الوقت- بين عامي 2005 و2016 خدم أكثر من 26 ألف أسترالي في أفغانستان بينهم 3 آلاف في مجموعة مهام العمليات الخاصة ضمن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. ومنذ دخول العامل الأجنبي الى هذا البلد المنكوب والمرهق بدأت انتهاكات حقوق الانسان والاعتداءات غير الشرعية بالتتالي واحدة تلوى الاخرى.
وكانت الفضائح التي قام بها الجنود الاستراليون في أفغانستان أحد هذه الانتهاكات ولربما هي الأقل من نظيراتها التي شهدتها أفغانستان خلال تواجد هذه القوات الاجنبية على أراضيها، والخافي أعظم.
وفي عام 2018 نشرت صحيفة أسترالية تقريرا عن تحقيق داخلي أجرته وزارة الدفاع استمعت فيه لشهادات أكدت أن الجنود الأستراليين "استخفوا بحياة البشر" واستخدموا العنف خلال مهامهم في أفغانستان.
ووفقا لمدعي المحكمة الجنائية الدولية، فإن "آلاف الأفغانيين قتلوا في تلك الفترة وهناك أساس منطقي للاعتقاد، بأن جميع أطراف الصراع ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وقالت صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد في هذا الصدد، إن "أفرادا أستراليين على صلة بقوات العمليات الخاصة تحدثوا عن الاستخدام غير الشرعي للقوة خلال تحقيق سري في 2016.
ولم تشر الصحيفة إلى ارتكاب جرائم حرب أو وقوع جرائم قتل أخرى، لكنها نقلت عن الأشخاص الذين وصفتهم بأنهم على صلة بقوات العمليات الخاصة قولهم خلال التحقيق، إن الجنود "استخدموا العنف غير المشروع وغير المصرح به خلال العمليات، واستخفوا بحياة البشر".
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع الأسترالية في بيان أرسلته للصحيفة في ذلك الوقت، أنها "تأخذ كل المزاعم بشأن القوات المسلحة الأسترالية على محمل الجد، وأنها على علم بمزاعم تتعلق بقضايا مهمة تتصل بمجموعة العمليات الخاصة في أفغانستان". وما زال التحقيق الذي بدأ منذ أربع سنوات مستمراً حتى الان.
وفي الأسبوع الماضي شرعت قوات الدفاع الأسترالية في إنهاء خدمة أفراد القوات الخاصة المتورطين في ارتكاب "جرائم حرب" في أفغانستان، حسب وسائل إعلام محلية.
وقالت شبكة "إي بي سي نيوز" إن أفراد القوات الخاصة المتورطين في مقتل 39 مدنيا أفغانيا قد تلقوا إخطارات بإنهاء خدمتهم من وزارة الدفاع.
ونقلت الصحيفة عن متحدث باسم وزارة الدفاع ـ لم تسمه ـ قوله إن الوزارة "يمكنها تأكيد أنها بدأت في تطبيق إجراءات إدارية ضد عدد من أفراد قوات الدفاع الأسترالية بما يتفق مع التشريعات وسياسات الوزارة".
والأسبوع الماضي، قدم قائد قوات الدفاع الأسترالية، أنجوس كامبل، اعتذارا صريحا لشعبي أفغانستان وأستراليا، على خلفية صدور تقرير "مفجع" حول جرائم الحرب في أفغانستان.
وقال كامبل في خطاب متلفز، إن التقرير "يوثق معلومات بشأن مزاعم مقلقة للغاية بارتكاب أعمال قتل غير قانونية"، حسبما نقل موقع "نيوز أستراليا" المحلي.
و يفيد التقرير بوقوع 39 جريمة قتل غير قانونية لأشخاص على أيدي أفراد القوات الخاصة الأسترالية أو تورطهم فيها، ومعظمهم من فرقة الخدمة الجوية الخاصة.
من جهته، وصف القاضي الأسترالي بول بريريتون المعلومات الواردة في التقرير، هذه الواقعة بأنها "أكثر الأحداث المخزية في تاريخ أستراليا العسكري".
وفي أخر مستجدات هذه الأعمال ذكرت صحيفة "غارديان أستراليا" (Guardian Australia) أن جنودا أستراليين تناولوا الكحول في ساق صناعية لأحد القتلى من حركة طالبان خلال عمليات التحالف الدولي في أفغانستان.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها أن الحادثة المذكورة وقعت عام 2009 خلال مشاركة وحدة عسكرية أسترالية في عملية أمنية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في ولاية أروزكان الأفغانية.
ونشرت الصحيفة صور جنود أستراليين يتناولون الكحول في ساق صناعية يعتقد أنها تعود لأحد قتلى طالبان في العملية، فيما تظهر صورة أخرى جنديين أستراليين يلتقطان صورة مع الساق وهما في حالة سكر.
موجة سخط وردود أفعال دولية
نشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، على موقع "تويتر" يوم الاثنين الماضي صورة جندي أسترالي يضع سكينا على رقبة طفل.
وكتب المتحدث الصيني أن بلاده صدمت بقتل مدنيين وسجناء في أفغانستان على يد جنود أستراليين، وأنها تدين بشدة مثل هذه الأفعال.
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، أن حكومة البلاد تواصلت بالفعل مع السلطات الصينية، وكذلك تويتر، مطالبة بإزالة المنشور.
وأفيد في وقت سابق بأن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ، قد قال خلال إفادة صحفية يوم الاثنين إن "أستراليا بحاجة إلى التحقيق في الجرائم الخطيرة لجيشها في أفغانستان، وتقديم الجناة إلى العدالة وتقديم اعتذار رسمي للشعب الأفغاني، بدلا من الاستياء من انتقاد الدول الأخرى".
من جانبها أعلنت أفغانستان، يوم الاثنين، فتح تحقيق مع الجانب الأسترالي حول ارتكاب قوات أسترالية انتهاكات بحق مواطنين أفغان، وذلك بعد صورة نشرتها الحكومة الصينية تظهر جندي أسترالي يقتل طفلا أفغانيا.
وقالت الخارجية الأفغانية في بيان إنها "بدأت بالفعل تحقيقا بناء مع الحكومة الأسترالية حول إساءة التصرف من جانب قواتها بحق أفغان، وذلك بهدف معاقبة المسؤولين وضمان العدالة".
هذا اعتبرت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أن التزام أستراليا “بنظام عالمي قائم على القواعد لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد”، وتوقعت “ألا تتم محاسبة” هؤلاء الجنود.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال العقدين الماضيين، ارتكبت جميع القوات الأجنبية، وخاصة الجيش الأمريكي، جرائم حرب، لكن الولايات المتحدة منعت بغطرسة التحقيق في جرائمها العسكرية في أفغانستان.
وفي ذات السياق واجهت المحكمة الجنائية الدولية وجهودها للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان، إلغاء تأشيرات المدعي العام المسؤول عن الملف الأفغاني، وتحذيره وموظفي المحكمة الآخرين الذين يحققون في هذه القضية من الاعتقال في حال مواصلتهم التحقيق، ومصادرة أصول المحكمة في الولايات المتحدة وفُرض عقوبات عليها.