الوقت- في الأشهر الأخيرة، حاولت تركيا وقف تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" في ضواحي مدينة مأرب من خلال نقل إرهابيي تنظيم القاعدة من سوريا إلى اليمن، لكنها فشلت ولهذا فإنها تقوم في وقتنا الحالي باستبدال إرهابيي القاعدة بإرهابيي "داعش". ولقد وصف تقرير صدر أواخر العام الماضي مغامرة تركيا في الأزمة اليمنية، مستشهدا بجهود "أردوغان" لإرسال مئات الإرهابيين المدعومين من أنقرة من الأراضي السورية المحتلة إلى أطراف مدينة مأرب. وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن حزب الإصلاح (فرع من جماعة الإخوان المسلمين في اليمن) طلب المساعدة من أنقرة ولهذا فقد بذل مسؤولو المخابرات التركية قصارى جهدهم خلال الفترة الماضية لزيارة المناطق المحتلة في محافظة إدلب في سوريا شخصيًا والتشاور مع كبار قادة الجماعات الإرهابية. وكانت نتيجة هذه اللقاءات والمفاوضات المكثفة التي عقدت في ذلك الوقت، الاتفاق على تدريب عدة عناصر من الجماعات الإرهابية، بما في ذلك من جبهة النصرة (الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا) للانتقال إلى خطوط الصراع في أطراف مدينة مأرب وطبعا تعهدت تركيا في تلك المفاوضات بدفع كل التكاليف لتلك الجماعات الإرهابية.
ووفقاً لبعض المعلومات التي تم الكشف عنها في نهاية شهر مارس الماضي، فقد تم ارسال ما لا يقل عن 300 إرهابي من الأراضي المحتلة في غرب سوريا إلى المناطق التي يسيطر عليها قوات تحالف العدوان السعودي في اليمن وتم اعطاؤهم رواتب شهرية تبلغ حوالي 2000 دولار لكي إرهابي لوقف تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله". الجدير بالذكر أن الحكومة التركية حسنت في الأشهر الأخيرة علاقاتها المتوترة مع النظام السعودي، مبينة استعدادها لوجود ميداني في اليمن، ومن خلال نقل الإرهابيين الذين تدعمهم إلى محافظة مأرب، تحاول أنقرة إنقاذ حزب الإصلاح من الهزيمة في هذه المدينة الاستراتيجية. إن فشل الإرهابيين المرسلين من سوريا إلى المناطق الغربية لمأرب (أهم قواعد حزب الإصلاح والسعوديين في اليمن) ووصول المعارك إلى مرحلة حرجة ووجود أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" بالقرب من بوابات مأرب، جعل تركيا تبحث عن مغامرة جديدة.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أنه منذ بداية العدوان السعودي الإماراتي على أبناء الشعب اليمني قبل خمس سنوات ونيف، بذلت تركيا الكثير من الجهود للدخول على خطّ الأزمة من بوابة عدن، والزعم بحرصها على مصالح الشعب اليمني، لكن العديد من دول المنطقة ترى أن تركيا تعمل على تنوّع في أساليبها ومساعيها للتوغل في اليمن، تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية، والسلال الغذائية للفقراء والمحتاجين. وتزعم تركيا أنها تريد الدخول إلى اليمن من أجل مساعدة الشعب اليمني والوقوف إلى جانبه في محنته جراء ظروف الحرب التي يعيشها منذ أكثر من خمسة أعوام، والتي تسببت في تشريد الملايين من منازلهم وارتفاع المجاعة بشكل غير مسبوق.
ولفتت تلك التقارير إلى أنه في تطور لافت لسلسلة التدخلات التركية في المنطقة، تجاوزت مساعدات أنقرة خلال السنوات الماضية لجناح الإخوان في اليمن مرحلة التمويل المادي، إلى إرسال ضباط دخلوا بشكلٍ سري لمساعدة ميليشيات إخوانية تنتشر وتنشط في محافظات تعز ومأرب وشبوة وأجزاء من محافظة أبين، تحت الغطاء الإنساني، وبهويات بديلة تخفي هوياتهم الأصلية وأسماءهم، وتسهّل لهم الوصول دون لفت الأنظار، والهدف هو السيطرة على منطقة "باب المندب"، وإيجاد قدم لها في تلك المنطقة المهمة. ولفتت تلك التقارير الاخبارية إلى أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية تمكنوا خلال الاشهر القليلة الماضية من دك حصون الإخوان المسلمين في اليمن وعدد من الجماعات الإرهابية في عدد من المحافظات ولا سيما في محافظات البيضاء ومأرب وتمكنت من طردهم من المناطق التي كانت خاضعة تحت سيطرتهم وتحريرها.
وقبل عدة أيام كشفت العديد من وسائل الاعلام الغربية والعربية أن أنقرة تحاول اللعب بورقة جديدة يبدو أنها تسعى بها إلى صب الزيت على نار الحرب المتأججة أصلا في اليمن، وإنقاذ جبهة الإخوان والعناصر الإرهابية، من خسائر تكبدتها في محاور القتال مع أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، وذلك عبر نقل الإرهابيين الذين يقاتلون معها في سوريا، يرى مراقبون أنه لم يعد سرا تزايد حجم الدعم التركي لحزب التجمع اليمني للإصلاح في اليمن، إذ زادت أنقرة من وتيرة تهريب الأسلحة والأموال إلى الإخوان في الفترة الأخيرة. كما كثفت من إرسال عناصر الاستخبارات التركية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الإصلاح، وتدريب مئات من عناصر الجماعة داخل أراضيها، وسط تزايد حجم الخطاب الإعلامي الداعم للجماعة من خلال القنوات الإخوانية التي تبث من إسطنبول.
إن الخوف من كسر خطوط الدفاع الأخيرة وفقدان مدينة مأرب، وهو ما يعني تقليص النفوذ السياسي والعسكري والابتعاد عن دائرة صنع القرار لحزب الإصلاح في اليمن، دفع الحكومة التركية إلى الاستنتاج هذه المرة أنه ينبغي استبدال إرهابيي القاعدة الذين فشلوا في مأرب بإرهابيي داعش وإرسالهم من سوريا إلى اليمن للدفاع عن ما تبقى من قوات حزب الاصلاح اليمني في مدينة مأرب. وبحسب المعلومات التي تم الحصول عليها، فقد تم نقل عدد من إرهابيي داعش إلى جانب عناصر أخرى من الجماعات الإرهابية إلى الأراضي التركية من المناطق المحتلة في سوريا (شمال محافظة حلب ووسط وشمال محافظة إدلب) ثم تم نقلهم من الأراضي التركية إلى المناطق التي لا تزال خاضعة تحت سيطرة حزب الاصلاح اليمني "الاخوان المسلمين" في مدينة مأرب.
وبحسب مصادر ميدانية، فإن قوات حزب الإصلاح هي المسؤولة عن نشر عناصر تنظيم داعش الإرهابي على مختلف جبهات الصراع، وخاصة في الضواحي الغربية والجنوبية لمدينة مأرب، ولقد تم ذلك في الخفاء لتفادي أنظار وسائل الإعلام. لكن في الأيام الأخيرة، نُشر شريط فيديو لـ "صلاح باجبع" المعروف بـ "أبو صفية"، وهو قائد إرهابي بارز معروف، أعلن فيه عن دخوله إلى اليمن لمقاتلة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله". الجدير بالذكر أن هذا القيادي الإرهابي الكبير ارتكب جرائم بحق الشعب السوري وقوات الجيش منذ عدة سنوات وبقي في تركيا لبعض الوقت وعاد الآن إلى اليمن لوقف زحف أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" على أطراف مدينة مأرب، لكن التطورات تدل على أن حزب الاصلاح و الإرهابيين الآخرين لم ينجحوا في تحقيق انتصارات في ميدان المعركة.
ومن ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن الإرهابي "أبو صفية" ومئات من إرهابيي القاعدة وداعش الآخرين الذين تم إرسالهم إلى مأرب من تركيا إلى ساحة المعركة في اليمن، تم إرسالهم سابقًا إلى تركيا من قبل تحالف العدوان العبري الغربي العربي وقبل ذلك تم إرسالهم إلى سوريا. وبحسب بعض التقارير الاخبارية، فإنه مع نشر هذا الفيديو، لم يعد بإمكان أنقرة إنكار هذه القضية وعدم تحمل المسؤولية، ولهذا فإننا نقول بالنسبة لكل من شكك في تصرفات تركيا، أنه أصبح واضحًا ما كان يدور وراء الكواليس. وفي الختام يمكن القول إن تبعات تورط تركيا في ملف اليمن كبيرة جداً في حد ذاتها، وهذا سيؤدي إلى مواجهة أكثر خطورة بين محور الإخوان في المنطقة والمحور السعودي الإماراتي المصري، وهذا سيزيد من حساسية مصر والسعودية والإمارات فيما يتعلق بتحركات تركيا، التي يشار إليها باسم التحركات التي تهدف إلى تقويض الأمن العربي.