الوقت- تعتمد مصر بشكل مباشر على قطاع السياحة لتوفير ما تحتاجه من العملة الصعبة لتعزيز الدخل قومي، بالاضافة إلى العائدات التي تجنيها من عبور السفن عن طريق قناة السويس، وذلك بسبب إفتقارها للموارد الطبيعية الرئيسية لاسيما النفط لسد هذه الحاجة.
وما تملكه مصر من غاز طبيعي لايكاد يسد إلاّ جزءاً بسيطاً من احتياجاتها المادية، ولهذا دأبت حكوماتها المتعاقبة على الاهتمام بقطاع السياحة للتعويض عن هذا النقص، مستفيدة من الموروث التاريخي الكبير الذي تتمتع به البلاد في هذا المجال.
وبسبب الهجمات الإرهابية المتكررة والتي إزدادت وتيرتها خلال السنوات الأخيرة تعرضت السياحة المصرية إلى هزات كبيرة نتيجة إحجام الكثير من السياح الأجانب عن التوجه إلى هذا البلد، خصوصاً بعد الهجمات التي استهدفت المراكز السياحية في مدينتي شرم الشيخ والغردقة، والانفجار الأخير الذي تعرضت له الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء وأدى إلى مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 شخصاً.
ويشعر المسؤولون المصريون بالقلق إزاء الوضع السياحي في بلادهم في الوقت الراهن، خصوصاً بعد قرار بريطانيا توقيف رحلاتها الجوية إلى مصر بعد حادث انفجار الطائرة الروسية.
وأعلنت هيئة السياحة الروسية أن 93 طائرة غادرت البلاد إلى مدينتي شرم الشيخ والغردقة المصريتين لإعادة السیاح الروس إلى وطنهم، حيث لايزال نحو 80 ألف سائح روسي عالقين في مصر بعد إلغاء موسكو جميع رحلاتها الجوية إلى هذا البلد في الأيام الأخيرة.
وصرح العديد من المسؤولين المصريين بأن خسائر كبيرة ستلحق بالاقتصاد المصري في حال عدم عودة السياح الروس، مشيرين إلى أن عائدات القطاع السياحي في البلاد وصلت إلى أكثر من 8 مليارات دولار سنوياً، أي ما يعادل 11 % من الناتج المحلي الإجمالي.
كما أعلنت وزارة السياحة المصرية بأن السياح الروس في مصر والبالغ عددهم نحو 3 ملايين سائح سنوياً يشكلون حوالي 70 % من مجموع السياح الوافدين إلى البلاد من مختلف أنحاء العالم.
وتشير الاحصاءيات المتوفرة إلى أن احتياطي مصر من العملة الصعبة تقلص من 36 مليار دولار إلى 17 مليار دولار منذ ثورة شباط / فبراير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، على الرغم من الدعم الذي تتلقاه مصر من بعض الدول النفطية العربية لاسيما السعودية والإمارات مقابل دعمها لمواقف هذه الدول في العديد من القضايا بينها موقفها من جماعة الاخوان المسلمين والعدوان السعودي المتواصل على اليمن.
وخلال الفترة المذكورة تراجع معدل النمو في الاقتصاد المصري من 7% إلى 2% نتيجة انعدام الاستقرار السياسي وتخلخل الوضع الأمني في البلاد والذي أدى إلى تراجع قطاع الاستثمار الداخلي والخارجي والذي وصل إلى درجة قريبة من الصفر بعد أن كان يساوي نحو 11 مليار دولار قبل عام 2011، في حين تراجعت عائدات السياحة من 14 مليار دولار سنوياً في عام 2010 إلى أقل من 6 مليارات دولار سنوياً عام 2013.
ويعتقد الكثير من المراقبين أن سياسة الحكومة المصرية الحالية التي يقودها عبد الفتاح السيسي والتي سعت إلى إنهاء دور الإخوان المسلمين في المجتمع على الصعيدين السياسي والفكري تسببت بدفع هذه الجماعة إلى العمل السري والتحاق الكثير من عناصر المعارضة بالجماعات المتطرفة والمسلحة لاسيما في صحراء سيناء والتي تسعى إلى اسقاط حكومة السيسي.
ونجمت عن هذه التطورات آثار سلبية كثيرة بينها تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية والتي أدت بدورها إلى انحسار نشاط قطاع السياحة الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد المصري كما أسلفنا.
ويعتقد المتابعون للشأن المصري أن المصالحة الوطنية بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية المصرية هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد من التدهور قبل فوات الأوان لاسيما في الجانب الإقتصادي ، وإلاّ فإن التطورات الحالية لاتحمل في طياتها بشائر تدلل على إمكانية حل هذه الأزمة في المستقبل القريب.