الوقت- بعد ان انتصر حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه احمد داود اوغلو في الانتخابات البرلمانية التركية اصبح هذا الحزب الذي حصل على 316 مقعدا برلمانيا قادرا على تشكيل الحكومة لوحده لكنه لايستطيع تغيير الدستور لوحده لانه يحتاج الى 330 صوتا في البرلمان، فما هي اسباب انتصار حزب العدالة والتنمية والى اين ستسير الأمور؟
لقد وعد حزب العدالة والتنمية الشعب التركي في عام 2002 بالازدهار الاقتصادي كما وعدهم في عام 2005 بالازدهار السياسي وكانت ذروة اعمال هذا الحزب هو اتفاق السلام مع حزب العمال الكردستاني في عام 2012 لكن حزب العدالة والتنمية اختار في النهاية شن الحرب على حزب العمال الكردستاني تحت ذريعة مجريات الحرب التي تدور في سوريا من اجل كسب اصوات الجماعات القومية في تركيا وكذلك اصوات الاكراد الاسلاميين في الانتخابات البرلمانية حيث اختار الشعب التركي التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية بسبب الحالة الامنية المتردية والحرب المندلعة.
ويمكن لنا ان نعتبر التدهور الاقتصادي الذي شهدته تركيا بعد الجولة السابقة من الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من يونيو سببا آخر لفوز حزب العدالة التنمية حيث استفاد هذا الحزب من انخاض قيمة العملة التركية وسقوط مؤشر البورصة لكي يطرح نفسه كمنقذ اقتصادي وهكذا صوت الناخبون لحزب العدالة والتنمية على امل عودة الأمور الى مجراها.
اما التعامل الاوروبي وخاصة التعامل الالماني مع تركيا فقد ساهم ايضا في رفع رصيد حزب العدالة والتنمية فالاوروبيون وخاصة الالمان دخلوا في مفاوضات مع تركيا بسبب ازمة اللاجئين السوريين وكانت هذه المفاوضات لصالح حزب العدالة والتنمية الذي استغلها اعلاميا ودعائيا.
وقد تأخرت اوروبا ايضا في اصدار تقريرها عن الاوضاع التركية وأجلت ذلك الى ما بعد الانتخابات التركية وهذا كان لصالح حزب العدالة والتنمية كما قامت اوروبا بطرح عدة مقترحات على تركيا لحل مشكلة اللاجئين السوريين منها الغاء تأشيرات الدخول للمواطنين الاتراك الراغبين بالسفر الى اوروبا ودعم تركيا بثلاثة مليارات يورو وعودة مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي.
ويمكن الاشارة هنا ايضا الى قيام حزب العدالة والتنمية بشراء اصوات زعماء العشائر الكردية فالاكراد لم يكونوا متوحدين لدعم الاحزاب الكردية في الانتخابات وقد استغلتهم الاحزاب الاخرى مثل حزب العدالة والتنمية لكسب اصواتهم وقام حزب العدالة والتنمية باستمالة رؤساء العشائر الكردية التي منحت اصواتها لحزب العدالة والتنمية وحجبتها عن حزب الشعوب الديمقراطية الذي عجز عن كسب اصوات العشائر الكردية.
ورغم هذا كله هناك عدة اشكاليات هامة ورئيسية في اداء حزب العدالة والتنمية فهذا الحزب لم يغيير نهجه في الحكم رغم اندلاع الثورات العربية في عام 2011 ولم يتحرك نحو ارساء الديمقراطية في المجتمع التركي واشراك الاقليات القومية والطائفية في الحكم، كما يجب القول ان اداء حزب العدالة والتنمية تجاه سوريا والازمة الدائرة فيها كان اداء سلبيا جدا وهذا اثبت بأن شعار داود اوغلو بتصفير المشاكل مع دول الجوار لم يكن الا شعارا فارغا يخفي وراءه استراتيجية هجومية وشرسة لاترحم دول وشعوب الجوار.
ان دعاة وانصار الديمقراطية في تركيا ينظرون الان بقلق بالغ الى المستقبل المظلم للديمقراطية في بلادهم وهم يعلمون بأن السلام مع الاكراد ايضا بات في مهب الريح و ان اردوغان اصبح يتمتع بالقدرة الكافية ليزيد من حجم الاستبداد في تركيا ويضع الشروط المسبقة امام اية مطالب شعبية وديمقراطية.