الوقت- المقاومة التي يقدمها ماهر الأخرس من سريره في مستشفى كابلان، لا تقل عن مقاومة أي مناضل في أرض الميدان، وكما أعاد أبطال فلسطين العزة والكرامة لبلادهم من خلال مقاومة العدو الاسرائيلي بكل الوسائل المتاحة، يفعل ماهر الأخرس ومن سبقه من شهداء وأبطال الأمعاء الخاوية الأمر ذاته، من خلال ثباتهم وإصرارهم على نيل الحرية وانتزاعها من العدو الصهيوني، فلم يقبل الأخرس جميع الوساطات الاسرائيلية ومحاولات المراوغة والالتفاف لإيقاف إضرابه عن الطعام مقابل الإفراج عنه في 26/11/2020، ولا يزال مستمراً في إضرابه المفتوح لليوم الـ 87 على التوالي رفضاً لاعتقاله الإداري، وسط تدهور شديد في حالته الصحية.
اللافت للانتباه مدى تفاعل فلسطيني الـ 48 مع الأسير الأخرس، وتنظيمهم لمظاهرات ووقفات احتجاجية، لإطلاق سراح الأخرس، حيث تظاهر عشرات النشطاء من حراك نقف معاً في ست مدن - الناصرة، حيفا، القدس، بئر السبع, طبعون ورحوفوت على مدخل مشفى كبلان به يحتجر المعتقل الإداريّ ماهر الأخرس، حيث نظمت هيئة دعم ومساندة الأسير ماهر الأخرس وقفة احتجاجية هناك.
وطالب الحراك من خلال المظاهرات بالإفراج عن الأسير الأخرس ووقف سياسة الاعتقالات الإدارية التي تنتهجها إسرائيل بشكلٍ واسعٍ في المناطق المحتلة بالضفة الغربية، كما ويشدد الحراك مجدداً على ضرورة إنهاء الاحتلال والسيطرة العسكرية والسعي نحو تحقيق السلام العادل.
هذا الأمر يشكّل ضغوطاً كبيرة على الاحتلال الإسرائيلي، ويفضح ممارساته القذرة وعدم احترامه لحقوق الإنسان كما يدّعي ويذكرنا بممارسات نظام الفصل العنصري في إفريقيا، الذي كان ينتهج نظام الاعتقال الإداري، ومع ذلك كان يمدده لمرة واحدة فقط، إلا أنّ العدو الصهيوني وبعد انهيار هذا النظام، بقي الكيان الوحيد في العالم الذي يمارس سياسة الاعتقال الإداري، ويمارس هذا النوع من الاعتقال بموجب قرارات إدارية صادرة عن سلطات الحكم العسكري دون أي غطاء قانوني، حيث يجري حجز المعتقلين وتمديد اعتقالهم لمدد تصل لعدة سنوات بطريقة تعسفية دون أن توجه للمعتقل تهمة محددة ودون تقديمه للمحاكمة بتهمة محدده بحجة أن الاعتقال يجري على أساس ملفات سرية تشكل بحد ذاتها بالنسبة لسلطات الحكم العسكري سبباً كافياً للاعتقال.
من شدة قذارة الاحتلال وانطلاقاً من معرفته بمدى تأثير ما يقوم به الأسير الاخرس، طرح أول أمس على الأسير الأخرس شفهياً نقله إلى مستشفى المقاصد بالقدس، وألا يجدد اعتقاله الإداري بعد انتهاء الأمر الحالي والإفراج عنه بتاريخ 26/11/2020، لكن الأسير رفض هذا الطرح الشفهي، وأكد مواصلة إضرابه عن الطعام ومطالبته بالإفراج الفوري عنه.
وذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن الوضع الصحي للأسير الأخرس، خطير للغاية، ويعاني حالة إعياء شديد ولا يقوى على الحركة، كما تأثرت حاستا السمع والنطق لديه.
وأشارت إلى أن حالات تشنج تصيب الأسير الأخرس، وهناك خشية من أن تتعرض أعضاؤه الحيوية لانتكاسة مفاجئة في ظل عدم حصوله على المحاليل والمدعمات، الأمر الذي يشكل خطرًا حقيقيًا يهدد حياته بعد هذه الفترة الطويلة من الإضراب.
ودعت الهيئة مؤسسات حقوق الانسان واللجنة الدولية للصليب الأحمر، للضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء اعتقاله الإداري والإفراج عنه فوراً، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية كاملة عن حياته.
على المجتمع الدولي أن يقف في وجه ممارسات الاحتلال الرجعية، والتي تذكرنا بأفعال جميع الأنظمة العنصرية التي لم تعد موجود أساساً، ولكن يبدو أن المجتمع الدولي يتصرف بازدواجية معايير في التعامل مع الحياة الإنسانية وحقوق الإنسان عندما يتصل الأمر بالسلوك الوحشي غير الإنساني، الذي تمارسه دولة إسرائيل ومحاكمها بحق الأسرى الفلسطينيين، وخاصة الأسير ماهر الاخرس.
عوضاً عن هذه الازدواجية على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولية الأذية التي يتعرض لها هؤلاء الأسرى جراء تقاعس وعجز مؤسساته الحقوقية والإنسانية عن إلزام دولة الاحتلال باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونها ومعتقلاتها، وذلك تجسيداً لثقافة المقاومة، باعتبار الإضراب عن الطعام شكلاً من أشكال المقاومة السلمية خلف القضبان، وعلى قاعدة أن الحقوق تُنتزع ولا توهب، وصوناً لكرامتهم المهانة، ودفاعاً عن مكانتهم النضالية والقانونية ومشروعية مقاومتهم للمحتل.
واذا لم يتحرك المجتمع الدولي، سيكون للفلسطينيين حلولهم وحينها لن يكون الإسرائيليون بمأمن مما سيحدث، وفي هذا الإطار هددت حركة الجهاد الإسلامي بالدخول في مواجهة عسكرية مع الاحتلال، نصرة للأسير الأخرس الذي من المحتمل أن يفارق الحياة في أي لحظة، في ظل رفض سلطات الاحتلال الاستجابة لمطالبه بالحرية.
وبشكل مباشر هددت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الاحتلال الإسرائيلي من الدخول في مواجهة عسكرية، نصرة للأسير المضرب عن الطعام، وجاء ذلك في رسالة مصورة مقتضبة بثها موقع سرايا القدس الإلكتروني، بدأت بكلمات للأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النحالة، الذي حمل فيها الاحتلال المسؤولية عن أي مكروه يمس الأسرى وخاصة الأسير ماهر الأخرس.
وتلا ذلك أن وضعت سرايا القدس صوراً للأسير الأخرس وهو على سرير العلاج في أحد المشافي الإسرائيلية يتألم من المرض الذي لحق به بسبب وضعه الصحي جراء الإضراب، ومن ثم جرى عرض صور لصواريخ تملكها السرايا، وهي معدة للإطلاق تجاه المناطق الإسرائيلية، واختتمت المقطع المصور بجملة "لن يطول صبرنا" باللغتين العربية والعبرية.