الوقت- مع تصاعد إرهاب الكيان الصهيونيّ بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، تحول تطبيق الفيديو "تيك توك" إلى منتدى لإظهار إجرام وعنصريّة الصهاينة، حيث يتمتع الموقع الصينيّ بجمهور واسع، معظمهم من فئة الشباب، مع ما يقدر بنحو 700 مليون مستخدم نشط شهرياً من جميع الدول، وقد انتشرت صور ومقاطع فيديو كثيرة للهجمات الإسرائيليّة العدوانيّة والاحتجاجات الفلسطينية، وتعدّ موجة الاستبداد الصهيونيّ الأعنف منذ عام 2014، بالتزامن مع ذكرى الـ73 لنكبة 15 أيار، والتي هُجر فيها نحو مليون فلسطينيّ من مدنهم وبلداتهم الأصلية، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في 1300 قرية ومدينة، فيما احتلت العصابات الصهيونية حينها 774 قرية ومدينة فلسطينية، وتم تدمير 531 منها بالكامل وطمس معالمها الحضاريّة والتاريخيّة، وما تبقى تم إخضاعه إلى العدو الغاشم وقوانينه.
بعد أسابيع من بدء اعتداء شرطة العدو الصهيونيّ على الفلسطينيين في محيط المسجد الأقصى، وانتقال قوات العدو إلى مراحل أشد إجراماً في القصف والقتل والتدمير، اشتعلت "حرب إلكترونيّة" بين الفلسطينيين والصهاينة على تيك توك، لكنها عرت بالفعل الإسرائيليين وكشفت حقيقتهم الإجراميّة التي يعترفون بها بأنفسهم، وقد بدأت تلك الحرب بمجرد انتشار مقاطع الاحتجاج على محاولة سلب منازل الفلسطينيين في الشيخ جراح بالقدس المحتلة، ونشر المستخدمون في جميع أنحاء العالم مقاطع فيديو تحت وسم #SaveSheikhJarrah، في إشارة إلى التهديد بنهب منازل العائلات الفلسطينية التي يقطنون بها منذ عقود طويلة.
وبما أن سهولة استخدام تيك توك وشعبيته الهائلة تسمح بالانتشار السريع والواسع لمحتواه، فقد كسب الفلسطينيون معركتهم النبيلة التي تهدف أولاً وأخيراً إلى فضح منهجية العدو الدمويّة، لأن إنشاء فيديو من خلال التطبيق أمر بسيط للغاية، بحيث يمكن لأي شخص بدءا من سن 12 إلى 90 عامًا أن يقوم بذلك بنفسه، دون الحاجة إلى قدر كبير من الذكاء التقنيّ، ما ساعد بشكل كبير في توثيق الإجرام الصهيونيّ.
ولاقت مقاطع الشهداء من الأطفال والنساء واعتداءات المستوطنين والدمار الهائل في الأبنية انتشاراً لا مثيل له، بسبب ترويج مستخدمي تيك توك مشاركاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك، انستغرام، وتويتر، حيث حصد فيديو يُظهر أشخاصاً يفرون من الهجمات الصهيونيّة في غزة 44 مليون مشاهدة عبر تيك توك، فيما حظي فيديو آخر يُظهر أطفالاً فلسطينيين يبكون بسبب تدمير مبنى شاهق في غزة، بأكثر من 1.5 مليون مشاهدة.
وبسبب النشاط الفلسطينيّ المُبهر على مواقع التواصل الاجتماعيّ وبالأخص تيك توك لإيصال رسالتهم السامية إلى العالم، لم ينجح مؤيدو الكيان الغاشم في تشويه الحقيقة، لأسباب كثيرة أهمها أنّ الكيان هو المعتدي بالمُطلق ولا يملك أي برهان لإبعاد صفة الإجرام عن نفسه فشتان بين القاتل والمقتول، وخاصة في ذكرى النكبة التي شهدت أكثر من 70 مجزرة نفذتها العصابات الصهيونيّة، التي أمدتها بريطانيا بالسلاح والدعم عام 1948، كمجازر دير ياسين والطنطورة، وأكثر من 15 ألف شهيد.
ويأتي هذا "الانتصار الإلكترونيّ" رغم طلب وزير الحرب الصهيونيّ، بيني غانتس، من فيسبوك وتيك توك حذف تلك المنشورات للتخفيف من ردة الفعل العالمية على الجرائم الصهيونيّة التي بدأت منذ 1948 وهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطينيّ من بيته وأرضه لمصلحة إقامة "الدولة اليهودية" المزعومة، الشيء الذي أدى إلى تدمير ومحو 531 بلدة وقرية، لإنشاء مستوطنات للصهاينة على أراضيها، كما احتُلت المدن الكبيرة وشهد بعضها معارك عنيفة وتعرضت لقصف إجراميّ أسفر عن تدمير أجزاء كبيرة منها، ومنها اليوم ما تحول إلى من يسكنها المحتلون فقط.
في النهاية، الفلسطينيون هم أصحاب حق ولا يستطيع الصهاينة ومن يدعمهم حجب الشمس بغربال منذ نشوء الدولة المزعومة على أنقاض فلسطين المحتلة، حيث إنّ العدو الصهيونيّ الباغي احتل 78% من مساحة فلسطين التاريخيّة (27000 كيلو متر مربع)، وذلك بدعم من الاستعمار البريطانيّ تنفيذا لوعد بلفور المزعوم عام 1917 (تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين)، والدور الاستعماريّ في اتخاذ قرار التقسيم، (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، الذي عملت الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على استصداره)، ثم جاءت النكسة وتوسع الاستيطان والتهجير، وسيطر الاحتلال على أكثر من 85% من مساحة فلسطين، ليقسم سرطان الاحتلال الوطن العربيّ إلى جزأين ويمثل المصالح الأمريكيّة والغربيّة في المنطقة العامرة بالخيرات.