الرياض اليوم، وبعد حوالي الـ7أشهر على الدخول في حرب مباشرة عبر
عدوانها القائم على الشعب اليمني، دون أن تحقق عمليتها العسكرية أياً من أهدافها
الموسومة، تتخذ خطوات تدريجية للإنسحاب من سياسة الحرب بـ"الأصيل" نحو
الوكيل، وبالتالي الإعتماد على قدرات خارجية في عدوانها على اليمن.
لاريب في أن السعودية، ومنذ اليوم الاول للعدوان، حاولت إستجداء العديد من الدول بدءاً من مصر ووصولاً إلى باكستان، إلا أنه رغم فشل وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان في إقناع هذه الدول، مضى في العدوان الذي غابت عنه الأفق منذ الأشهر الأولى، إلا أن الهمجية السياسية السعودية صبّت في إطار تأمين هامش زمني أكبر للعدوان، والعمل على إفشال ومحاربة أي حل سياسي للأزمة اليمنية.
من "الأصيل" إلى الوكيل
إلأ أن المقاومة اليمنية التي زرعت اليأس في نفوس «آل سعود» وحلفائهم، دفعت بالرياض للعودة مجدداً إلى الوكيل، وهذا ما شاهدناه في الأسبوع الأخير للعدوان، حيث تزامن إبطال السعودية لمؤتمر "جنيف2" حول اليمن، مع إستقدامها حوالي 6000 مرتزق من السودان لتأمين الوضع في مدينة عدن.
لم يكتف تحالف العدوان بالخطوة السعودية في جلب مرتزقة السودان، بل شاطرتها الإمارات الأمر نفسه حيث وقّعت أبو ظبي اتفاق مع شركة "بلاك وتر" الامريكية لتجنيد مرتزقة وارسالهم الى جنوب اليمن. رغم نفي قيادة المنطقة العسكرية اليمنية الرابعة في عدن، إلا أن موقع راديو «RCN» الكولومبي، ذكر أن «800 عنصر من الجيش الكولومبي السابق سوف يخدمون في اليمن بعد اجتيازهم عملية اختبار صارمة»، لافتاً «أنه مع نهاية شهر تشرين الاول الحالي سيكونون ضمن قوات التحالف في مدينة عدن». من جانبه، أفاد رئيس جمعية الضباط المتقاعدين للقوات المسلّحة الكولومبية «أكور»، الجنرال المتقاعد خايمي رويز، في مقابلة مع الإذاعة نفسها، أن «الأمر ليس جديداً، فهم أرسلوا جنوداً سابقين مراراً وتكراراً إلى بلدان اخرى»، مشيراً إلى أن الاتفاق أبرم بعيداً عن السلطات الكولومبية.
أبرز الدلالات:
إن إنتقال السعودية بشكل تدريجي نحو سياسة الحرب بالوكيل، تميط اللثام عن جملة من الدلالات السياسية والعسكرية، أبرزها:
أولاً: إن إستخدام تحالف العدوان لمنظمة "بلاك ووتر" التي تقدم خدمات أمنية وعسكرية وتمنح مجنديها حصانة من الملاحقات القضائية، تعتبر فضحية جديدة لكافة دول العدوان، خاصةً أنها تستخدمهم تحت مسمى جنود كولومبيين وليس مرتزقة "بلاك ووتر".
ثانياً: إتهمت السعودية سابقاً حركة «أنصار الله» وحلفائها بأنهم ليسوا عرب، فهل مرتزقة "بلاك ووتر" هم العرب، أم أن السودان كانت مهد العروبة والتاريخ لم يكتب ذلك. في الحقيقة، إن الخطوة السعودية والإماراتية الأخيرة، تكشف للرأي العام العربي والإسلامي والعالمي أحقية اللجان الشعبية اليمنية من جهة، وتفضح إدعاءات الرياض من جهة آخرى.
ثالثاً: وعلى الصعيد العسكري، رغم أن السعودية أبرمت صفقات بعشرات المليارات من الدولارات لتعزيز قدرة "جيش التنابل"، إلا أنها فشلت وبمؤازرة العديد من الدول الإقليمية في تحقيق أهدافها ضد الشعب اليمني، وهذا ما دفعها لإستئجار مرتزقة أجانب. في الواقع، تسعى الرياض من خلال إعتمادها على مرتزقة السودان و"بلاك ووتر" لتحقيق أي إنتصارات ميدانية قادرة على إعادة بحاح إلى مدينة عدن، فضلاً عن الرئيس المستقيل والفار إلى السعودية عبد ربه منصور هادي.
رابعاً: إن تزامن وصول مرتزقة أجانب لمحاربة الشعب اليمني، مع الحديث عن الحوار ومؤتمر جنيف2 الذي عطلته الرياض، تؤكد مجدداً رفض الأخيرة لأي حل سياسي للأزمة، حتى تستخدم كافّة أورقها، والتي باتت "ورقة المرتزقة" آخرها. ربّما تعود الرياض بعد فشل خطوة "المرتزقة" الأخيرة، إلى الطاولة السياسة مُكرهةً.
خامساً: لا تخلو هذه الدعوة، وبالتحديد من شركة "بلاك ووتر"، التي تعتمد مبدأ "أقتل ثم تأكد إن كان هو العدو" شعاراً لعملياتها القتالية من تصفية الحساب الداخلية لدول العدوان. "بلاك وتر" التي تستخدم سياسة حرب العصابات وتضم فرق إغتيال، قد تنفذ جملة من الإغتيالات لقياديين من فصائل مختلفة بهدف تهيئة الميدان لوجود قوة نفوذ واحده على أراضي عدن.