم بيقظة ضمير ولو لمرة واحدة، والنظر في المجازر والاغتيالات وعمليات الإعدام الميداني التي تنفذها سلطات العدو، باعتبارها دلائل وبينات دامغة على نهج ما يسمى دولة "إسرائيل" القائمة منذ إنشائها على سفك دماء الشعب الفلسطينيّ، مشدّدة على أن إغفال المجتمع الدوليّ لقضية اخضاع المنظومة الصهيونيّة للقانون الدوليّ، يشجعها على ارتكاب المجزرة تلو الاخرى بحق الفلسطينيين، وبالفعل فإنّ الجرائم الصهيونيّة بحق الفلسطينيين تتزايد ويوماً بعد آخر، بسبب صمت العالم والمنظمات الدوليّة المعنية بحقوق الإنسان، على الانتهاكات البشعة للعدو الباغي، وهذا ما يدفعه إلى التمادي في ارتكاب الجرائم الوحشيّة بحق الأبرياء، في الوقت الذي يتعرض فيه الكيان الصهيونيّ المستبد لانتقادات دائمة حول العنصرية و خروقات حقوق الإنسان التي تتم في الأراضي المحتلة الموجهة ضد الفلسطينيين.
خلاصة القول، لا يخفى على أحد أنّ العدو المجرم يسعى لتغييب كافة القرارات الدوليّة بفرضه سياسة الأمر الواقع على الفلسطينيين واستباحته لأرواح الفلسطينيين، وخرقه الفاضح لكل القوانيّن والمواثيق الدوليّة المتعلقة بحقوق الإنسان، في إصرار واضح من حكومة العدو على قتل آخر رمق للسلام الذي يتحدث عنه البعض وبالأخص المطبعون، لهذا فإنّ الحل الأوحد هو حشد جهود المقاومين لإزالة هذا السرطان.