الوقت - بعد حوالي أسبوعين من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر في قطاع غزة في 21 مايو 2021، أصبحت بعض مدن الضفة الغربية يوم الجمعة الماضي، بما في ذلك نابلس والقدس، مسرحًا لاشتباكات الفلسطينيين مع المحتلين الإسرائيليين.
وبحسب التقارير، قام الکيان الصهيوني بقمع واعتقال 48 فلسطينياً في الموجة الجديدة من الاعتداءات.
يشير مصطلح "فلسطينيو 48 أو فلسطينيو الداخل " أو عرب الأراضي المحتلة، إلى الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948. ويطلق الکيان الصهيوني على هؤلاء الفلسطينيين اسم "عرب إسرائيل".
الاشتباكات الجديدة وقعت بعد أن خرج الفلسطينيون في جنوب نابلس وشرق قلقيلية وغرب رام الله في مسيرات سلمية الجمعة الماضي، مطالبين بوقف أعمال الاستيطان الجديدة لتغيير التركيبة السكانية لأحيائهم؛ الأمر الذي أدی إلی تدخل شرطة الکيان الصهيوني بعنف.
وقد وردت أنباء عن إصابة 293 فلسطينياً خلال المواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية.
الموجة الجديدة من الاشتباكات أثارت بين المراقبين السياسيين تكهنات بأن الموجة الجديدة من وقف إطلاق النار في قطاع غزة ستفشل وتنهار على الأرجح، ومن المحتمل أن تکون هناك جولة جديدة من الاشتباكات بين المقاومة والجيش الإسرائيلي.
لكن السؤال الرئيس الذي يطرح نفسه هو، ما هي أهداف الصهاينة من موجة التصعيد الجديدة؟ وهل هذا الکيان قادر على بدء جولة جديدة من الصراع أم لا؟
محاولة الصهاينة التستر على الأزمة وعدم قبول الهزيمة في ساحة المعركة
يمكن اعتبار الهدف الأول والأهم للکيان الإسرائيلي في الجولة الجديدة من تصعيد العنف والاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين، على أنه محاولة تل أبيب للتغلب على الأزمة الداخلية والتستر على هزيمتها في حرب الـ 11 يومًا في قطاع غزة.
لقد تکبَّد الكيان الصهيوني هزيمةً قاسيةً على يد قوات المقاومة في حرب الـ 11 يومًا الأخيرة على غزة، والتي كان لها تداعيات واسعة على الصعيدين الداخلي والعالمي.
لذلك، يبدو أن الكيان الصهيوني يسعى الآن إلى محو هذه الهزيمة من الأذهان عبر خلق الأزمات، وصرف انتباه الرأي العام عن هذه الهزيمة.
وفي هذا الصدد، بدأ الكيان الصهيوني في الأسبوعين الماضيين موجةً جديدةً من الأنشطة من أجل تهجير الفلسطينيين قسراً من حي سلوان وسط مدينة القدس، بل لجأ إلى العنف أيضًا، وتشير التقارير المنشورة إلى إصابة 23 مواطناً بجروح.
على صعيد آخر، تشير التقارير إلى أن الصهاينة وضعوا تحليق طائرات من دون طيار فوق أجواء غزة على جدول الأعمال في الأيام الأخيرة.
وطبعاً أطلقت المقاومة في الساعات الأخيرة من صباح الخميس والجمعة الماضيين عدة أعيرة نارية باتجاه أسراب طائرات مسيرة إسرائيلية حلقت على ارتفاعات منخفضة في أجواء غزة وشمالها.
ووفقًا لشهود عيان، كانت الطائرات من دون طيار صغيرة الحجم وذات إضاءة خفية، والتي تم تحديدها لاحقًا على أنها مروحيات رباعية.
وقد حلقت هذه الطائرات المسيرة في أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح(الشرق) ومخيم الشاطئ وتل الهوى والرمال(الغرب) وشمال جباليا وبيت لاهيا وحي الكرامة. ويقال إن عدد الطائرات المسيرة تراوح بين 20 و 50، واستطاعت المقاومة إسقاط بعضها.
كما وضع الصهاينة على جدول أعمالهم في الأيام الماضية عملية العرقلة في تنفيذ التزاماتهم بشأن تبادل الأسرى بين الکيان وحماس تحت الرعاية المصرية.
ومجموع هذه العملية يظهر بوضوح أن الصهاينة ينفذون هذه الموجة من العرقلة وخلق الأزمات، بهدف التستر على أزماتهم والهروب من قبول خسارتهم في ساحة المعركة.
جهود نتنياهو لكسب نقاط من خلال خلق أزمات
الهدف الخفي الآخر للجولة الجديدة من خلق الأزمات والتوترات في فلسطين المحتلة، يمکن اعتباره المحاولة الأخيرة لرئيس وزراء الکيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للبقاء في السلطة بعد أن تولی هذا المنصب منذ 12 عاماً.
في الحقيقة، إن نبأ إبرام الاتفاق بين نفتالي بينيت رئيس حزب "يمينا" ويائير لبيد زعيم حزب "يش عتيد" ياش عتيد، لتشكيل حكومة ائتلافية في الکيان الصهيوني، قد قلص آمال نتنياهو في الحفاظ على السلطة إلى الحد الأدنى.
وفي مثل هذه الظروف، يدرك هو وقادة حزب الليكود بوضوح أن أي استقرار في الوضع السياسي سيکون لمصلحة تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وأي أزمة يمكن أن تمهد الطريق لفشل الحكومة الائتلافية الجديدة.
ولذلك، تم أخذ هذه الفرضية في الاعتبار أن نتنياهو وحزب الليكود في الوضع الحالي يسعيان على الأرجح لكشف النقاب عن أوراقهما الأخيرة لهزيمة تحالف لبيد - بينيت. حتی يعتقد بعض المراقبين أن نتنياهو يخطط لبدء جولة جديدة من الصراع للبقاء في السلطة.
عجز الكيان الصهيوني عن بدء حرب جديدة
على الرغم من وجود دوافع كافية لدی نتنياهو وحزب الليكود لبدء جولة جديدة من الاشتباكات في قطاع غزة، إلا أن كل الأدلة الميدانية تظهر أنه بسبب تفشي الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و ...، فإن الكيان الصهيوني غير قادر على بدء حرب جديدة.
في الواقع، أي حرب جديدة هذه المرة يمكن أن تكون هزيمةً لتل أبيب أكبر بكثير من حرب 11 يومًا، ويمكن حتى قراءتها على أنها انتحار للکيان.
وکما أکد "يحيى السنوار" رئيس حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة: "خلال حرب الأيام الـ 11 الأخيرة في غزة، مقاومة العدو أثبتت أن للمسجد الأقصى مدافعون أقوياء وأن الدفاع عن الحرم هو هدف استراتيجي؛ وفي المعركة الأخيرة، شكّلت انتفاضة أهل الضفة والداخل عامل ضغط على الاحتلال أكبر من الصواريخ على أهميتها. کذلك، إن تفجر معركة جديدة بين المقاومة والاحتلال الصهيوني ستغير شكل الشرق الأوسط الذي سيكون غير الشكل الذي عليه الآن، ولن يتحمل الكيان الصهيوني أي هجوم حقيقي. وما حدث كان مناورة لتقييم قوتنا، ولسنا بحاجة إلى حرب لنرى الوجوه الضعيفة للصهاينة."