الوقت - في تاريخ 20 يناير عام 2014 أشار قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي، إلى نقاط مهمة في رسالة موجهة إلى شباب أوروبا. حيث تضمن محتوى الرسالة تحذيرات من توجهات الغرب وسلوكه السياسي وخاصة أمريكا، إضافة إلى توعية الرأي العام في الغرب تجاه مسؤوليته لمعرفة الإسلام بشكل مباشر دون أي وسيط.
النقطة التي يمكن تسليط الضوء عليها في المحتوى القيم لهذه الرسالة، ويمكن حتى استخدامها كخارطة طريق ووثيقة تاريخية، هي أنه في ذلك العام، كانت هناك تحذيرات من التطورات والأحداث التي يمر بها العالم في هذه الأيام.
ففترة ما بعد الانتخابات الأمريكية هي الفترة التي تم التحذير من حدوثها مرات عديدة وفي أوقات مختلفة وبطرق مختلفة.
رغم قبول غالبية الرأي العام تقريبا تلك التحذيرات، كان يمكنهم جيدا فهم أن الوصفة الغربية للشعوب قد فشلت وفسدت، إلا أن تطورات السنوات القليلة الماضية وخاصة أزمة كورونا واضطرابات الانتخابات الأمريكية أظهرت بشكل أسرع مما كان متوقعاً الوجه الفاسد والحقيقي لتلك الوصفة.
وهذا هو ذات السؤال الذي يطرح في مضمون الرسالة. لماذا يجب دائما ان يستيقظ الضمير العام في الغرب متأخراً عدة سنوات؟. ولماذا يتم تهميش الفكر الإسلامي، وفي كل مرة يستهدف الإرهاب والكراهية المجتمع الإسلامي والمسلمين بشدة غير مسبوقة؟ وما هو سبب تزايد الاعتداءات على المراكز الإسلامية وهوية الإسلام في أوروبا وخاصة في السنوات الأخيرة؟
يجب على مواطني أوروبا والغرب ألا يسمحوا بتقديم الإرهابيين المنظمين كممثلين للإسلام. لا ينبغي السماح للشخصيات المسيئة والسخيفة بخلق فجوة بين الرأي العام الأوروبي والواقع الرئيسي للإسلام، ولا ينبغي إنشاء حاجز عاطفي بل ينبغي رفض إمكانية الحكم المحايد.
يجب أن يتعرف الغرب على الإسلام الحقيقي دون حكم مسبق ودون وسطاء، ومن ناحية أخرى ، يجب ألا يقتصر على الحدود العقلية المصطنعة. كما إن احتكار وسائل الإعلام الغربية هو أهم سبب لعدم معرفة الغرب ومواطنيه بالإسلام بشكل مباشر.
إن الممارسات التي يتم القيام بها اليوم باسم الإسلام في العالم والمنطقة تهدف إلى تشويه صورة الإسلام ، ومن ناحية أخرى توفير الأرضية لتقديم نموذج منحرف وتقديم الإسلام البريطاني أو الأمريكي كبديل. كانت هذه مهمة داعش والجماعات الإرهابية.
وفي هذا الصدد يجيب البروفيسور "تشارلز تاليافرو" الفيلسوف البارز في مجال الأديان وهو حاليا أستاذ الفلسفة في كلية سانت أولاف في مينيسوتا بالولايات المتحدة الأمريكية. عن الأسئلة التالية:
لماذا تصاعدت سياسة الإسلاموفوبيا والكراهية ضد المسلمين في الغرب في السنوات الأخيرة؟
حتى قبل أن يصبح دونالد ترامب رئيسا، أثار الخوف من المسلمين كوسيلة لترسيخ فكره السياسي "أمريكا أولاً". بالطبع هذا الموضوع يتعارض مع عدد سكان ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف مليون مسلم أمريكي، ناهيك عن أولئك الذين يشغلون مناصب مهمة في الحكومة. ممثل ولايتي أنا في مجلس النواب، وكذلك المدعي العام الأمريكي، مسلمان. أثار ترامب الاستياء الذي كان قد وجد اثر مقتل جنود أميركيين في العراق وأفغانستان. واتهم خصومه بدعم داعش وأظهر الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشكل لا يمكن الثقة بها بشأن استخدام للطاقة النووية.
هل الرأي العام في الغرب لديه معرفة حقيقية بالإسلام؟ ومن أي مصادر يحصل على هذه المعرفة؟
في الغرب، المصدر الرئيسي للمعلومات عن الإسلام هو وسائل الإعلام، وهي مصادر غير موثوق بها على الإطلاق لأن وسائل الإعلام التلفزيونية مثل فوكس نيوز تستخدم مزيجا من الخوف والتسلية لزيادة نسبة مشاهديها. بالطبع هذا يتغير تدريجياً مع التضامن بين التربويين وقادة الطوائف الدينية المختلفة. توجد في العديد من الكنائس المسيحية حركة وطنية للتواصل مع مختلف فروع الإسلام. كما احتشد المسلمون الأمريكيون مع المسيحيين لإدانة عمليات القتل الأخيرة للسود العزل على أيدي الشرطة. كما يتجه نظام التعليم في أمريكا ببطء نحو تاريخ العالم. وفي مجالي، الفلسفة، قلل تاريخ الفلسفة تركيزه على القضايا الأوروبية الأمريكية. ويرجع ذلك جزئيا إلى حقيقة أن "الغرب" تأثر بعمق بالفكر والثقافة الإسلامية.
لماذا يقدم الغرب الإرهابيين مثل داعش كممثل للعالم الإسلامي؟
الخوف من العدو، يمكن أن يقنع المواطنين بالتصويت لأشخاص مثل ترامب، الذي تعهد قبل أكثر من أربع سنوات بمنع المسلمين من الهجرة إلى الولايات المتحدة. وتم اتهام مستشار مقرب لهيلاري كلينتون بأن له صلات بمتطرفين إسلاميين. فبدلاً من توعية الناس بعظمة الثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي، يمكن جني المزيد من الأموال من خلال الإعلانات التلفزيونية وبيع الصحف التي تكتب عن الخوف. كم هناك شخص في الغرب يعرف أن أقدم جامعة في العالم هي جامعة القرويين(بالمغرب) التي أسستها امرأة قبل وقت طويل من جامعة باريس أو أكسفورد أو هارفارد؟
لماذا تميل بنية السلطة في عالم اليوم إلى تهميش الفكر الإسلامي؟
برأيي غالباً ما تستند الثقافات والحكومات إلى فكرة الاختلاف عن بعض المجموعات. ويمكن ملاحظة ذلك في حالة بعض الأعداء التاريخيين، مثل البريطانيين والفرنسيين. في الواقع، تم ايجاد الاختلاف في الكتابة بين الكلمات الإنجليزية والأمريكية بعد الثورة الأمريكية، مثل colour و color، إلى رغبة الأمريكيين في الاختلاف عن الإنجليزية. لذلك أعتقد أنه تم القيام ببعض التهميش لخلق مفهوم حول الوطن الأمريكي، بينما نسوا أن أمريكا هي موطن لملايين المسلمين الذين يخدمون هذا البد كأطباء ومحامين وسياسيين ومعلمين ومهندسين معماريين وجنود ، وما إلى ذلك.