الوقت- من المرجح أن ينتهي وقف إطلاق النار الهش الذي كان ساري المفعول منذ الأيام الأخيرة للحرب الأهلية الأوكرانية في عام 2015 قريبًا، مع استئناف الأعمال العدائية في شرقي هذا البلد.
خلفية بداية الحرب الأهلية الأوكرانية
منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 وانفصال أوكرانيا عن روسيا، كانت العلاقات بين البلدين إيجابيةً ووديةً، واستمر استخدام العديد من الصناعات العسكرية والاقتصادية للاتحاد السوفيتي السابق من قبل الاتحاد الروسي، وكانت الحكومة في كييف شريكًا استراتيجيًا لروسيا.
لكن تدريجيًا، مع سياسات التدخل الغربية وعقيدة "التوسع نحو الشرق" لحلف الناتو، والتي تؤكد على قربها من الحدود الغربية لروسيا، وصل السياسيون المؤيدون للغرب إلى السلطة تدريجيًا في أوكرانيا.
وقد أدى ذلك إلى علاقة باردة ومتوترة إلى حد ما بين موسكو وكييف، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. لكن انتخابات عام 2010 وانتصار الرئيس الموالي للكرملين "فيكتور يانوكوفيتش" بشَّر بفصل جديد في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
من جهة أخری، فإن توقيع اتفاقيات عسكرية واقتصادية واسعة النطاق، وسجن "تيموشينكو" الناشطة السياسية المعارضة للحكومة والمعارضة لـ يانوكوفيتش، مع وجود وكلاء ومستثمرين غربيين في أوكرانيا، دفعت الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى السعي لتغيير الوضع السياسي في أوكرانيا من خلال انقلاب ناعم.
وفي فبراير 2014، وجد الغرب والمعارضة المناهضة للحكومة في أوكرانيا ذريعةً جيدةً للانقلاب والإطاحة بيانكوفيتش، وهي أن رئيس أوكرانيا يعارض اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي.
الاحتجاجات الواسعة في الشوارع والهجمات على المباني الحكومية في المدن الغربية والعاصمة الأوكرانية، أدت في النهاية إلى الإطاحة بالحكومة وهروب فيكتور يانكوفيتش إلى روسيا وطلب المساعدة منها.
ومنذ بداية مارس 2014، نظمت ولايات شرق أوكرانيا، مثل "دونيتسك" و"لوهانسك" و"شبه جزيرة القرم"، الموالية للشرق ولروسيا تقليدياً، مظاهرات حاشدة تدين الانقلاب المدعوم من الغرب ضد حكومة أوكرانيا الشرعية.
تدريجياً، فقدت الحكومة الأوكرانية وجيشها السيطرة على هذه المناطق، وانتشرت الميليشيات المحلية والقوات الروسية فيها. ومع هجوم الجيش الأوكراني علی الجزء الشرقي من البلاد، بدأ قتال عنيف استمر لمدة عام أسفر عن سقوط آلاف الضحايا وتشريد مئات الآلاف من المدنيين، ما أدى إلى كوارث كبيرة مثل إسقاط طائرة بوينج 777 الماليزية رقم MH17 فوق الجزء الشرقي من البلاد.
وأخيرًا، انتهت الحرب الأهلية الأوكرانية مؤقتًا باتفاق وقف إطلاق النار في فبراير 2015.
دونباس.. نار تحت الرماد!
على الرغم من أن المناطق الشرقية من أوكرانيا لم تشهد الكثير من الصراع في السنوات الست الماضية منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، باستثناء الاشتباكات المحدودة، ولکن كان هناك مواقف حادة في الأيام والأسابيع الأخيرة من قبل المسؤولين من كلا الجانبين وتحرکات عسكرية واسعة النطاق إلی هذه المناطق، تشير إلى احتمال استئناف القتال العنيف بين الجيش الأوكراني والميليشيات الانفصالية في دونباس.
في الأيام الأخيرة، قام وفد عسكري من حلف شمال الأطلسي بقيادة الجنرال "روجر كلوتير" قائد القوات البرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) بزيارة أوكرانيا، وأثناء تقييم أوضاع خطوط الصراع شرقي هذا البلد، شدد على دعم الناتو للجيش الأوكراني في استعادة أراضيه.
أزمة مياه الشرب في شبه جزيرة القرم
بحسب مصادر محلية، واجهت منطقة شبه جزيرة القرم، الخاضعة للسيطرة الروسية منذ 2014 والصراعات الداخلية في أوكرانيا، أزمة نقص في موارد مياه الشرب في الأسابيع الأخيرة. وحالياً، تم تقنين وتوزيع الموارد المائية في هذه المنطقة على السكان، 5 ساعات في اليوم و 5 ساعات في الليل.
في الماضي، عندما كانت شبه جزيرة القرم تحت سيطرة الحكومة الأوكرانية، تم توفير المياه من خلال قناة متصلة بنهر "دنيبر"، على بعد 60 كم شمال شبه الجزيرة، ولكن بعد انفصال هذه المنطقة عن أوكرانيا، أوقفت الحكومة نقل المياه عبر هذه القناة.
الزيادة في سکان شبه جزيرة القرم، التي تضم قوات روسية في المنطقة وبعض اللاجئين الأوكرانيين في الشرق، إلى 500 ألف جندي، أدت إلى تفاقم أزمة نقص المياه.
كان نهر دنيبر جزءًا من خطة روسية أكبر بعد التدخل في نزاع أوكرانيا، لإنشاء ما يسمى بـ "روسيا الجديدة" وضم منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، ولکن بعد الضغوط والعقوبات الشديدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية على روسيا، فإن هذه الخطة نصف منتهية، ومنذ عام 2015 لم يطرأ أي تغيير علی المناطق الواقعة تحت سيطرة الجانبين.
تعتقد بعض المصادر أن أزمة نقص المياه في شبه جزيرة القرم، نظرًا للأهمية الاستراتيجية للمنطقة بالنسبة لروسيا، يمكن أن يكون سببًا لصراعات جديدة في شرق أوكرانيا، وجهود موسكو والميليشيات المدعومة منها للاستيلاء على 60 كيلومترًا من شبه جزيرة القرم حتى نهر دنيبرو.