وفي مقابل جميع هذه المعاملات السيئة من قبل جيران إيران،
فقد ظلت الأخيرة لم تفوت أي فرصة للاقتراب من جيرانها العرب، وذلك ليس من باب
الضعف، بل إنطلاقا من تعالیم الدين الإسلامي التي تؤكد علی وحدة الإمة الإسلامية.
ومن يبحث في عداء الانظمة العربية تجاه إيران، فانه لم يجد الاسباب المقنعة لهذا
العداء، بل يجد أن عداء هذه الأنظمة لإيران، مبني علی الإتهامات السياسية والمذهبية،
دون أن تؤكد المعلومات علی الأرض هذه الإتهامات.
قبل عدة أيام، نشرت صحيفة «العرب» وهي المعروفة بعداءها لإيران ومحور المقاومة، بحكم
الأموال التي تتلقاها من قبل دول الإنبطاح وعلی رأسها السعودية، نشرت تقريرا تحت
عنوان «روسيا تتطلع إلى دعم عربي للحد من نفوذ إيران في سوريا»، وكما هو واضح من
العنوان، زعمت هذه الصحيفة أن الأنظمة العربية باتت تفکر بدعم روسيا في سوريا، علی
حساب إيران وحزب الله، اللذان يدعمان الجيش السوري في حربه ضد الإرهاب. هذه
المزاعم من قبل هذه الصحيفة التي تعتبر ناطقا رسميا للأنظمة العربية المعادية لإيران،
تعبّر بوضوح عن تخبط الأنظمة العربية في تصرفاتها تجاه إيران وكذلك تشير الی أن
هذه الأنظمة، باتت العوبة متنقلة بيد أمريكا والكيان الإسرائيلي وحديثا علی مايبدو،
العوبة جديدة بيد روسيا.
ووفقا للتقرير المشار الیه آنفا، يزعم الكاتب أن الأنظمة العربية تری أن دعم روسيا
من قبل هذه الأنظمة، أفضل لها من إزدياد نفوذ إيران في سوريا!. ويقول المقرب من
دائرة صنع القرار في السعودية، اللواء «أنور عشقي»، إن «الحضور الروسي في سوريا له
أوجه إيجابية، على رأسها أن أي قرار نهائي يتعلق بالنظام (السوري) سيكون في موسكو وليس
في طهران»، مضيفا أنه «آجلا سيقوم الروس بإزاحة التأثير الإيراني الكبير من سوريا،
لذلك أعتقد أنه من المهم أن ندعم روسيا في مقاومة هؤلاء الإرهابيين وإزاحتهم عن الساحة».
ونظراً لهذا العداء الجاهر من قبل الأنظمة العربية تجاه إِيران، يسأل الكثير من
المراقبين عن أسباب هذا العداء، حتی وصل الأمر بهذه الانظمة الی التحالف مع الكيان
الإسرائيلي ضد إيران. ولمعرفة هذه الأسباب، فان الأنظمة العربية تروج الی أن لدی إيران
مشروع طائفي ومذهبي في المنطقة، اي أنها تدعم المشروع الشيعي لفرض سيطرتها علی
الدول العربية في المنطقة!. لكن الحقيقة لا تتماشی مع هذه الإتهامات المعادية لإيران
علی الاطلاق.
ولم تكن إيران في يوم من الأيام تؤمن بالمشروع الطائفي او المذهبي علی حساب المذاهب الاخری، بل كانت ولازالت إيران ضحية المشاريع الطائفية والمذهبية التي تروج لها الأنظمة العربية ضد إيران. ودعم الفصائل الفلسطينية السنية وعلی رأسهما حركتا الجهاد الإسلامي وحماس من قبل إيران، لمواجهة الكيان الإسرائيلي، يعتبر خير دليل علی أن المشروع الإيراني في المنطقة، ليس مشروعا طائفيا او مذهبيا.
وتستمر الأنظمة العربية بعدائها هذا تجاه إيران، بالرغم من محاولات إيران في لم شمل جميع الدول العربية والإسلامية لدعم الشعب الفلسطيني وتخليصه من الإحتلال الإسرائيلي، لكن للاسف فان جميع هذه المحاولات من قبل إيران تواجه مشروعا معاكسا من قبل جيرانها العرب، ونعني الأنظمة وليس الشعوب، لانه لا شك أن إيران تحظی بمكانة سامية لدی جميع الشعوب العربية. ورغم جميع المؤامرات التي جرت علی الشعب الإيراني وثورته الإسلامية، فقد ظلت وستبقی إيران داعما للشعوب العربية خاصة الشعب الفلسطيني واللبناني، في نضالهم المقدس تجاه كيان الاحتلال الإسرائيلي.
إذن، فانه لا حقيقة لاتهامات الانظمة العربية لإيران، بانها تعزف علی وتر الطائفية في المنطقة، والسبب الرئيسي في عداء هذه الانظمة لإيران، يعود الی أن الاخيرة تحاول أن تكون نموذجا يحتذی به من قبل الشعوب العربية والإسلامية في مجال الإستقلال وعدم التبعية للقوی العالمية، وهذا ما يتعارض تماما مع مشروع الأنظمة العربية، المبني علی الخضوع والرضوخ والإستسلام والخنوع المطلق الی قوی الهيمنة العالمية، خاصة أمريكا.
