الوقت - برأت محكمة في نيجيريا الشيخ إبراهيم الزكزاكي، زعيم الحركة الإسلامية النيجيرية، وزوجته من جميع التهم في 28 يوليو/تموز 2021، بعد قرابة 6 سنوات من السجن والتعذيب والظلم التي تعرضا له.
أصيب الشيخ إبراهيم الزكزاكي بجراح واعتقل من قبل الجيش النيجيري في 13 كانون الأول 2015، نتيجة هجوم الجيش النيجيري على حسينية بقية الله ومنزله الخاص.
وقال الجيش النيجيري إن الاعتقال جاء نتيجة محاولة من أنصاره لاغتيال رئيس أركان الجيش النيجيري في منطقة زاريا، لكن الآن وبعد ست سنوات من قيام الحكومة النيجيرية مرارًا بعرقلة الإفراج عن الزكزاكي لتلقي العلاج الطبي، أمرت محكمة في نيجيريا بالإفراج عنه هو وزوجته.
يمكن اعتبار قرار هذه المحكمة النيجيرية في الوضع الحالي حدثًا مهمًا في طريق براءة القيادة الشيعية النيجيرية، ويمكن تحليل آثار وانعكاسات هذا القرار في مجالين مهمين.
الطبيعة السياسية لاعتقال وسجن الشيخ الزكزاكي
إن إطلاق سراح الشيخ إبراهيم الزكزاكي وتبرئته الكاملة من جميع التهم، يُظهر بوضوح أنه كان قرارًا سياسيًا منذ بداية سجن زعيم شيعة نيجيريا، وبناءً على مؤامرة داخلية وخارجية مشتركة لقمع الحركة الإسلامية النيجيرية بشكل منهجي.
ولنكون أكثر دقةً، يمكن اعتبار اعتقال الزكزاكي نتيجة الإجراءات السياسية وغير القانونية للحكومة النيجيرية ضد الشيعة في هذا البلد. حتى على مستوى آخر، في قضية سجن قائد شيعة نيجيريا والحكم غير الواقعي للمحكمة في عام 2015، يمكن رؤية دور السعودية والإمارات في تحريض الحكومة النيجيرية بوضوح.
لقد أثارت الزيادة الكبيرة في عدد الشيعة في نيجيريا في السنوات الأخيرة، من ناحية، حساسية السلطات في أبوجا، ومن ناحية أخرى، رد فعل مضاد من الأنظمة العربية الرجعية بقيادة السعودية.
من الجدير بالذكر أن الشيعة النيجيريين هم أكبر جماعة شيعية في القارة الأفريقية من حيث عدد السكان، حيث يقدر عددهم بنحو 7 ملايين نسمة في عام 2008.
تنتمي الحركة الإسلامية النيجيرية لشيعة هذا البلد، ويقودها الشيخ إبراهيم الزكزاكي، الذي يتولی هذه المسؤولية منذ حوالي 30 عامًا، أي عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، عشق الزكزاكي الإمام الخميني(رحمه الله) وطريقه، وجاء إلى إيران بعد سنوات، وعندما عاد إلى نيجيريا بزي رجال الدين، دعا إلى التشيع في منطقتي زاريا وكانو.
ترحيب الرأي العام النيجيري بالشيخ الزكزاكي على مدار السنوات الماضية أثار مخاوف المتطرفين داخل البلاد، وأدى في نهاية المطاف إلی اعتقال زعيم هذه الفئة من السكان في عام 2015 بقرار غير قانوني. حتى أثناء اعتقال الشيخ الزكزاكي، استشهد 500 شيعي على يد الجيش النيجيري.
وفي السنوات القليلة الماضية أيضًا، أثارت الحالة الجسدية المتدهورة للشيخ الزكزاكي في السجن قضية إطلاق سراحه لتلقي العلاج الطبي في وسائل الإعلام، ودعت جماعات حقوق الإنسان مرارًا وتكرارًا إلى إطلاق سراح زعيم شيعة نيجيريا، لكن الحكومة النيجيرية هي التي عارضت هذه الخطوة.
وهذا يدل بوضوح على أن معارضة الشيعة واعتقال الشيخ إبراهيم الزكزاكي، كانا نتاج إرادة سياسية معادية للشيعة ولم يکن لهما أساس حقيقي أو قانوني.
خطوة أبوجا الإيجابية في التقريب بين المذاهب
من الواضح أن الشيخ إبراهيم الزكزاكي وأتباعه وقعوا ضحية الإجراءات السياسية والمؤامرات الإقليمية في السنوات الأخيرة. ولا شك أن قرار الحكومة النيجيرية بمهاجمة وقمع الشيعة لم يکن بأي حال من الأحوال قرارًا داخليًا، ويمكن اعتبار الأيدي الأجنبية المحرك الرئيسي لهذه الأحداث.
فبينما لعب المجتمع الشيعي النيجيري والحركة الإسلامية بقيادة الشيخ الزكزاكي، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية ومساعدة الفقراء، دورًا کبيرًا في نشر التسامح والتعايش السلمي بين الأديان والمذاهب والسلام في نيجيريا، ولکن على العكس من هذا التيار، نفذت الجماعات التكفيرية مثل بوكو حرام مجموعةً متنوعةً من الأعمال العنيفة والإرهابية على مدى العقدين الماضيين، على أساس الأيديولوجية الوهابية التي ترعاها وتمولها السعودية.
في الواقع، وضعت جماعة بوكو حرام على جدول أعمالها معارضة الشيعة وأي قيم إنسانية، ورفض المجتمع النيجيري بشدة آراءهم الرجعية بشأن الإنجازات العلمية مثل كروية الكوكب الأرضي أو تجريم التعليم العام، وخاصةً للفتيات.
ولا شك أن الدول الموالية للوهابية مثل السعودية، قد لعبت الدور الأهم في تعزيز وتقوية متطرفي بوكو حرام، ومن الواضح أن العمليات الإرهابية لهذه المجموعة، وخاصةً في المناطق الشمالية الشرقية لنيجيريا، خلقت مشاكل كبيرة للحكومة النيجيرية.
وبالتالي، فإن مثل هذا الوضع يتطلب من الحكومة النيجيرية تعويض قرارها السياسي الخاطئ بمعارضة الشيعة والإفراج عن الشيخ الزكزاكي. کما يمكن أن يكون لهذا التحرك من قبل المحكمة النيجيرية على المستوى الابتدائي تأثير إيجابي للغاية على التقريب بين المذاهب، وانتقال هذا البلد إلى التعايش السلمي بين الأديان.
کذلك، فإن الإجراء الجديد للمحكمة النيجيرية في الأمر بالإفراج عن الزعيم الشيعي لهذا البلد، يمكن أن يكون له تأثير إيجابي للغاية على تحسين وتعزيز مستوى العلاقات الثنائية بين أبوجا وجمهورية إيران الإسلامية.