الوقت- في ظل السياسات العدوانيّة تجاه دول محور المقاومة وبالأخص من الناحية الإعلامية، لما تحققه من فوائد للدول المعادية وكيانها الصهيونيّ الغاصب، بالتزامن مع الحروب الإعلاميّة الشعواء ضد وسائل الإعلام التابعة لمحور المقاومة في المنطقة، شدّد الأمين العام لحزب الله اللبنانيّ، السيد حسن نصرالله، على ضرورة تطوير الخطاب الإعلاميّ الخاصّ بمحور المقاومة، بالتوازي مع تحقيق الإنجازات في مختلف جبهات هذا المحور، في الوقت الذي دأبت فيه بعض وسائل الإعلام العربيّة والغربيّة على شيطَنة المقاومة العربية والإسلاميّة، وجعلها أساساً لكل الشرور والإحباطات والفشل الذي لازم سياسات الحكومات الفاشلة المهزومة في صراعها مع العدو الصهيوني القاتل، أو تلك المُتحالفة معه، الكارِهة بطبيعتها ودورها لقِيَم المقاومة وأهدافها النبيلة.
ورداً على المحاولات الإعلاميّة المعادية لشيطنة وتشويه الصورة الحقيقيّة لمحور المقاومة والأحرار في العالم، دعا السيد حسن نصر الله، في كلمة في افتتاح مؤتمر "فلسطين تنتصر" إلى تجديد الخطاب الإعلاميّ للمقاومة وإدارة المواجهة، كما في المواجهة العسكريّة، لأنه في المواجهة مع العدو الصهيونيّ والهيمنة الأمريكية، لا يجوز تفكيك المواجهة"، وخاصة مع ازدواجية المعايير التي تنتهجها أمريكا في تعاملها مع القضايا العربيّة والإسلاميّة والدوليّة والتي تشجع وتحرض بشكل مخيف على الفوضى والعنف.
وبالتزامن مع الدعم اللامحدود للإرهاب والتطرف في المنطقة من قبل بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة، بيّن السيد نصر الله أنّ الخطاب الإعلامي في محور المقاومة يستند إلى حقّ الشعب الفلسطينيّ في أرضه، وحق سوريا في جولانها، قائلاً: "أيّاً تكن معايير الحق فسنجدها في القضية الفلسطينية، وفي الخطاب الإعلاميّ لمحور المقاومة"، حيث إن العدو الباغي هو الذي أدخل الإرهاب إلى المنطقة من خلال المنظمات الإرهابيّة المعروفة، وهو الذي يمارس كل فنون الحرب الإعلاميّة لتزييف الحقائق وإضفاء الشرعيّة على الكيان اللقيط.
وفي الوقت الذي توفر فيه الولايات المتحدة كل الأسباب للحروب بالوكالة مع محاولة إظهار نفسها على أنّها "الحمل الوديع" عبر وسائل الإعلام المخادعة، أوضح الأمين العام لحزب الله أنّ إعلام المقاومة يستند إلى انتصارات محوره، وإلى فرضه قواعد الاشتباك على الصهيونيّ والأمريكي، وهو "لا ينثر قصائد شعر على الأطلال، بل قصائد انتصارات"، وأكّد أنّ الصدقُ في نقل الخبر والوقائع والحقائق من أهم نقاط إعلام محور المقاومة، حتى بات العدو يثق بإعلام المقاومة أكثر مما يصدّق قادته، مضيفاً إنّ الصدق في الوعد هو ما ميّز المقاومة، لأنها كانت صادقة وواقعية في كلّ وعودها منذ انطلاقتها، وضمن إمكاناتها وظروفها، فالمقاومة عندما وعدت بالتحرير حققته، وعندما وعدت بعدم ترك الأسرى في السجون خاضت الحروب لتحريرهم، والمقاومة في قطاع غزة المحاصر بدأت معركتها بالدفاع عن القدس المحتلة لتصنع معادلة جديدة.
وبعد أن أصبحت الدعاية الإعلاميّة فناً مهماً ومؤثراً من فنون الترويج، وأضحت أكثر تعقيداً وتطوراً، مع انتشار وسائل الإعلام المتنوعة والتقدم الهائل في مختلف العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة التي تسهم مساهمة مباشرة في انتشار الدعاية بأساليبها ومضامينها المختلفة، أشار السيد نصرالله إلى أنّ إعلام المقاومة ساهم في صنع الانتصار عبر استناده إلى الوقائع والحقائق والدراسات والأبحاث، منوهاً بأنّ المقاومة لم تكن تستند إلى الأوهام والأكاذيب في حرب المقاومة النفسيّة، وأنّ إعلام المقاومة يتميّز بتأييد شعبيّ ومتنوع كبير، سواء من حيث الفكر والعقيدة والقوميّة والأعراق.
وعلى هذا الأساس، ذكر أنّ وسائل إعلام المقاومة تجمعها القدس ومقدّسات فلسطين ومظلومية الشعب الفلسطينيّ، الأمر الذي يجعل القاعدة تجتمع على الحق في مواجهة الظلم، وأنّ الهيمنة الأمريكية تقف عائقاً أمام الدول لأنها قائمة على سلب القرار والخيرات، وهي تحمي العدو الصهيونيّ، ولا يمكن تحرير فلسطين بمعزل عن هذه الهيمنة، فالهيمنة الأمريكيّة حوّلت كل الإمكانات في المنطقة لمصلحة تل أبيب.
وفي هذا الخصوص، تدرك الدول المعادية جيداً حجم توجه الرأي العام في المنطقة والعالم نحو الإعلام المؤيد للمقاومة، لذلك وسعت نطاق حربها المفتوحة ضد هذه الوسائل، لهذا أشاد السيد نصر الله بالإنجازات الكبيرة لإعلام المقاومة في العقود الأخيرة، داعياً إلى التأسيس عليها من أجل التطور، وتبادل التجارب والخبرات في الإعلام والاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعيّ.
وعقب أيام على حجب 33 موقعاً إلكترونيّاً يستخدمها اتحاد الإذاعات الإسلاميّة، و 3 مواقع تابعة لكتائب حزب الله في العراق، أضاف قائد المقاومة اللبنانيّة أنّه يمكن للعدو إنزال الفضائيات، لكنه لا يمكن وقف مواقع التواصل الاجتماعي، لذا، يجب الاستفادة منها، وأوضح أنّ وسائل التواصل استطاعت أن تشارك في صنع الانتصارات للمقاومة، مؤكّداً وجود حرب إعلامية ضد المقاومة وتسخّر مليارات الدولارات لتشويهها، حاثّاً على وضع خطة إعلامية لمواجهة التزوير والتحريف.
إضافة إلى ذلك، ألقى نصر الله الضوء على قضية بعض الإعلام الخليجي الذي بات ينظر لأحقية العدو في فلسطين، وللتركيز على قوته، والعمل أيضاً على تشويه صورة المقاومين، عبر إلصاق بعض التهم بهم، وتسميتهم بتسميات غير حقيقية، وطلب المساعدة والجهد الخاص، من أجل تكريس المعادلة الإقليميّة الجديدة لحماية العاصمة الفلسطينيّة المحتلة، وأشار إلى أن المقاومة في قطاع غزة المحاصر أرادت أن تضع غزة في مقابل القدس، ونحن نريد أن نضع المنطقة كلها في مقابل القدس، وهذا ليس كلاماً للاستهلاك الإعلاميّ، وإنما هذا كلام جديّ، وعندما يعلم الصهاينة بأنّ تهديد المدينة المقدّسة سيؤدي إلى حرب كبرى سيعيدون النظر، وسيطلق هذا معادلة ردع، ونحن نعمل على تشبيك عناصر القوة لهذه المعادلة.
في النهاية، بالفعل أصبح الخطاب الإعلاميّ المقاوم بحاجة ماسة لأن يكون متطوراً بشكل أكبر، لمواجهة حرب الترسانة الإعلاميّة التحريضيّة والعدوانيّة التي تقودها بعض القنوات المعروفة في التوجه والتبعيّة، وخاصة بعد أن كسب إعلام المقاومة مصداقية وفاعلية كبيرة من خلال تناوله ومعالجته للقضايا المهمة والمصيريّة.